أوقفوا الجريمة.. استعيدوا اقتصادكم وأرضكم
فى الجلسات الأخيرة لمجلس الشعب المنتخب عام 1971 كافح النائب الدكتور محمود القاضى لوقف بيع القطاع العام، وكان المعروض إمكانية زيادة قيمة الأصول دون الاحتفاظ بنسب ملكية الدولة فى وحدات القطاع العام، مما كان سيسمح بتحويل أغلبية ملكية الحكومة إلى أقلية تمكن المستثمرين الجدد من التصرف فى الوحدات، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى استحواذ المشترين على كامل الأسهم أو معظمها، وإخضاع الدولة لإرادة الملاك الجدد الذين تؤول إليهم الأغلبية.
وتوقفت المحاولة نتيجة ضغوط عمالية وسياسية ثم عادت فى برلمان 1976 ووقف ضدها قاضى القضاة النائب ممتاز نصار وأشاد محمد القاضى بجهد قاضى القضاة كما لو كان لينين أو ماركس، هما اللذان يدافعان، ورد قاضى القضاة بالقول «الحكاية لا رأسمالية ولا اشتراكية ولا مهلبية، اللصوص أرادوا سرقة عصب الاقتصاد الوطنى»، وجاء مبارك وصدر القانون 203 لسنة1991 الذى أطلق يد الرأسمالية الطفيلية لإعدام القطاع العام ودارت عجلة إفساده بالاستيلاء على أرباحه وعدم تجديده وتطويره.
وللتذكير فإنه وقت حكومة عاطف صدقى قدروا القطاع العام بمتوسط 400 مليار جنيه تساوى الآن 693 مليار جنيه، ولو تمت إدارته بشكل معقول خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة فقط، وبمتوسط عائد 15 % لتحقق 3445 مليار جنيه، وبذلك ترتفع قيمته الكلية إلى 4138 مليارا، وبعد بيع نصفه بمبلغ 36 مليار جنيه، وعملوا لبيع النصف الآخر بمبلغ مواز، يكون الإجمالى 72 مليار جنيه لتصل الجريمة إلى إعدام 4066 مليار جنيه والحفاظ عليه كان سيضمن استمرار الوظائف لـ450 ألفا تم إخراجهم إلى المعاش المبكر برشاوى تسمى تعويضا، كما أن استخدام نصف الأرباح فقط «1720» مليار جنيه كانت كافية للقضاء على البطالة الحقيقية التى تتجاوز 8 ملايين بخلق وظائف بتكنولوجيا متقدمة بواقع 200 ألف جنيه لكل وظيفة وكان يمكن استخدام 260 مليار جنيه فى توفير عجز المساكن والمدارس وإنشاء عواصم محافظات ومدن جديدة.
كل هذا ضاع ويجب محاسبة المسئولين عن ضياعه، وبدلا من أن يفعلوا ذلك يفاجئوننا بتفنينة جديدة بطرح إصدار قرار جمهورى بإنشاء جهاز بدعوى إدارة وتعظيم قيمة الأصول العامة بدلا من استثمارها، وهى نفس الخطيئة التى ارتكبها الرئيس الروسى الأسبق بوريس يلتسين عندما وزع أسهم القطاع العام على أفراد الشعب، فوقعت فى أيد 30 من المافيا المالية الروسية وحازوا على آلاف المليارات فى لمح البصر وللعلم سبق للسادات التفكير الجدى فى رهن قناة السويس. وقام بالفعل بإعطاء حق انتفاع بهضبة الهرم لمدة 99 سنة لنصاب دولى.
وضمن المطروح أنهم سينشئون شركة قابضة «بياعة»، ولتخفيف الصدمة يقولون إنهم سيحتفظون للدولة بأغلبية فى الشركات الحيوية. كالحديد والألومنيوم والكوك والأسمنت الذى لم يعد للقطاع العام فيه إلا أقل من 10 % بعد أن كان كله ملك الشعب، وأنهم سيمنحون حق شراء لملمة الأسهم للمؤسسات المصرية. أى المسجلة فى مصر، والتسجيل لا يعنى انفراد المصريين بالشراء فمع النظام الاقتصادى الدولى لم يعد هناك فرق بين مصرى وصهيونى فى الشراء، ومن لا يقبل من المواطنين الفقراء الحصول على الأسهم المخصصة له بعد مرور عام سوف تباع، وهم بذلك يوزعون دم الشعب على الناس بدعوى اشتراك القواعد العريضة فى الانتفاع وفى يقينى أن برنامج تسريق الأصول فى النهاية سيؤول إلى محترفى النهب والنصب، أما الدولة الممثلة للشعب والمفترض أنها قائمة ومستقلة عن السلطة، فستصبح صفر اليدين، تنتظر بعض العوائد الريعية من القناة والبترول والمحاجر والضرائب، فإذا ما حلت كارثة كالتى تعانى منها الرأسمالية العالمية، والتى تنعكس عليهم وعلينا، يكون كل شىء قد انهار فى لعبة «الاستبربتيز» الاقتصادى، مع أن كل الدول الرأسمالية بما فيها أمريكا لا يقل حجم الملكية العامة فيها عن 35 42 % من الاقتصاد الوطنى، وتزايدت فى الأيام الأخيرة الدعوة لإعادة دور الدولة بالملكية والتنظيم للاقتصاد والإدارة بما يمكنها من مواجهة مثل هذه الكوارث، المتوقع زيادتها عالميا ومحلياً. ندائى للجميع: أوقفوا الجريمة.. استعيدوا اقتصادكم وأرضكم تستعيدوا وطنكم.. وعلى الجماعة الوطنية أن تهب للحفاظ على الثروة المصرية بأن تؤدى دورها.
لمعلوماتك..
◄ 8 ملايين عاطل فى مصر
أبو العز الحريرى
بيع الأصول العامة جريمة بدأت ببيع القطاع العام وسينتهى إلى محترفى النهب
الجمعة، 21 نوفمبر 2008 03:01 ص