عاشوا طفولة بائسة، حُرموا فيها من أبسط مقومات الحياة الآدمية، لازمهم الفقر والمرض، وكادت حياتهم تنتهى قبل أن تبدأ.
حياة لاعبى كرة القدم بها جوانب خفية، لا يعرفها الكثيرون، تحمل قصصاً مأساوية، وأحداثاً أقرب إلى الخيال، لكنهم تحدوا كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وقفزوا بموهبتهم فوق كل الحواجز.
ميسى
ولعل الأرجنتينى ليونيل ميسى المرشح لجائزة أفضل لاعب فى العالم عن العام الحالى 2008، هو أحد هذه النماذج التى عانت فى صغرها من فقر مدقع، قبل أن تعرف عالم الشهرة والأموال.
ولد "ليو" فى الرابع والعشرين من يونيو من عام 1987، فى مدينة روزاريو الأرجنتينية، وعانى وهو فى الحادية عشرة من عمره من نقص فى هرمون النمو المسئول عن انقسام الخلايا وإنتاج خلايا جديدة فى الجسم، وقد أدى ذلك إلى قصر قامته.
ولعب ميسى مع فرق الشباب فى نادى نيويلز أولد بويز خمسة أعوام، تلقى خلالها أكثر من عرض أهمها كان من سيد الأندية الأرجنتينية فريق ريفر بلات، إلا أن ميسى لم يترك فريقه لأن عرض ريفر بلات لم يتضمن تكاليف علاجه من نقص هرمون النمو، والتى كانت قيمتها فى هذا الوقت 500 جنيه إسترلينى شهريًا، ولم يكن باستطاعته توفير هذا المبلغ، وظل المرض ينتشر فى جسد اللاعب الشاب حتى انتقل فى عام 2000 إلى برشلونة الأسبانى، ومنذ بداية لعبه مع الفريق الكتالونى، بدأ شيئاً فشيئاً فى تثبيت قدميه فى صفوف الفريق الأساسى، حتى بات أهم لاعبى الفريق حتى فى ظل وجود رونالدينيو، وكان ميسى أحد لاعبى الجيل الذهبى لبرشلونة عام 2005، إلى جانب رونالدينيو وصامويل إيتو وديكو، وبات الآن أحد أفضل لاعبى العالم، إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق.
باتو
ومن الأرجنتين إلى البرازيل، ومع أحدث المواهب الشابة فى تشكيلة المنتخب البرازيلى، ألكسندر باتو لاعب إى سى ميلان الإيطالى. وقصة باتو مع كرة القدم، مأساوية إلى حد كبير، حيث أصيب وهو فى الحادية عشرة من عمره بكسر فى يده، وأظهرت الفحوصات الطبية أن هناك ورماً فى يده المكسورة، وأكد الأطباء أن هناك احتمالات لتحول الورم إلى ورم خبيث إذا لم يتم استئصاله فى خلال شهرين، إلا أن أسرته الفقيرة عجزت عن إجراء هذه الجراحة لولدها المريض، وكاد الورم ينتشر فى جسد باتو، حتى تبرع طبيب يدعى باولو روبرتو موسى كان صديقًا للعائلة، بإجراء هذه الجراحة له مجانًا، وبالفعل نجحت الجراحة ونجا باتو من مرض فتاك.
بعدها لعب باتو لفريق إنترناسيونالى قبل أن ينتقل منه إلى إى سى ميلان الإيطالى، وينضم للمنتخب البرازيلى الأول، ويصبح أحد أبرز اللاعبين فى تشكيلة السيليساو.
دروجبا
ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا، قارة الفقر والمرض، ومع أسطورة الكرة الإيفوارية، ديدييه دروجبا الذى تحول من راع للأغنام فى فرنسا إلى أحد أفضل وأبرز مهاجمى العالم.
ولد دروجبا فى العاصمة الإيفوارية أبيدجان فى مارس عام 1978 لأسرة فقيرة، وهو فى الخامسة من عمره أرسله والداه لفرنسا ليعيش مع عمه ويخفف عنهما تكاليف الحياة اليومية، وفى فرنسا قضى دروجبا مع عمه ثلاثة أعوام قبل أن يعود إلى والديه فى أبيدجان مرة أخرى، لكنه وجد حالتهما المادية فى غاية الضعف وقد فقدا وظيفتهما، مما دفعه مرة أخرى إلى العودة لفرنسا، وهناك بحث دروجبا فى هذه الأوقات عن أية وظيفة تكفل له متطلبات الحياة الأساسية.
وفى الثمانينيات عمل دروجبا كراعى غنم فى مدينة تسمى برِست، فى أقصى شمال فرنسا، وربما يعود السبب إلى تأخر ظهور نجومية دروجبا إلى تأخر بدايته لعب كرة القدم، فقد كان أول اهتمام له بأكثر لعبات العالم شعبية فى أواخر الثمانينيات، فلم يبدأ اللعب فى سن أصغر نظراً لظروفه المادية الصعبة.
وفى عام 1991 لحق به والداه إلى فرنسا بحثاً عن مصدر أوسع للرزق، وانتقل دروجبا للعيش معهما وهو فى سن الخامسة عشرة، أى فى عام 1993، فى إحدى مقاطعات العاصمة باريس، وفى العام نفسه وقع المراهق الإيفوارى الذى كان عمره وقتها 15 عاماً، أول عقد له كلاعب كرة قدم مع فريق محلى يدعى "ليفالوا"، كان يلعب فى دورى الدرجة الرابعة الفرنسى، ثم بدأ يتسلق سلم المجد خطوة بخطوة حتى وصل إلى تشيلسى.
من رعى الأغنام إلى الشهرة والنجومية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة