التنقيب عن الآثار وراء تشردهم..

انهيار وتصدع المنازل فى صفط اللبن!

الجمعة، 21 نوفمبر 2008 08:25 م
انهيار وتصدع المنازل فى صفط اللبن! مأساة جديدة تواجه أهالى صفط اللبن - تصوير إبمان شوقت
تقرير أعدته ماجدة سالم وآمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرض الحشايشة بالدرب النافد، أقدم منطقة فى صفط اللبن بمحافظة الجيزة.. تواجه ظاهرة مفزعة ومأساة إنسانية بالغة تتمثل فى انهيار وتصدع 11 منزلا، مما يهدد بتشريد أكثر من ثلاثين أسرة.. بدأت أحداث المأساة الجمعة الماضية، عندما لاحظ ساكنو 11 منزلا فى وقت واحد، شروخا وتشققات فى حوائط منازلهم، والتى بدت عادية، فلم يعيروا لها اهتماما، وفى اليوم التالى بدأت الشروخ تزداد اتساعا مع هبوط فى الأرضيات، ثم اتسعت الشروخ أكثر حتى صارت شقوقا ينفذ منها الضوء، وبدأ الخوف والرعب ينتشر فى المنطقة من انهيار المنازل، فقرروا إبلاغ المسئولين فى حى كرداسة يوم الاثنين الماضى، وبالفعل أرسل الحى لجنة الشئون الهندسية التى عاينت المنازل، وأصدرت قرارا بالإخلاء الفورى.

الأهالى أجمعوا على أن الشقوق لم تحدث فجأة، وإنما ظهرت على مراحل متفرقة على مدار ثلاثة أيام، ولوحظ أن المنازل المتضررة تقع بجانب بعضها على خط واحد، المنزل الأول المكون من دورين يمتلكه سلامة عبد الحليم حفناوى، ويعمل مراجع حسابات بجامعة القاهرة، أسرته مكونة من ستة أفراد، صمم سلامة أن يروى لنا ما حدث بالتفصيل منذ الجمعة الماضية وتحديدا الساعة الثالثة فجرا، وحتى صدور قرار الإخلاء، قائلا "لاحظت شرخا بسيطا فجر الجمعة الماضية، ثم لاحظت هبوط أرضى يومى السبت والأحد، ولاحظت اتساع الشروخ، فذهبت لجارى لأتفقد منزله فوجدت نفس الأعراض تجتاح حوائط وأرضيات منزله، فتابعت البحث فى المنازل المجاورة وفوجئت بتكرار المشهد، فقمت بإخطار الوحدة المحلية فحضرت لجنة الشئون الهندسية يوم الاثنين الماضى بعد الحصول على موافقة مركز كرداسة لمعاينة المنازل، وقرروا إخلاء المنازل رافضين اطلاعنا على التقرير أو نتيجة المعاينة". ونفى سلامة أن يكون سبب الانهيار هو الصرف الصحى أو سوء حالة المنازل، لأن أى من البيوت المنهارة لم تتلق أى قرارات إزالة من قبل، والغريب أن سلامة قام بترميم وتجديد المنزل منذ شهور قليلة حيث إنه قام بشراء المنزل فى يوليو الماضى.

المنزل الثانى يمتلكه نجدى عبد النبى محمد النحاس، وتسكنه أسرتان مكونتان من عشرة أفراد، ويحكى نجدى مأساته مع الحادث قائلا "لاحظت الشروخ بعدما وجدت جميع أبواب الغرف مش عايزة تقفل، والمشكلة دلوقتى إننا فى الشارع، والبيت متشمع بالشمع الأحمر، وأسرتى فى الشارع، والوحدة المحلية وفرت لنا خيما فى مركز الشباب لكن إحنا رفضنا نروح بحريمنا هناك".

هذه المأساة تواجهها كل الأسر المتضررة، حيث لم توفر لهم المحافظة أو المركز مكانا أمنا حتى يستقروا به لحين إيجاد حل لمشكلتهم، فمنهم من وافق على الذهاب للمخيمات، ومنهم من رفض وقام بالتوقيع على إقرار بالرفض لإخلاء مسئولية المحافظة من جانبهم ومن بينهم أسرتين يقطنون أحد المنازل المنهارة وهم أسرة "إصلاح على" المكونة من خمسة أفراد وأسرة شقيقها "خليل على" المكونة أيضا من خمسة أفراد، رفضوا لأن هذا هو مأواهم الوحيد، حيث إن الأخ وأخته حصلوا على قرض من البنك لشراء المنزل وترميمه فى مايو 2007، وعلقت السيدة إصلاح قائلة "مش هنسيب بيتنا غير لما يوفروا لنا شقق، هنروح فين؟ ونتبهدل إحنا وعيالنا، وهنعمل إيه فى مدارسهم، وأشغالنا المتعطلة"

مرسال سيد، يمتلك منزلا يعيش به هو وخمس أسر آخرى، لديه خمس بنات، يحصل على معاش شهرى إلى جانب إعانة مماثلة من وحدة الشئون الاجتماعية، فوجئ مرسال بالمأساة مع ظهور الشروخ، وحتى إخلاء منزله بالقوة من قبل الوحدة المحلية، ولم يصبح أمامه سوى الخيام، حينما ذكرت الوحدة المحلية أن المحافظة ليس لديها حتى ولو شقة واحدة لتجمعهم فيها، لكنه رفض أيضا مرددا "البيت يقع على دماغنا أهون".

وجاره على محمود السيد يعانى نفس المأساة، حيث شعر هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد بوجود "تنميل" بسيط فى الحوائط -على حد تعبيره- وفوجئ بجاره يطرق عليه الباب ويطالبه بسرعة الخروج خوفا من تهدم البيت عليهم، وعندما خرج من المنزل وجد أن باقى المنازل حوله لاقت نفس المصير.

دائما ما نسأل عن دور أعضاء مجلسى الشعب والشورى وأعضاء المجلس المحلى فى هذه الظروف، لكن للأسف الشديد لم نجد فى هذه الكارثة سوى عضو مجلس محلى واحد يقف بجوار الأهالى "يواسيهم" فى شدتهم، وهو العضو صبرى فرغلى الصفطاوى الذى أكد لليوم السابع أن أعراض الانهيار بدأت منذ أسبوع بسبعة منازل فقط، ثم امتدت إلى أربعة منازل أخرى تقع بالخلف، وتم إخلائهم جميعا وتوفير خيام للمتضررين، لكنهم رفضوا استلامها، وبسؤاله عن دور المجلس المحلى فى هذه الكارثة رد قائلا، "نحن نؤيد المواطنين فى موقفهم، ونطالب المسئولين بمساعدتهم"، المفاجأة التى فجرها العضو هى انتشار أقاويل حول سبب الانهيارات، وهو تنقيب أحد الأهالى عن الآثار فى إحدى المنازل مما أدى لتصدع المنازل المحيطة حولهم.

وبالبحث وراء الخيط الجديد الذى أرشدنا له عضو المجلس المحلى، وجدنا شكوى لدى رئيس الوحدة المحلية سبق وتقدم بها أحد المتضررين وهو المواطن سلامة عبد الحليم حفناوى، ذكر فيها سماعه لأصوات غريبة تحت أرضية منزله وشكوكه حول وجود أشخاص تقوم بالتنقيب أسفل المنازل عن الآثار، وأنها التى تسببت فى هذه الشروخ، الاحتمال الذى ذكره سلامة قد يبدو غريبا، ولكن الأغرب ما ذكره عندما واجهناه بالشكوى، فأجابنا بتردد شديد "ممكن تكون تهيؤات منى أو صدى صوت، حيث إننى ذكرت فى الشكوى أن الصوت لم يكن مميزا" وأنكر وجود أشخاص تقوم بالتنقيب عن الآثار.

احتمال التنقيب عن الآثار لاقى تأكيدا من أهالى المنطقة، مشيرين إلى محاولات مجموعة من الأغراب لشراء منازلهم وذلك للتنقيب عن الآثار، ومنذ فترة قريبة قام أحد الأشخاص بشراء أحد المنازل المتضررة، حيث اتفق الجميع أنه سر اللغز ومفتاحه.. المنزل لا يعلم أحد شخصية مالكه سوى أنه من محافظة الفيوم، واشترى المنزل ووضع قفلا على بابه ولم يفتحه طوال هذه المدة، وأكد بعض الأهالى أنهم يسمعون أصوات طرق على أرضيات هذا المنزل فجرا.

وبمعاينة المنزل وجدنا أن مساحته صغيرة ومهجور، لا توجد به أى معالم للحياة، الشروخ تجتاح حوائطه وأرضياته، وبالملاحظة الدقيقة وجدنا قشرة من الأسمنت تم وضعها حديثا فى المنزل من الداخل بالقرب من الباب، هذه الطبقة أيضا لاحظها رئيس الوحدة المحلية، حتى أنه أحضر عصا طويلة وقام بوضعها أسفل الطبقة، فوجد فراغا، ولم يجد آثار لمياه الصرف الصحى على العصا، ويعد هذا دليل على أن أسفل الطبقة غير مخصص للصرف الصحى.

الجدير بالذكر أن خمسة من المتضررين وهم سلامة عبد الحليم حفناوى ومجدى النحاس وخليل على خليل ومرسال صالح إسماعيل ومفيدة محمد الكيلانى، قاموا بتحرير محضر أول أمس الأربعاء، برقم 9016 فى مركز شرطة كرداسة، مطالبين بسرعة إيجاد حل لمشكلتهم حيث إنهم وذويهم يفترشون الشوارع بممتلكاتهم.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة