أشرف الليثى

أسامة بن لادن كلمة السر فى الانتخابات الأمريكية

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2008 11:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت تجربة فريدة ومميزة عندما تم اختيارى لتغطية الانتخابات الأمريكية السابقة التى جرت عام 2004 بين المرشح الجمهورى جورج دبليو بوش والديمقراطى جون كيرى، وكانت تعتبر من أقوى وأشرس الانتخابات التى جرت فى التاريخ الأمريكى نظراً لسخونة الموضوعات التى كانت تشغل بال الناخب الأمريكى فى ذلك الوقت، وعلى رأسها قضية العراق، ولأول مرة أصبح الناخب الأمريكى تسيطر عليه الاهتمامات الخارجية وليست الداخلية التقليدية، مثل الضرائب أو الضمان الاجتماعى أو البطالة.

وعلى مدى أكثر من 17 يوماً قضيتها فى الولايات المتحدة زرت خلالها أماكن تجمعات العرب فى ميتشجان، وكذلك أماكن تجمع الأقليات من أصول أسبانية و"الايباك" أكبر منظمة يهودية، وعددا من مراكز استطلاعات الرأى، بالإضافة إلى صحف ودور نشر فى فلوريدا، وكانت هناك قناعه تامة لدى الجميع بفوز الحزب الديمقراطى فى تلك الانتخابات، على الرغم من عدم قناعتهم الكاملة بجون كيرى المرشح الديمقراطى، ولكن رفضهم الكامل لسياسة جورج دبليو بوش كانت قوية للغاية، وكانت استطلاعات الرأى العام تشير إلى فوز المرشح الديمقراطى كيرى وبقوة.

وخدعتنا تلك الاستطلاعات، بل وخلال حضورى الحملات الانتخابية لكل من الديمقراطيين والجمهوريين.. تولدت لدى قناعة بإمكانية فوز الديمقراطيين خاصةً مع الحماس الكبير من جانب المتطوعين منهم بدرجة تفوق نظرائهم من الجمهوريين، وأصبحت رسائلى اليومية التى كنت أرسلها إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط تحمل فى طياتها تفوقا نسبيا للديمقراطيين، وبالتالى قد يكون نهاية السباق لصالحهم.

ومع تصاعد الحملات واقتراب السباق من نهايته كانت تتصاعد فرص فوز "جون كيرى" وتراجع فرص "جورج دبليو بوش"، وكان هناك أحد الخبراء فى شئون الانتخابات الأمريكية فى صحيفة "فلوريدا نيوز"، أكد لى خلال حديثى معه أن الساعات الثمانى والأربعين قبل الانتخابات دائماً ما تشهد المفاجآت، وعليك أن تنتظر ولا تعطى أحكاماً مسبقة والفوز دائماً لمن يستطيع أن يلقى بالمفاجأة الكبرى فى وجه المنافس، والتى تكون بمثابة الضربة القاضية التى لا يستطيع المنافس أن يواجهها، وقلت له إنه من الواضح أن كلا الجانبين أخذا كافة احتياطياتهما لمواجهة تلك الضربة.

وخلال متابعاتى للأسبوع الأخير فى الانتخابات بدأت فى التركيز الشديد انتظاراً للمفاجأة، وكانت تساؤلاتى عديدة ومتعددة لكل حدث يبدأ بكلمة الاستفهام "لماذا" "وماذا وراء هذا الحدث"، وما زال التركيز شديداً من جانبى لكل خطوة وكلمة وحدث يخرج من حملة الجمهوريين والديمقراطيين معاً.. ومرت الأيام وأصبحنا على عتبة آخر ثمانى وأربعين ساعة قبل الانتخابات التى جرت فى الرابع من شهر نوفمبر 2004، وفى يوم 2 نوفمبر فوجئنا بقناة الجزيرة تعلن عن شريط جديد لبن لادن، وانتظرنا لنرى ما يمكن أن يحتويه، وما أن خرج بن لادن وهدد وتواعد الشعب الأمريكى فى كل مكان كالعادة، وفى نهاية الشريط طالب الشعب الأمريكى ألا يصوت لصالح جورج دبليو بوش.. وكانت هذه هى الضربة القاضية التى وجهها الحزب الجمهورى للديمقراطيين.

وتحدث معى هذا الخبير مرة أخرى وقال فعلاً هذه هى الضربة القاضية وتصب فى مصلحة الحزب الجمهورى، فتخيل أن عدوك يطلب منك أن تعطى صوتك للحزب الجمهورى، فالشئ المنطقى أن تعطى صوتك للمنافس، وفى هذه الحالة طلب أسامة بن لادن من الشعب الأمريكى ألا يصوت للجمهوريين وأن يعطوا صوتهم للديمقراطيين، فما كان من الجمهوريين إلا أن ركزوا على استمرار الخطر الذى يهدد الشعب الأمريكى ويهدد حالة الاستقرار التى يعيشها ويحسدونه على رفاهيته، وأن الذى يواجه هذا الخطر هم الجمهوريون ولابد من الاستمرار فى سياسة المواجهة وتأييد تلك السياسة من خلال منح أصواتهم للجمهوريين، وانهالت الدعوات من جانب الديمقراطيين للشعب الأمريكى ألا ينصاعوا وراء تلك الرسائل الموجهة من جانب بن لادن لتأييد الحزب الديمقراطى، وكان هذا أسوأ تأييد يتلقاه الحزب.

والانتخابات الأمريكية دائماً ما تشهد مفاجآت وغرائب وطرائف وتستخدم فيها كافة الأساليب المشروعة وأحياناً كثيرة غير المشروعة، ولذلك فلابد من عدم الانخداع بمقاييس الرأى العام، خاصة وأن الناخب الأمريكى عندما يقف أمام صناديق الانتخاب من السهل جداً أن يغير من اتجاهاته، وتبدأ هناك حسابات كثيرة لديه وتظهر وبصورة واضحة، وفى أحيانٍ كثيرة عنصريته تجاه اللون، خاصةً وأن الرئيس الأمريكى دائماً ما يظهره الإعلام بأنه الرجل القوى الذى يحافظ على مكاسب الشعب الأمريكى وثروات ولابد أن يظل هكذا مثلما صورته وسائل الإعلام على مر العصور.

وبصفة عامة فى حالة نجاح المرشح الديمقراطى الحالى ديفيد أوباما سيكون هناك تغيير كبير فى شكل السياسة الأمريكية، ولكن مضمونها يظل كما هو دون تغيير، حيث تعتمد السياسة الخارجية الأمريكية أو السياسة الأمريكية بشأن القضايا الأساسية على استراتيجيات وثوابت راسخة لا تتغير بتغير الرؤساء، وندعوا ألا تحدث فى اللحظات الأخيرة ضربات قاضية أو فنية تطيح بطموحات ورغبات شعوب كثيرة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة