تستوطن قبائل البشارية أرض مصر منذ آلاف السنين, ويشير الباحثون إلى أن البشارية جاءوا من أثيوبيا واستقروا فى جنوب مصر, ولشجاعتهم ونبلهم وصدقهم استخدمهم فراعنة مصر فى حماية الذهب الموجود فى المعابد بالأقصر وجنوب مصر, وهم يعتبرون من أنقى شعوب العالم فى الوقت الحاضر, وقد تسربت إليهم بعد انتشار الإسلام بعض المؤثرات السامية التى جاءت عن طريق العرب الذين وصلوا منطقتهم ونقلوا إليهم الدين الإسلامى, وهم جميعاً مسلحون فى الوقت الحاضر.
اليوم السابع التقى شيخ مشايخ البشارية الشيخ الحسن عيسى فى الحوار التالى..
شيخ الحسن نحن من صحيفة اليوم السابع ونرغب فى إجراء حوار معكم عن القبيلة وعادتها وتقاليدها..
وهل أنتم صحيفة عربية؟ يعنى تصدر باللغة العربية.
نعم نحن صحيفة مصرية تصدر باللغة العربية لكن لماذا تسأل؟
لأنه لم تزرنا أى وسيلة إعلام مصرية، كل من يسألنا ويجرى حواراً معنا هم من الصحفيين الأجانب فقط, ولا تصلنا الصحف, وحتى التلفزيون نحن لا نشاهد التلفزيون إلا عندما يزور أحدنا المدينة. كما أننا لا نرغب كثيراً فى استخدام التكنولوجيا الحديثة من هواتف محمولة وغيرها.
ولماذ تحاولون الابتعاد عن المدينة؟
هذه المدينة التى تتحدثون عنها تدمر حياة الإنسان مثلما يحدث الآن من تدمير للحياة البرية من بناء لمنتجعات تسمونها سياحية تلوث البيئة.
لكن المنتجعات تعد مصدراً مهماً للاقتصاد المصرى؟
الطبيعة أغنى بكثير من هذه المنتجعات, والأجانب يخربون كل شىء ويسرقون حجارة الجبل, ويقال إنهم من إسرائيل يأتون على أساس أنهم رحالة سفارى ويقومون بتصوير الأراضى وبعد فترة نرى سيارات تأتى لتأخذ حجارة الجبل.
كيف عرفت أنهم من إسرائيل؟
نحن نفهم العربية ونفهم أيضاً أن لنا إخوة وأقارب من بعض القبائل فى سيناء, وهم يزوروننا بين الفترة والأخرى, وهم تعاملوا مع الإسرائيليين ويعرفون لغتهم, ويعرفون جيداً أنهم إسرائيليون، إخوتنا فى القبائل الأخرى لا يكذبون علينا.
ما هى لغة القبائل البشارية؟
نحن نتحدث "النوبيداوية", وهى لغة خاصة, إلا أن اللغة العربية أخذت تنتشر بيننا بسرعة, ونحن نشكل خمس مجموعات قبلية, وهى العبابدة فى جنوب صحراء مصر الشرقية ويتكلمون اللغة العربية, ثم البشارية حول الحدود المصرية السودانية, والهدندوة فى منطقة ممتدة من بورسودان حتى كسلا وأعالى نهر عطبرة فى الجنوب, وقبيلتنا اليوم تسكن بشكل دائم تقريباً فى جبل علبة.
تردد اسم القبيلة بعد حادث اختطاف السياح فى شهر سبتمبر الماضى, كما أنكم متهمون بمساعدة مهربى المخدرات والمساعدة فى تهريب الضائع والأشخاص..
هذا كلام غير صحيح، والأمن دائماً ما يتهمنا بذلك, ليبعد عن نفسه مسئولية ضعف الأفراد الذين يرسلهم لتأمين الحماية للحدود, وما حدث من اختطاف للسياح كان عملية مدبرة, ونحن نعرف كيف تمت العملية وبعكس ما جاء فى الإعلام, فكل ما حصل كان بمساعدة أفراد من قبيلتنا, ونحن من أرشد أفراد القوات المسلحة للمخارج والمداخل فى الصحراء, ومنا من ذهب للتفاوض مع الخاطفين وقدمنا كل الدعم, وللمعلومة هذه ليست المرة الأولى التى تحدث فيها مثل هذه الأحداث من اختطاف وسرقة, وفى كل مرة يستعين بنا الأمن والجيش للتفاوض مع الخاطفين, لأننا نعرفهم كما نعرف أبناءنا وتربطنا بهم صلة قرابة ولغة مشتركة.
هل أفهم من هذا أنكم على اتصال بالمجموعات التى تخطف سياح السفارى؟
ما قلته أننا نعرفهم, لأنهم يعيشون بالقرب من سكن قبيلتنا، والأمر لا ينحصر فيهم, لأن هناك جماعات مسلحة ليبية وسودانية تقوم بخطف سياح السفارى، وتسرق منهم سيارتهم ومعداتهم, وكما قلت الأمن يعرف تحركات اللصوص والخاطفين, لأن لديه القدرة على الاتصال ومعرفة تحركات وأماكن معسكرات السفارى.
أنا أرى أنكم لا تحملون أسلحة رغم أنى أعرف أنكم تملكون أسلحة ما سبب ذلك?
سؤال غريب كيف يمكن أن تقول ذلك, نحن نملك سلاحاً منذ 7 آلاف سنة كنا نحمى معابد الفراعنة, وكان أجدادنا يقومون بحماية ذهب الملوك فى المخازن, ولم نكن نعرف أن هناك حكومة ووزارة اسمها الداخلية والجيش حتى بداية التسعينيات, لم نكن نملك أى وثائق, نحن بشارية، هذا ما نعرفه حتى أعمارنا لا نعرفها, نعرف أعمار الناس من الحوادث فقط، وموضوع السلاح موجود ونحن حتى يومنا هذا نستخدم السيوف والخناجر, لكن عندما جاء الأمن عرفنا أن هناك سلاحاً آلياً وبدأنا بشراء الأسلحة الآلية, إضافة إلى أحداث شمال السودان وهروب بعض الجماعات بعد سرقتها لأسلحة الجيش السودانى وباعت لنا تلك الأسلحة, كما أن عصابات تهريب المخدرات كانت تقوم بسرقة جمالنا وتستخدم أسلحة نارية, وعندما كنا نتبع أثرهم كنا نجد بعضهم يتوه فى الصحراء ويموت ويترك سلاحه, وكانت هذه مصادر أسلحتنا.
يقال إنكم تقومون بتأمين تحرك تجارة المخدرات فى الصحراء الممدة بين مصر وليبيا والسودان..
لا أكتمك سراً هناك شباب منبوذون من القبيلة بسبب تصرفاتهم المنافية لتقاليدنا وعادتنا, فيلجأون للعمل مع تجار المخدرات, وهى تجارة مربحة جداً ويجب أن تعلم أن وراء عصابات المخدرات قوة كبيرة لها سلطات واسعة ولا تسألنى من هم, فهم معرفون لكم أنتم الصحفيين.
لا أفهم من تقصد نحن لا نعرفهم؟
تجار المخدرات شخصيات معروفة, ونحن نعرف أن حركة العدل والمساواة تدعم نفسها من خلال تجارة المخدرات، وهى تغطى عمل العصابات, وهناك قوة سياسية وأحزاب تقوم بشراء السلاح مقابل المخدرات فى السودان وإثيوبيا والصومال، وقبيلتنا تنتشر فى هذه المناطق, ونحن نعرف تحركات وتوجهات تلك العصابات, وهم يتوافدون إلى مناطق تواجدنا، وفى كثير من الأحيان تقع صدامات بيننا, وللأسف الأمن يقف فى جانبهم.
كيف تقومون بشراء احتياجاتكم من المدينة؟
نحن لا نشترى أى شىء من المدينة, كل احتياجاتنا نوفرها بأنفسنا, الصحراء تهب لنا كل شىء حتى الملابس تخيطها نساء القبيلة من وبر الجمال, وإذا احتجنا لشىء نبيع ألبان الجمال وجلودها ولحمها ونشترى احتياجاتنا وهى بسيطة جداً شاى قهوة سكر ملابس ... إلخ.
هل تزوجون نساءكم لأفراد من قبائل أخرى؟
لا نحن نتزوج من قبيلتنا فقط, ونحن كمسلمين نتزوج بحسب الشريعة الإسلامية، وفى أغلب الأحيان لا يوجد مهر أو مقدم, العروس تزف إلى عريسها بمهر بسيط خيمة وحاجيات طبيخ وغيرها.
هل هناك أفراد منكم دخلوا مدراس أو جامعات؟
لا نحن لا نملك أى وثائق أو شهادات ميلاد, ولا يذهب أبناؤنا للخدمة العسكرية وأغلبنا على هذه الحال، ولكن فى الآونة الأخيرة بدأت الحكومة بعد مطاردتها لشبابنا تستخرج بطاقة مدنية وتوثق حالات الزواج, طبعاً لا يوجد فى القبيلة حالات طلاق, فنحن نحل المشاكل بيننا ولا نلجأ للشرطة أو المحاكم وفى حالات القتل العمد نلجأ لمعاقبة القاتل بطرده خارج أراضينا, أما حالات الزنا وغيرها فنحتكم للشريعة وللعادات.
من علمكم أحكام الشريعة الإسلامية؟
يوجد مجلس للقبيلة يعين أحد أفراده للذهاب إلى المساجد القريبة، ويتعلم عندهم بعض أصول الشريعة والقراءة والكتابة, وهو يساعد باقى أفراد المجلس على تعلم القرآن الكريم, وياريت الحكومة تعاملنا وفق تعاليم الإسلام.
الشيخ الحسن عيسى..
شيخ البشارية: سلاحنا فى خدمة الدولة
الأحد، 30 نوفمبر 2008 12:33 م
الشيخ الحسن عيسى شيخ البشارية - تصوير محمد مسعد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة