القارئ محمود مختار جمعة: النوبيون بين البعد التاريخى والبعد الاجتماعى

الأحد، 23 نوفمبر 2008 11:49 م
القارئ محمود مختار جمعة: النوبيون بين البعد التاريخى والبعد الاجتماعى
مهندس محمود مختار جمعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد حاول البعض البحث عن ما هى الأسباب الراجعة إلى تماسك النوبيين كمجتمع بعاداته وتقاليده وثقافته، وأرى أن ذلك يرجع إلى بعدين:

أولاً، البعد التاريخى:
التاريخ احتفظ للنوبة بملكة قديمة وهذا ليس عيباً فى مصر التى كانت ذات يوم فرعونية ثم مسيحية ثم جرت الوقائع لتصبح إسلامية، ولكن هذه المملكة انتهت وأصبحت تدرس فى كليات الآثار فقط ودولياً، وهذا ما يعبر اهتمام الغرب وعلماء آثاره بالنوبة القديمة فهو نابع من اهتمام تاريخى وليس اهتماماً سياسياً، كما يزعم البعض من مرضى القلوب.

ثانياً: البعد التاريخى:
إن تكرار المعاناة مرة تلو الأخرى والغربة عن الأرض وضياع ماضى الأجداد الذين غرقت أرضهم تحت المياه، فقد تم تهجيرهم أربع مرات خلال مائة عام، والمعاناة هنا لم تكن معاناة أسرة واحدة أو عائلة بل معاناة جماعية، هُجر فيها النوبيون بعيداً عن أرضهم وزرعهم وديارهم وذكرياتهم، ولم يرجعوا لها أبداً.
- ففى عام 1902 تم تهجيرهم لبناء خزان أسوان.
- عام 1912 تم تهجيرهم عند التعلية الأولى لخزان أسوان ولم يرجعوا.
- عام 1933 تم تهجيرهم عند التعلية الثانية لخزان أسوان ولم يرجعوا.
عام 1963 تم تهجيرهم لبناء السد العالى العظيم، وذلك المشروع القومى الكبير ولم يرجعوا إلى ديارهم، بل غرقت آلاف الأسر وفقدوا كل ما يملكون عن طيب خاطر من أجل الوطن الأم مصر.

ولكن العجيب أنه حتى الآن لم يعوضوا، لقد فقدوا الأهل والأقارب والأجداد ودعونى أسألكم هل مر بأحد مثل ما مر به النوبيون فى وطننا؟

إذن فالمعاناة أساس هذا الترابط والتراحم بين النوبيين وليس بغريب ذلك، فمحافظات القناة عندما هجرت فى حرب 1967 ظهر بين أهلها ترابط ورحمة كجماعة واحدة لأن مأساتها كانت مأساة جماعية، وانعكس هذا على فنونهم، فظهرت فرقة السمسمية تؤدى أغانٍ جماعية تحلم بالعودة إلى بلادهم، وقد تتذكرون معى أن أجمل أغانى هذه الفترة كانت أغنية دافئة صادقة تجعل الدموع تترقرق فى عينيك، عندما تسمعها حتى الآن أغنية "يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى" غناها صوت دافئ يشعرك بالحنين إلى السويس والأرض، رغم أنها ليست مدينته هو الفنان الكبير محمد حمام، رحمة الله عليه، وهو نوبى ولأنه لمس مأساة هجرة النوبيين شعر بمعنى الغربة عن أهله وبلده.

وأخيراً بعد شرح هذين البعدين، هل ترون أنه لم يحن الوقت أن يعوض هؤلاء وأن يشعر هؤلاء بدفء الوطن، فتحية لكل من بذر أملاً فى تاريخ هؤلاء، بدءاً من سليمان عجيب وعبد الستار ميرغنى وانتهاء بالمناضل مختار جمعة. وأخيراً فالنوبى فى هذا الوطن يعانى من وجع قومى ومن وجع خاص ما زال ينزف بداخلهم حتى الآن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة