قد يكون طبيعيا أن يخاف المواطن من الشرطة، لكن الضابط أو أمين الشرطة، ماذا يخيفه، والذى يشعره بالرهبة، الضابط مواطن قد يكون خوافا من العفاريت أو الثعابين أو مرض الموت، لكن هناك ثلاثة أشياء أو أكثر تجعل الضابط خائفا وأحيانا مرعوبا: التقارير السرية.. استدعاء الوزارة.. وتفتيش النيابة على الحجز فى وجود محتجزين غير مسجلين. يضاف لهذه المخاوف.. الأجانب والدبلوماسيون وأحيانا ترعبهم وتفقدهم مظهرهم القوى الصارم، ويصبح «الباشا الضابط» مرعوبا كمواطن بلا حيلة.
سلطة جهاز الشرطة المتدرجة، وقسوة أساليب العقاب التى تبدأ بالنقل للأماكن النائية، وتصل إلى الخروج المبكر من الخدمة، تحيط كل ضباط الشرطة بالكوابيس المرعبة كل سلطة أعلى تملك الضرر للأدنى منها، وتقييم الضابط ومستقبله معلق على خلو ملفه من «التقارير السرية»، أخطر التقارير تلك التى تحمل اتهامات مخلة بالشرف، «النساء والرشاوى»، والتى يعنى ثبوتها طرده من الخدمة بما يعنى انتهاء السطوة.
الخوف من التقارير، لأنها تتشعب بين مختلف الإدارات، وكأن «الداخلية كلها تكتب تقارير فى بعضها»، ضباط أمن الدولة يكتبون تقارير فى كل الضباط بمن فيهم الرتب الكبيرة، وضباط المباحث الجنائية يكتبون تقارير فى الضباط النظاميين، ومأمور القسم يكتب تقارير فى ضباط قسمه، ومدير الأمن يكتب تقارير فى كل ضباط مديريته، وهو نفسه يخاف من تقارير أمن الدولة، التى تصل مباشرة إلى مكتب الوزير، الذى تصب فيه تقارير كل الجهات بعد مرورها على شئون الضباط.
الوزير يتولى التحقيق فيها بنفسه، وأحيانا استدعاء صاحبها.. وهنا الرعب الثانى، استدعاء الوزارة يعنى عقابا شديدا. الأجانب مصدر كبير لخوف ضابط الشرطة.. رأفت «أمين شرطة» يروى واقعة كان أحد أبطالها: كان يقف فى كمين ورأى شابين فى سيارة رياضية، فى حالة سكر شديدة، وأمره ضابط الكمين «بتثبيت» السيارة، واقترب منهما الضابط محتدا وطلب رخصة السيارة وتحقيق الشخصية، أخرج له الشاب جوازا أجنبيا، تبدلت لهجة الضابط إلى الاحترام الشديد، مر الشابان المخموران بسلام، ويعلق الأمين رأفت «بدل ما الضابط يثبتهم، ثبتوه بجوازهم الأجنبى».
يخاف ضابط المباحث من استدعاء النيابة، لو كان قد استخدم العنف مع المتهمين.. بينما يخاف الضباط النظاميون من تفتيش النيابة على الحجز فى أقسامهم. بعض الخوف الذى يثيره ضباط الشرطة فى قلوب المواطنين، يمثل نوعا من إزاحة مخاوفهم الكثيرة حسب كلام د.محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر وفق ما يسمى فى علم النفس «الإزاحة»، عندما يعجز الضابط عن مواجهة ضغط السلطة الأعلى، «يزيح» الخوف إلى من هم أضعف، ممن لا يستطيعون مواجهته.
لمعلوماتك..
◄ 76% من المواطنين الألمان يشعرون بالخوف من ارتفاع الأسعار، أكثر من خوفهم من الحرب، حسب استطلاع للرأى أجرته شركة «آر أند فى» للتأمين.