نسمع عنها ولا نعرف أصلها.. وعالم أزهرى اجتهد فى حسمها منذ 30 عاماً

لا نسخ فى القرآن الكريم

الجمعة، 28 نوفمبر 2008 08:18 ص
لا نسخ فى القرآن الكريم
كتب خالد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قضية «الناسخ» والمنسوخ فى القرآن الكريم واحدة من القضايا التى يسمع عنها «المسلمون» فى مصر، دون أن يعرفوا أصلها وفصلها، لكن التيار الإسلامى «الحقيقى منه والمزيف»، يتجاهل الكلام عنها، بينما آلة دعايته تعمل ليل نهار وتدعو إلى تطبيق الشريعة، دون أن يعرف المسلمون أن أصل الشريعة هو القرآن الكريم الذى نزل به «جبريل» على النبى «صلى الله عليه وسلم».

و«الناسخ» و«المنسوخ» إذا عرفه المسلمون فسوف تتغّير أمور كثيرة، فالناسخ -هنا- هو النص الجديد أو الحكم الجديد، والمنسوخ مقصود به الآية الملغاة أو الحكم الذى صدرت الأوامر الإلهية «الوحى» بإلغائه.

ويحلو لرجال الأزهر الشريف وغيرهم من العلماء عندما يتحدثون عن الشروط الواجب توافرها فيمن يتصدى للاجتهاد أو تفسير القرآن الكريم أن يقولوا «أن يكون عارفاً بالناسخ والمنسوخ».

والمدهش أن الصراع حول هذه القضية لم يزل قائماً إلى وقتنا هذا، رغم أن الدكتور «أحمد حجازى السقا» -الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، حسم الصراع فى كتابه الذى حمل عنوان «لا نسخ فى القرآن»، ومن المهم أن نشير إلى أن الكتاب صدر عن دار الفكر العربى فى عام «1978».

يقول الدكتور السقا: إن القرآن الكريم الذى بين أيدينا، هو «المحكم»، وأن كل ما بين دفَّتى المصحف هو القرآن الذى نزل به الوحى على النبى محمد «صلى الله عليه وسلم».
وإن «القرآن» نسخ الأحكام العملية الواردة فى التوارة، وأن الهدف من نزول القرآن كان التخفيف عن الناس.

ويؤسس الدكتور -السقا- وجهة نظره على أن اليهود حاولوا القضاء على الرسالة المحمدية، وقتل النبى لأنهم لا يريدون أن تكون النبوة فى فرع «إسماعيل»، وأن يظل فرع «إسحق» الذى ينتمى إليه اليهود، هو فرع النبوة، وذلك إثر عداء قديم بين العرب واليهود، ودلل على رأيه هذا بأن هذا العداء جعل «اليهود» يتظاهرون بالإسلام ليخربوه من الداخل.
بدليل قوله تعالى «ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم، والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

والثابت من هذا الرأى أن اليهود كانوا وراء اختلاق الحكايات الخاصة بـ«النسخ»، ومن مثال ذلك ما أوردته كتب المفسرين حول فقدان بعض آيات القرآن أثناء عملية جمعه فى عهد عمر بن الخطاب وعهد عثمان بن عفان، من خلال أحاديث منسوبة لـ «ابن عباس»، واجتهد المفسرون فى تكذيب هذه الأخبار التى منها ما رواه الليث عن يونس عن أبى بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام الذى قال: قرأ رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «والنجم إذا هوى» فلما بلغ «أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى» سها «أى نسى» فقال «إن شفاعتهن ترتجى»، فلقيه المشركون والذين فى قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا فقال «إن ذلك من الشيطان».

وما ذكره -الواقدى- عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبدالله بقوله «سجد المشركون كلهم إلا الوليد بن المغيرة، فإنه أخذ تراباً من الأرض فرفعه إلى جبهته وسجد عليه وكان شيخاً كبيراً».ومما ذكره المفسرون أيضاً، أن هذه الحادثة جعلت الله ينزل أية «لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً».

وذكر السيوطىّ فى كتابه «الاتقان فى علوم القرآن» طائفة من الأحاديث التى يستدل بها على أن قرآناً كان موجوداً ثم نُسخ تلاوة دون أن ينسخ حكماً، من بين هذه الأحاديث:
عن نافع عن «ابن عمر» قال: ليقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كله، وما يدريه، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل أخذت منه ما ظهر.
عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تُقرأ فى زمن النبى «مائتى آية»، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو موجود الآن.
قال ذر بن حبيش: قال لى أُبىّ بن كعب: كأيّن تُعَدّ سورة الأحزاب، قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثا وسبعين آية، قال إنها كانت لتَعدل سورة البقرة، وكنا نقرأ فيها آية الرجم، قلت: وما آية الرجم؟، قال: إذا زَنَى الشيخ والشيخة فارجموهما البّتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم.
عن أبى أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أية الرجم الشيخ والشيخة فارجموهما بما قضيا من اللّذة.
عن حميدة بنت أبى يونس قالت: قرأ عَلىّ أبى وهو ابن «80 سنة» فى مصحف عائشة «إن الله وملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليماً وعلى الذين يُصلّون فى الصفوف الأولى، ذلك قبل أن يغيّر عثمان المصاحف.
عن أبى واقد الليثى قال: كان رسول الله «صلى الله عليه وسلم» إذا أوحى إليه أتيناه، فعلمنا بما أوحى إليه، قال: فجئت ذات يوم فقال النبى «إن الله يقول إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أن لابن آدم وادياً لأحب أن يكون إليه الثانى، ولو كان إليه الثانى لأحب أن يكون إليه الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
عن أبى بن كعب: قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» إن الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ آية «إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين» ومن بقيتها: «لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه، سأل ثانياً فأعطيه، سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على تاب وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يُقل خيراً فلن يكفره».
قال عمر كنا نقرأ «لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْرٌ بكم ثم قال لزيد بن ثابت أكذلك؟.. قال: نعم.
قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا «أن جاهدوا كما جاهدتهم أول مرة» فإنا لا نجده، قال أسقطت فيما أسقط من القرآن.
عن أبى سفيان الكلاعى أن مسلمة بن مخلد الأنصارى قال لهم ذات يوم أخبرونى بآيتين فى القرآن لم يكتبا فى المصحف فلم يخبروه فقال لهم «إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ألا أبشروا أنتم المفلحون». ويقول الدكتور عبد الكريم الخطيب فى كتابه «من قضايا القرآن» «إذا نظرنا إلى الآيات القرآنية التى يتذرع بها القائلون بالنسخ، سنجد أنها لا تنص صراحة ولا ضمناً على النسخ وهذه هى الآيات وبيان الغرض منها:يقول الله تعالى «ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله على كل شىء قدير» (البقرة 106»، والآية جاءت فى سياق الحديث عن اليهود والتوراة، ويدل ذلك على أن المفهوم من الآية نسخ القرآن للتوراة.
ويدعم الدكتور -السقا- هذا الرأى الذى رآه الدكتور الخطيب بقوله:
«أليس الله يقول «لا مُبّدل لكلماته»، فلماذا تُلْغى التوارة، ولماذا يتبدل كلام الله، فأجاب «الله» بقوله إن مصلحة الناس تتغير من زمن إلى زمن، وأنه إذا نسخ شريعة كصحف إبراهيم التى نسيها الناس، فإنه قادر على أن يعطى شريعة أفضل أو شريعة مثلها.

آيات السيف لم تنسخ و«النسخ» له عدة صور، فهناك «نسخ» الحكم، وهناك نسخ «المنطوق» أو النص، ومن الآيات التى اختلف حولها العلماء آيات السيف، التى تحض على قتال الكفار وتدعو المسلمين إلى الدفاع عن العقيدة بالسيف وقتل الكفار لو استلزم الأمر، وهذه الآيات يحاول بعض منظرى «الإخوان المسلمين» وغيرهم تغطيتها وإبعادها عن عيون القارئ العربى، لأنها ستفتح الباب أمام ما يقال عن أن الإسلام يدعو إلى القتل، لكن الدكتور أحمد حجازى السقا، يختلف مع «ابن حزم» الذى قال إن آيات «السيف» نُسخت حكماً، ويؤكد أن هذه الآيات لم تنسخ مثلها مثل الآيات الأخرى المحكمة التى هى بين دفتى المصحف الذى يعرفه المسلمون.

يقول ابن حزم قوله تعالى: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، هذه جميعها مُحْكمة إلا قوله تعالى «وقاتلوا المشركين كافة». ويقول أيضاً إن آية «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه» منسوخة وناسخها قوله تعالى «فإن قاتلوكم فاقتلوهم»، وآية «فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم»، وهذا من الأخبار التى معناها «الأمر»، تأويله: فاغفروا لهم واعفوا عنهم ثم أخبار العفو منسوخة بآية السيف، «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم».

لكن الدكتور السقا رأى رأياً آخر يقول إن آيات الحرب والقتال وردت متتالية فى سورة البقرة هكذا «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، واقتلوهم حيث ثقفتموهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، والفتنة أشد من القتل، ولا تقاتلوهم عن المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين، الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا الله، وأعلموا أن الله مع المتقين، وأنفقوا فى سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة 190-195).

وهى كما يبدو محكمة لا نسخ فيها مطلقاً، فإن الله يأمر المسلمين بقتال من يعتدى عليهم، ويتصدى لقتلهم، ولا يأمر المسلمين بالاعتداء على المسالم سواء بقتله أو بأخذ ماله «ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا» (النساء 94)، والمعتدون الباغون يقتلهم المسلمون فى أى مكان يحلون فيه ويخرجونهم من أى بلد أخرجوا المسلمين منه، وقد نبّه الله المسلمين إلى أمر مهم وهو: أنهم يقاتلون من يُقاتل، ويقاتلون أيضاً من يقف فى سبيل نشر الإسلام، وذلك إذا فُتن من يؤمن، لأن تعذيب المسلم حتى يكفر أشد فى الإيلام من قتله السريع، لذلك يجب قتال من يعتدى، إما بالسيف وإما بتعرضه لفتنة المسلمين وقد نبه الله إلى أن كل الأماكن يحل فيها قتال من يعتدى وقد وقر فى أذهان الناس أن الكعبة المعظمة لا يحِلّ القتال حولها، فقضى الله عز وجل أن مجرد الاعتداء فى أى مكان حتى ولو فى المسجد الحرام يجب دفعه ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلاً، ثم بين الله عز وجل أن القتال واجب على المسلمين وجوباً إجبارياً حتى تنكسر شوكة المعتدين لدرجة أنهم لا يستطيعون التعرض بأذى لأى مسلم، وفتنته وقد أشار الله بقوله «حتى لا تكون فتنة» إلى إضعاف شوكة العدو تماماً لا إلى محو الكُفر، ثم يبين الله أن القتال فى الأشهر الحرم مثل القتال عند المسجد الحرام سواء بسواء إذا اعتدى مُعْتَدٍ فى الشهر الحرام بسيفه، أو بمؤامراته لفتنة المسلمين عن الدين فلابد من قتاله فى الشهر الحرام «والحرمات قصاص»، وأكد ذلك بقوله «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله» فى حال كونكم منتصرين فلا تعتدوا إلى ما لا يحل لكم، ثم يُرغّب المسلمين فى الحرب، ويبين أنها مكروهة لدى الناس لمشقتها وويلاتها، ولكنها مفيدة للمسلمين، لأن تحطيم العدو فيه حياة كريمة لهم، لأنه لو طمع فيهم الأعداء لاستذلوهم واستعبدوهم وحملوهم على الكفر، لذلك يرشدنا الله تعالى إلى التكاتف والتساند وأن يبذل كل إنسان ما يملك من مال وجهد حتى لا يهلكنا الأعداء، ويقول الإمام الزمخشرى فى تفسيره «روى أن رجلاً من المهاجرين حَمَل على صف العدو فصاح به الناس «ألقى بيده إلى التهلكة»، فقال أبو أيوب الأنصارى: نحن أعلم بهذه الآية، وإنما أنزلت فينا، صحبنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فبصرناه وشهدنا معه المشاهد وآثرناه على أهالينا وأموالنا وأولادنا، فلما انتشر الإسلام ووضعت الحرب أوزارها، رجعنا إلى أهالينا وأموالنا وأولادنا نصلحها ونقيم فيها، فكانت التهلكة الإقامة فى الأهل وترك «الجهاد».

والآيات كلها مترابطة -حسب قول الدكتور السقا- محكمة لا نسخ فيها ولا منسوخ وهذا رأى يقره كثير من العلماء، يقول «القُرطبى» إن ابن عباس وعمر بن عبدالعزيز ومُجاهد يرون أن آية «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم» غير منسوخة أصلاً، ويقول «القُرطبى» إن آية «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه» غير منسوخة أصلاً، وروى أن ذلك رأى مجاهد وطاووس وأبى حنيفة وأصحابه، ونقل القرطبى عن «ابن خويز منداد» قوله إن قوله تعالى «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام» منسوخة لأن الإجماع قد تقرر بأن عدواً لو استولى على مكة وقال لأقاتلكم، وأمنعكم من الحج، ولا أبرح من مكة لوجب قتاله، وإن لم يبدأ بالقتال فمكة وغيرها من البلاد سواء، وإنما قيل فيها أنها «حرام» تعظيماً لها.

ويرد «السقا» على ابن خويز فيقول: «إنه لم يفطن إلى المفهوم من تعبيره هذا، ولو فطن لاستيقن أنه لا نسخ، وكان الدكتور «السقا» يقول إن المفسرين الذين أخذوا بهذا الرأى لم يستطيعوا التوصل إلى «جوهر» أو معنى الآية، لأنهم لم يفهموا معنى «الاعتداء» ويرد عليهم بقوله: «فهذا الذى يتكلم عنه ابن خويز منداد داخل فى مفهوم قوله تعالى، وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم» فى أى مكان كان القتال وفى أى زمان حدث، حتى لو فى المسجد الحرام أو فى الأشهر الحُرُم.

وخلاصة ما ذكرناه، أن ما يروج له بعض الكتاب حول وجود آيات لم يتم إدراجها فى «المصحف»، يستند إلى الدقة، والأسوأ من غياب الدقة، هو الاعتماد على روايات المفسرين الذين نقلوا هذه الأخبار دون أن يتوصلوا إلى أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، وأنه فى القرآن آية تقول «وإنا له لحافظون»، فالقول بإلغاء أو نسخ آيات، لا يوجد دليل عليه، وهناك آيات كثيرة غير آية السيف، قيل إنها منسوخة بآيات أخرى، كما هو الحال فى سورة «البقرة» و«النساء» و«آل عمران».

والعجيب أن بعض العلماء أو المفسرين قال بنسخ آيات من القرآن الكريم اعتماداً على أحاديث ضعيفة أو آحاد، أو مشكوك فى سندها، ولا يجوز نسخ القرآن بالسنة، حتى لو قيل إن الرسول لا ينطق عن الهوى، وإن كلامه وحى يوحى، فالله أوحى إليه القرآن، ولو كان يرى مصلحة الناس لأوحى إليه السنن أو ألحقها بالآيات المحكمات.

إن «القرآن الكريم» الذى بين أيدى المسلمين هو «التنزيل العزيز» أنزله الله إلى محمد بن عبدالله نبيه ورسوله «صلى الله عليه وسلم»، وهذا يعنى أن القول بوجود منسوخ وناسخ فى القرآن أمر لم يقم البرهان القاطع عليه.

لكن المهم -على حد قول العلماء- القول إن القرآن الكريم جاء نسخاً للتوراة، ولم يأت لنسخ الإنجيل، لأن الإنجيل لا أحكام فيه، بل يحتوى على بعض الزواجر والنهى عن بعض الأفعال، وهذا ينطبق مع قول المسيح أنه لم يأت لتغيير «الناموس» أو بمعنى آخر أنه لم يأت «المسيح» لنسخ «التوراة»، وأن خالق العباد رأى أن يوحى إلى رسوله محمد «صلى الله عليه وسلم» «القرآن» لينسخ أحكام «التوراة».

لمعلوماتك..
سورة يونس
ذكر ابن حزم أن فى سورة يونس أربع آيات منسوخات بآية السيف، الآيات رقم »15 و20 و41 و108« والآية »15« هى »قل إنى أخاف إن عصيت ربّى عذاب يوم عظيم« مكررة فى سور كثيرة من القرآن، والتكرار لابد وأنه يفيد فائدة وأن يعطى أهميته، فكيف ينسخ المكرر؟، وقد وردت فى سورة »الأنعام 15« »قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم«، ووردت فى »الزمر 13« »قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم« وجاءت بالمعنى أيضًا »ولو تقولّ علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين« »الحاقة 44 - 47«. وهذا يعنى أن هذه الآية غير منسوخة لأن تكرارها فى مواضع كثيرة من القرآن يعنى أهميتها فكيف ينسخ الله ما يراه صالحًا لعباده؟

سورة الأعراف
يقول ابن حزم: سورة الأعراف مكية جميعها محكم غير آيتين أولاهما قوله تعالى: »وذروا الذين يلحدون فى أسمائه، الآية نسخت بآية السيف »الآية الثانية«، وقوله تعالى »خذ العفو وأمر بالعُرف واعرض عن الجاهلين«، وهذه الآية من عجيب المنسوخ، لأن أولها منسوخ وآخرها منسوخ، وأوسطها محكم »خذ العفو« يعنى الزائد من أموالهم. لكن الدكتور أحمد حجازى السقا قال: إن هذا الرأى يؤكد غباء وجهل وسوء فطنة ابن حزم، لأن الآية فيها جمل ثلاث معطوفات بصيغة الأمر، فكيف يجيز لنفسه إحكام جملتين ونسخ الثالثة وسياق الكلام واحد؟!.

الإمام الطبرى
هو محمد بن جرير »الطبرى« صاحب أكبر كتابين فى التفسير والتاريخ، وقد قرأ القرآن فى بيروت على »العباس بن الوليد« ثم ارتحل إلى المدينة المنورة، ثم إلى مصر والرِّى وخراسان، واستقر فى أواخر حياته فى بغداد.

مصحف عثمان
فى خلافة عثمان اتسعت الفتوحات الإسلامية، وكان »حذيفة بن اليمان« من بين من شهدوا فتح »أرمينية« و»أذربيجان«، ورأى اختلاف الناس فى قراءة القرآن بسبب اختلاف اللهجات مما أدى إلى تعدد القراءات، فسار إلى المدينة والتقى »عثمان بن عفّان« وقال له »أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصاري، فقرر عثمان بن عفان - رضى الله عنه - جمع القرآن فى نسخ موحدة على قراءة واحدة بلسان قريش تُرسل إلى الأمصار.
وتجمع المصادر على أن »عثمان بن عفّان« عندما أقدم المحاصرون لداره على اقتحامها يوم استشهاده، أخذ مصحفه الخاص ووضعه على حجره واستشهد وهو يقرأ القرآن.
وبعد ذلك تفجرت أزمة، وخرجت أصوات كثيرة تتساءل: أين ذهب مصحف عثمان؟

توفيق المعانى
يقول ابن حزم »سورة الأنعام« مكية، تحتوى على أربع عشرة آية منسوخة منها قوله تعالى »قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم« ويرى أنها منسوخة بالآية »ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر« لكن العلماء وفقوا بين المعانى وقالوا »أخاف إن عصيت« و»يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك إن أنت عصيت، والرسول »صلى الله عليه وسلم«، لم يَعْص حتى يحدث له غفران، وعلى أساس هذا »التوفيق« لا نسخ.

جلال الدين السيوطى
اسمه عبدالرحمن بن أبى بكر بن محمد الخضيرى الأسيوطى، وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتديّن، وتوفى والده وهو فى سن السادسة، وتولى »الكمال بن الهمام الحنفى« - أحد كبار فقهاء عصره - رعايته، وكان بعيدًا عن قصور الحكام وصحبة الوزراء، وبينه وبين المتصوفة صراع مشهور جعله يتخلى عن كرسى التدريس فى المدرسة »الشيخونية« وتفرغ للتأليف والطواف فى البلاد الإسلامية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة