مع بدء دورة برلمانية جديدة.. والاستعداد للانتخابات المقبلة 4 أسئلة تلاحق نواب الجماعة فى مجلس الشعب

هل حققت كتلة الأخوان أحلام الجماهير التى أعطتهم أصواتها؟

الإثنين، 24 نوفمبر 2008 10:57 ص
هل حققت كتلة الأخوان أحلام الجماهير التى أعطتهم أصواتها؟ تذكار قبل انتخابات لا نعرف نتيجتها
كتب سعيد الشحات - نور على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄لماذا لم تفرز ممارستهم البرلمانية نائبا يساوى «مائة نائب»
◄هل ستشهد الانتخابات المقبلة نفس أساليب دعايتهم السابقة؟
◄إلى متى سيبقى اعتماد الإخوان على «الناس الطيبين» فى التصويت؟

«التغيير قادم بتمسكنا بتعاليم ديننا الإسلامى، وقرآننا الكريم، وزعيمنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وأصواتكم يوم الانتخابات.

ألهبت هذه الكلمات التى قالها محمود عزت - أمين عام جماعة الإخوان المسلمين - حماس آلاف الحاضرين فى مؤتمر انتخابى للجماعة فى مدينة طوخ بمحافظة القليوبية عام 2005.. وعلى وقع هذه الكلمات، رفع الكثيرون من الحاضرين المصاحف فى إشارة ذات مغزى لهدف المؤتمر، الذى كان واحدا من سلسلة مؤتمرات حاشدة للإخوان فى باقى المحافظات لتحفيز الناس على انتخاب مرشحيهم فى الانتخابات البرلمانية التى جرت عام 2005.

كان تتبع الانفعالات البادية على وجوه الحاضرين، وأجسادهم من الشباب والشيوخ، وحتى الأطفال، المتراصين فى كتلة واحدة، وفى الكتلة المقابلة نساء محجبات ومختمرات، يشعرك للوهلة الأولى، أنهم يصدقون أن طريق التغيير أمامه خطوة واحدة، أو خطوتان على أكثر تقدير، وانتهت الانتخابات بحلوها ومرها، وكسب الإخوان 88 نائبا فى البرلمان، وذلك فى كتلة برلمانية لم تعهدها فى تاريخها الذى بدأ فى عام 1928، فهل حققت هذه الكتلة ما حلم به الناخبون الذين منحوهم أصواتهم؟.. وبسؤال أوسع، هل حقق هؤلاء لمصر ما تمناه حتى المتعاطفون معهم دون أن يكونوا تحت لوائهم؟. قبل الإجابة، فلنعد مرة أخرى إلى المشهد الانتخابى الذى صنعته الجماعة فى الانتخابات البرلمانية الماضية، حتى نعرف كيف كانت تتم صناعة الشحنة النفسية للناخبين؟ وبمقتضاها، كيف ينظر هؤلاء المشحونون إلى صوتهم الانتخابى الآن؟.. وإليكم بعض خطوات هذه الصناعة:

يؤذن المؤذن لصلاة العشاء فى مسجد القرية، ثم يصطف المصلون فى زحام لافت يصنعه «غرباء» عن أهل القرية، وتنتهى الصلاة وفى دقائق معدودة يخرج «الغرباء»، ومعهم بعض العناصر من أبناء القرية غير المعروف عنهم من قبل أى انتماءات سياسية، ويذهب الكل فى صفين متشابكين بالأيدى، ويبدأ التجول فى الشوارع وعلى وقع نشيد محفوظ يخرج من الميكروفون المتجول يردد الكل: «القرآن دستورنا، ومحمد زعيمنا، والإسلام هو الحل»، لا أحد يستطيع اختراق الصفوف، وأمام البيوت يقف الناس للفرجة التى لا تعرف إلى أى صوب ستذهب أصوات الناخبين فيها، غير أن الانضباط اللافت ربما يجذب إليه بعض المترددين، والشعارات الدينية تضع الكل فى وضع الهيبة أمام ما يحدث.. وبعد هذه الوجبة الدعائية يركب «الغرباء» السيارات التى أقلتهم إلى القرية، لينتقلوا إلى أماكن أخرى للدعاية، أو أشياء أخرى، والمفارقة أن كل ذلك يحدث دون أن يسأل أو يتوقف غالبية الناخبين عن خلفية مرشح الجماعة فى دائرته، وهل يعد ذلك هو العامل الرئيسى فى منح أصواتهم له، وما إذا كان هذا المرشح يملك من المؤهلات ما يجعله نائبا عن كل الشعب، وليس عن دائرته فقط؟ ولنذكر ما قالته سيدة بسيطة فى إحدى القنوات الفضائية، حين سألوها:

«من ستنتخبين؟ فأجابت: «الإسلام يا خويا»، وأذكر تعليق الكاتب الصحفى صلاح عيسى على هذه القصة فى حوار أجريته معه بعد هذه الانتخابات بنحو أكثر من عام: «هى سيدة لا تعرف اسم المرشح، كما أن الإسلام ليس مرشحا فى الانتخابات»، وأضاف: «لم يعد التصويت فى الانتخابات العامة يتم على أسس سياسية وإنما على أسس دينية بدليل ما قالته هذه السيدة»، وانتقل عيسى إلى نقطة أخرى ذات صلة، قال فيها: «كنت أناقش ذات مرة صديقى الدكتور عصام العريان «القيادى الإخوانى» فى جلسة خاصة بحضور عدد من المثقفين ورجال أعمال وأساتذة جامعات فى هذه القضية، فلما وجد منا معارضة، قال: «على العموم نحن لا نراهن عليكم، نحن نراهن على الناس الطيبين». «الناس الطيبون».. هنا مربط الفرس فى أى انتخابات، فهؤلاء هم الذين يمنحون الأصوات، وهؤلاء هم «ملح الأرض» الذين يضحك عليهم، أو يصدق معهم أى نائب؟، فمنهم تأتى الأسئلة التى نثيرها.. وإليهم تعود.ولنبدأ بسجل الإنجازات، كما يراها نواب الإخوان أنفسهم ومنهم الدكتور حمدى حسن، والدكتور محمد البلتاجى، وأشرف بدر الدين، وإبراهيم الجعفرى، هم يقولون عن الإنجازات، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

رفض مشروع الحساب الختامى للحكومة عن عامى «2005 - 2006 و2006 - 2007»، والتقدم بطلب سحب الثقة من وزير العدل نتيجة موقفه من القضاة، وطلب مماثل لوزير المالية، ويرون أن هذا لم يحدث مسبقا حيث لم يتم استخدام مثل هذه الأدوات.

رفض بيان رئيس الوزراء دكتور أحمد نظيف أمام المجلس فى 30 ديسمبر عام 2007، لأن «نظيف تحدث عن أحوال شعب آخر غير الشعب المصرى».

أسئلة وطلبات إحاطة بالعشرات عن قضايا متعددة منها، سؤال وزير المالية يطالبه بالكشف عن أسماء المستفيدين من الدعم المقدم للصادرات، وما هو نوع هذا الدعم؟ وطلب إحاطة لوزير الاستثمار يحذر فيه من طرح أسهم شركة أسمنت قنا لصناعة الورق للبيع فى البورصة, وطلبات إحاطة أخرى حول الاحتكار فى الحديد والذى أدى إلى ارتفاع أسعاره، وكذلك ما يحدث فى الأسمنت من ارتفاع أسعار، واحتكار لإنتاجه، وطلبات إحاطة لوزير الإعلام أنس الفقى حول تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات عن قيام قطاع الإنتاج بإهدار المال العام، واقتراح برغبة لرئيس مجلس الشعب يطالب فيه بضرورة وضع صياغات قانونية جديدة تدعم الممارسات الإعلامية، وتطوير نظم الملكية، بما يسمح بظهور نماذج إعلامية مستقلة، تتيح للأفراد أن يتملكوا وسائل إعلامية مختلفة مثل امتلاك محطات تليفزيونية، وانتقاد ما يعرض فى الدراما المصرية من أفلام ومسلسلات تظهر البطل على أنه المدخن الشره، أو مدمن الخمور، معتبرين أن ذلك من أسباب زيادة أعداد المدخنين ومتعاطى المشروبات الكحولية.

هناك جولات أخرى، فى قضايا أنفلونزا الطيور، وقضايا الفقر، واعتقال مرشحين وناخبين للإخوان فى انتخابات مجلس الشورى والمحليات، والمطالبة بإعادة التحقيق فيما أثير عن حصول نواب «الوطنى» على 100 ألف جنيه لكل منهم لإنفاقها على مشروعات فى دوائرهم الانتخابية، معتبرين أن ذلك رشوة.

رفض التعديلات الدستورية الأخيرة، وقوانين أخرى مثل قانون الطفل، وغيره.

على صعيد القضايا الخارجية، اعتبروا قرار محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بإقالة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية قرارا متسرعا وتم تحت ضغوط، والمطالبة بإيقاف تشغيل 88 مصنعا صهيونيا تعمل فى مجال الغزل والنسيج، داخل الأراضى المصرية فى ثلاث مدن صناعية، والتقدم بطلبات إحاطة وأسئلة حول دور الحكومة تجاه تدخل أثيوبيا فى الشئون الداخلية للصومال وهى دولة عربية مستقلة.

وعلى صعيد الاستجوابات ناقش المجلس استجوابات لهم، فى قضايا غرق العبارة والبطالة، وتلوث مياه الشرب، وسوء الأوضاع الصحية وإهدار المال العام فى برنامج الخصخصة.

تلك هى عينة من الإنجازات وليس مجملها من كتلة الإخوان، كما يقولون هم، لكن تبقى أمامها عدة ملاحظات، أولها.. أنها ليست جميعها نشاطا برلمانيا متفردا من الكتلة، فبيع القضايا السابق الإشارة إليها كان للمستقلين من خارج الإخوان، وكذلك نواب المعارضة نشاط ملحوظ فيه، وبالتالى لا يجوز اعتبار ما سبق إنجازا متفردا.

وثانيها، يأتى مما تركوه هم من قضايا دون الخوض فيها مع باقى زملائهم من النواب المستقلين مثل حيادهم فى قضية هانى سرور وأكياس الدم الملوثة، ويرد النائب الإخوانى سعد الحسينى على ذلك قائلاً: «القضية كان فيها تصفية حسابات فى الحزب الوطنى، ولم نشأ أن نكون طرفا فيها»، هناك أيضا عدم توقيعهم على طلب النائب المستقل علاء عبدالمنعم بإسقاط عضوية الدكتور محمد إبراهيم سليمان - وزير الإسكان السابق - والنائب الحالى ويرد النائب الإخوانى عزب مصطفى موسى على ذلك: «سليمان ترس فى منظومة الفساد، ولا نريد أن نترك الترس ونمسك فى المسمسار».

أما ثالث الملاحظات، فيأتى مما ذهب إليه يوما الكاتب الصحفى الراحل أحمد بهاء الدين, بأن هناك نائبا برلمانيا واحدا يساوى «مائة نائب»، مشيرا فى ذلك إلى أسماء بوزن برلمانيين عظام مثل المستشار ممتاز نصار، والدكتور محمود القاضى «رحمهما الله» وغيرهما، وجاء تقدير بهاء من قوة الأداء البرلمانى «الرفيع» و«الجاذب»، لنصار والقاضى، وتتربع الاستجوابات، كأداة مثلى فى محاسبة الحكومة، فلا أحد من نواب الإخوان قدم استجوابا يبقى عالقا فى الأذهان ويؤرخ للحياة البرلمانية، ويرمى إلى حرج حقيقى للحكومة حتى لو كانت تمتلك الأغلبية، ورغم تأكيد الدكتور وحيد عبدالمجيد - نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام - على أن أداء نواب الإخوان يختلف من دورة إلى أخرى، ما يعنى أنهم يكتسبون خبرات خاصة، ورغم منحه درجة «جيد» لأدائهم، فإنه يقول أن هناك بعض نوابهم لديه قصور فى إدراج الأولويات، وتورطوا فى كثير من الفرعيات، ولم يدركوا طبيعة الدور البرلمانى الذى يراقب دور الحكومة، وليس أخلاقها وعقائدها، ويدخل فى ذلك طلبات الإحاطة المقدمة منهم حول القصائد الشعرية، والتفتيش عما يريده الكُتاب والقراء والتشكيك فى إيمانهم.

الجزئية الأخيرة فى رأى وحيد عبدالمجيد، ربما تقربنا من فهم رأى النائب المستقل طاهر حزين الذى يرصد عيوب أداء نواب الإخوان فى أنه لا يشعر بأنهم يتحدثون من منطلق فكرى محدد، كما يشعر مثلا مع نائب التجمع عبدالعزيز شعبان الذى يعرف من أول وهلة فى حديثه أنه يتكلم بخلفية الفكر الاشتراكى.. يضيف حزين: «لو أغمضت عينى لن أعرف إذا كان المتحدث إخوانيا أم لا» ويزيد فى القول: «لم أكن أتوقع هذا الأداء من الإخوان، فالمفروض أن لديهم رؤية وفكرا معينا» لكن حزين يستثنى من هذا الإجمال أسماء مثل محمد البلتاجى، وحسين إبراهيم، وصبحى صالح، وأبوبركة، وحمدى حسن».. لكن الرؤية الانتقادية العنيفة تأتى من اللواء عبدالفتاح عمر - وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى - ويقول فيها: «نواب الإخوان ليس لديهم فكر وأداؤهم يتسم بأنه يسير داخل المجلس وفقا لتوجيهات تصدر إليهم من مكتب الإرشاد، وهم لا يؤدون أى عمل سياسى فى المجلس، وكل ما يفعلونه مجرد غوغائية، وترد عليها الأغلبية بغوغائية مماثلة لأن النقاش لا يكون حول تقديم أفكار منهم، وإنما هم يرفضون كل شىء لمجرد الرفض».

انتقاد عبدالفتاح عمر والخاص بأن هناك توجيهات تصدر إليهم من مكتب الإرشاد، لا يعد استثناء من سرب انتقادات «الوطنى»، فالدكتور أحمد فتحى سرور - رئيس مجلس الشعب - وبعد أن رفض إدراج مناقشة طلب منهم حول أزمة طوابير الخبز، فهددوا بالانسحاب من الجلسة، رد عليهم: «لن أسمح لكم بتنفيذ أجندة خارجية داخل المجلس، فأنا مصحصح لكم، وواخد بالى قوى، ولن أسمح لكم أن تتخذوا من المجلس مطية لتنفيذ أهداف خارجية» النائب حسين إبراهيم رد على سرور فى نفس الجلسة: «أجندتنا هى رجل الشارع والمواطن المصرى الذى يعانى فى الحصول على رغيف العيش، وسقط منه القتلى والشهداء».. ومن الطبيعى النظر إلى ديالوج سرور وإبراهيم، على أنه تقليدى، فالوطنى ينظر إلى الإخوان بوصفهم أصحاب أجندة خارجية، والإخوان يرفضون، وهذه النظرة هى فى الأصل موجودة خارج أسوار البرلمان، وقبل أن يدخل الإخوان إلى البرلمان، وبالتالى يستوجب الأمر علينا العودة مرة أخرى إلى الممارسات داخل المجلس، وتتفاوت النظرة إليه من نواب الإخوان أنفسهم، الدكتور حمدى حسن مثلا يرى أن أداء الكتلة فى الدورات الثلاث الماضية كان «مرضيا وجيدا وراقيا، وذلك باستخدام كل الأدوات الرقابية الموجودة»، أما الدكتور محمد البلتاجى أمين عام «الكتلة»، فيقدر وجود حالة من خيبة الأمل لدى المواطنين بسبب ما كان يطمح إليه الشعب من وجود عدد نواب كبير من الإخوان فى المجلس، لكنه يرفض اتهام كتلته بأنها كانت دون المستوى فى الأداء، ويقول: «عدم وجود مردود لما نفعله على أرض الواقع يعود إلى أننا لا نملك الأغلبية»، لكن الدكتور إبراهيم الجعفرى ينظر فى تقييمه إلى أن أداء الإخوان فى الدورة البرلمانية الأولى كان فيه نوع من التردد بسبب وجود نواب جدد ليس لديهم الخبرة، وتطور الأداء فى الدورة التالية عام 2006، أما فى الدورة الماضية فقد حدثت هزة فى الأداء بسبب تضامن نواب الإخوان مع نائب حزب الكرامة «تحت التأسيس» سعد عبود، حيث تم سحب جميع الاستجوابات مما أخل بواجبات نواب الإخوان» الجعفرى قال أيضا أن كثرة عدد نواب الإخوان أعطاهم ميزة فى الفرص التصويتية، لكنه أضفى عيبا هو أن كثيرا من كفاءاتهم لم تتح لهم فرصة الحديث، وتم اختزال عمل الكتلة فى خمسة أو ستة نواب هم الذين يقودون العمل البرلمانى.

هذا التداخل بين الاتهام بـ «التقصير» والدفاع بـ «الأداء الحسن» يعيدنا مرة أخرى إلى طرح الأسئلة السابقة، ومعها الإجابات:
هل حقق نواب الإخوان ما حلمت به الجماهير التى أعطتهم أصواتها؟.. الإجابة: مع كل التقدير لدورهم، لم يحققوا.
هل أفرزت الممارسة البرلمانية لهم نائبا يساوى «مائة نائب » .. الإجابة .. بكل ثقة «لم تفرز»

هل ستشهد الانتخابات المقبلة نفس أساليب الدعاية السابقة، ونشهد نموذجا آخر لسيدة تقول فى الفضائيات: «أنتخب الإسلام يا خويا».. الإجابة: «لا أحد يعرف».

هل سيبقى اعتماد الإخوان كما قال عصام العريان لصلاح عيسى على «الناس الطيبين»؟.. الإجابة.. مؤكد.
وإلى انتخابات قادمة عام 2010 إن شاء الله.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة