«لا تقلقوا كل شىء يمكن حدوثه هنا، فالله موجود وقادر على حل كل التفاصيل العالقة».. كان هذا جزءا مما قاله النجم العالمى عمر الشريف، الرئيس الشرفى لمهرجان القاهرة السينمائى، للتعليق على الفوضى التى شهدتها خشبة المسرح الكبير، بدار الأوبرا المصرية أثناء فعاليات الافتتاح.
وكعادته الأصيلة، لم يخلف مهرجان القاهرة السينمائى التوقعات بشأن سوء التنظيم، فالمهرجان مهما أتيحت له من الإمكانيات، ومن تواجد عدد كبير من نجوم السينما العالمية، يبقى سوء التنظيم علامته الأصيلة، رغم الجهد الواضح ومحاولات عزت أبو عوف، رئيس المهرجان للتغلب على هنات ومشاكل المهرجان.
خشبة المسرح ليلة الافتتاح شهدت ارتباكا لم يتخيله أحد، حيث فجأة تحول فاروق حسنى وزير الثقافة، وعمر الشريف إلى مخرجين منفذين لخشبة المسرح، يشيران للضيوف إلى الأماكن التى يفترض أن يقفوا بها، ولا نعرف كيف خطر على بال وليد عونى، مخرج الحفل أن يبدأ التكريم بالضيوف الأجانب، وتحديدا نجمة فى حجم سوزان ساراندون، وكان من الأولى أن يوازن ما بين حضور النجوم المصريين والأجانب على خشبة المسرح، خصوصا أن التكريم كان يضم 10 فنانين، وفنيين مصريين وأجانب، وقفوا إلى جوار بعضهم البعض دون شكل تنظيمى محدد، لدرجة أن الملل وعدم القدرة على الوقوف ظهر على الكثيرين، ومنهم فاروق حسنى، الذى أخذ يخطو ذهابا وإيابا، وعمر الشريف الذى كان يغير من وقفته قليلا، أو يميل على ركبته مللا، ونفس الحال بالنسبة للضيوف الأجانب.
المفارقة أن فاروق حسنى، سبق وأكد على إدارة المهرجان ومخرجى حفلى الافتتاح والختام، ضرورة إيجاد حل مسرحى لتحقيق الراحة للضيوف ولجان التحكيم، فى ظل طول الكلمات التى يلقيها المكرمون.
النجوم المصريون عند تكريمهم، ألقوا كلمات تعبر عن فرحتهم وسعادتهم بالتكريم، ولم ينتبه أحد إلى ضرورة ترجمة هذه الكلمات للنجوم الأجانب على الأقل ليتم تعريفهم بنجومنا، سواء من رئيس المهرجان، أو مقدمى الحفل، هبة الأباصيرى وأسامة منير اللذين اكتفيا بالمراقبة من بعد، ورسما الابتسامة على وجهيهما، وبدا الانزعاج على الضيوف خاصة سوزان ساراندون التى كانت تميل بين لحظة وأخرى على جوليا أرموند وكأن لسان حالها يسأل: «ماذا يحدث؟» ولا نعرف هل اكتفى مخرج العرض بأن يبدى وجودهم كديكور جميل؟
ومن الظواهر التى تعد أصيلة فى مهرجان القاهرة السينمائى، إصرار المرافقين للنجوم الكبار على تحفيظ النجوم المكرمين، بعض كلمات باللغة العربية ، مثل «صباح الخير» أو «السلام عليكم» مؤكدين لهم أن المصريين «هينبسطوا» أكثر بذلك، وتحولت المسألة بينهم لمباراة بين النجوم للتأكيد على أن حصيلتهم من الكلمات بالعربية جيدة، إلا أن جوليا أرموند فاقت الكل، حيث ألقت كلمتها كلها باللغة العربية المكسرة، وبالتأكيد هذه الظاهرة لا يعرفها أكبر المهرجانات الدولية فى العالم، ونحن لم نشاهد نجوم هوليوود يقدمون كلماتهم فى مهرجان «كان» باللغة الفرنسية، أو«برلين» بالألمانية، لذلك هى ظاهرة تستحق أن يطلق عليها «صنع فى مهرجان القاهرة».
وإذا كان تميز أى مهرجان فى العالم، يقاس بمدى جودة أفلام مسابقته الدولية، والنجوم الذين يضيئون المهرجان، ويلفتون أنظار العالم إليه، مع جودة التنظيم والإدارة، فإن مهرجاننا فى دورته الـ32 شهد توافر النجوم وغياب التنظيم، وللأسف أيضا جاء مستوى الأفلام أقل من المتوقع، ولذلك نتساءل عن دور لجنة المشاهدة، التى يجب أن يعيد رئيس المهرجان النظر فى تشكيلها.
فيلم الافتتاح «العودة إلى خنزالة» رغم أنه يتناول ظاهرة هامة جدا، تتمثل فى الهجرة غير الشرعية من المغرب إلى إسبانيا، ورغم مستواه الجيد، فإنه لا يناسب افتتاح المهرجان، وكان يجب على إدارة المهرجان بذل مجهود أكبر فى البحث عن فيلم له سمعة عالمية لممثل شهير أو مخرج ذائع الصيت.
شكاوى الصحفيين المتكررة من عدم توافر المعلومات، ومن الأداء الروتينى للمركز الإعلامى، طوال الدورات السابقة، لم تجد من يسمعها، حيث تكررت نفس العيوب، وفوجئ الصحفيون بعدم تركيب أجهزة فاكس وكمبيوتر فى المركز الإعلامى إلا فى اليوم التالى لفعاليات المهرجان، ويبدو أن إدارة المهرجان، تتعامل بمنطق أن المهرجان جاء فجأة. وإذا كان الإعلاميون المصريون يواجهون ذلك دائما فى أغلب مهرجاناتنا وأحداثنا الفنية، فإن الأمر كان مسيئا جدا لصورتنا أمام الإعلاميين الأجانب، لدرجة أن مراسلة كبرى الوكالات الفرنسية، شكت من أنها لم تستطع الحصول على المطبوعات بسهولة، وقالت إنه كان يتم إعطاء بعضها فى الخفاء، واستدركت: «عيب أن يحدث ذلك فى مهرجان مثل مهرجان القاهرة السينمائى».