دعا المفكر الإسلامى جمال البنا للنظر إلى الدين نظرة جديدة غير تلك النظرة الوراثية التقليدية، حتى نتعرف عليه جيداً ونفهم أنه يمثل مجموعة القيم العقلانية.
جاءت دعوة البنا فى الندوة التى عقدتها دار هيفن للنشر والترجمة تحت عنوان "حرية العقيدة"، وفيها أكد المفكر جمال البنا أن الأديان السماوية كلها ما هى إلا حركات تحريرية، واصفاً إياها بأنها أكبر ثورات التحرير التى شهدها العالم.
ربط البنا بين الدين وإعمال العقل، وأضاف: لا إيمان لفرد لم يستخدم عقله واقتنع تماماً بما يفعله، فالإيمان فى حقيقته أعلى مراحل الفكر، ولهذا السبب التصقت الأديان كلها سواء السماوية أو غير السماوية بحرية العقيدة والفكر.
كانت قضية الردة فى الإسلام، المحور الرئيسى الذى تناوله البنا فى حديثه، نافياً وجود ما يسمى بحق الردة، قائلاً إن القرآن الكريم ذكر الردة مرات عديدة، ولم يذكر مرة واحدة وجود عقوبة لها، عكس ما ذكر عن السرقة أو الزنا، حيث وضع الله لكل منهم عقوبة محددة، لكن المرتد لم يذكر له عقوبة، كما حدث أيام الرسول أن ارتد العديد من المسلمين ولم يعاقبهم الرسول أو يتتبعهم، وكان أبرزهم اثنين من أبناء أحد الصحابة الذى توجه للرسول، وسأله أتدعهم يدخلون النار؟ فرد عليه الرسول "لا إكراه فى الدين".
وعن رأيه الشخصى فى الردة، قال البنا إنها ليست جريمة وإنما حرية فكر وعقيدة، وأضاف: ما المانع فى أن أخطئ التفكير ويهدينى عقلى لدين مختلف، وهنا لا يمكن معاقبة المرتد على أمر وصل إليه عقله واقتنع به. وعن حرب الردة التى وقعت بعد موت الرسول، قال البنا إنها لم تكن ردة إسلامية وإنما كانت سياسية، حيث رفض بعض المسلمين مبايعة أبى بكر ودفع الزكاة، وأرادوا الرجوع للأحكام القبلية، واعتبروا أن الإسلام انتهى بموت الرسول، فكانوا مجرد ثائرين على الحكم.
البنا أكد أن حق الردة هى صناعة فقهية سياسية لحماية النظام وخدمة الحكام ولا علاقة لها بحماية الدين الذى لا يحتاج لحماية من بشر، وأضاف: فقهاء الحكم صنعوا حق الردة ووضعوا له قائمة طويلة من التهم مثل عدم إطاعة الحكام وإنكار الحجاب، وغيرها من القضايا العامة، فى حين أن الردة قضية شخصية تماما، "فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن يضل فإنما يضل عليها"، لكن رجال الدين ومؤسساتهم جعلوا من أنفسهم محامين للأديان، وكل ما يهمهم هو كسب القضية حتى لو اكتشفوا بها ثغرات، مؤكداً أنها صناعة حمقاء حيث لا يوجد سوى إله واحد لكل البشر، ومن يشهر إسلامه أو يتنصر أو حتى يعتنق اليهودية فإنما يفر من الله إلى الله.
البنا قال رأيه فى بعض القضايا الأخرى التى تخص الإسلام مثل الفتاوى التى تنطلق يومياً من الفضائيات والدعاة الجدد، واصفاً الأمر بأنه صورة من صور الضياع والتخلف الذى يمر به العالم الإسلامى نتيجة لسوء فهم الدين.
وعن الديانة البهائية، قال البنا إن منتهى الحماقة عدم الاعتراف إلا بثلاثة أديان فقط، وعلى الدولة كتابة كلمة "بهائى" أمام خانة الديانة فى البطاقة الشخصية لكل معتنقى هذه الديانة، مؤكداً أن الحرية الشخصية لأى فرد تأتى من خلال إيمانه بحرية الآخرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة