القارئ على عوض الله كرار يكتب: على عوض الله كرار

الجمعة، 21 نوفمبر 2008 10:09 م
القارئ على عوض الله كرار يكتب: على عوض الله كرار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يتذكر بعضنا مجلة (الطليعة) اليسارية، الصادرة عن مؤسسة الأهرام أيام محمد حسنين هيكل، وكان يرأس الطليعة المفكر السياسى الأديب لطفى الخولى الذى حرص هو وهيئة تحرير المجلة على وضع مربعات إلى جوار الموضوعات، بها شرح مبسط لكلمة أو مصطلح، جاءت ضمن سياق دراسة أو مقال، أو بها بعض المعلومات الأساسية عنها.. وبتوالى أعداد المجلة أصبح لدينا قاموس مهم فى الفكر الاشتراكى وشخصياته وأحداثه.

ونرى هذا الأمر، ولكن على نحو مختلف فى مجلة (سينما) الشهرية الصادرة عن مؤسسة (جود نيوز)، حيث يلحق بكل فيلم تم تناوله نقداً، مستطيلاً أو أكثر به شرح لفكرة الفيلم، أو لحدث جاء ضمن سياقه الدرامى، أو للعصر الذى يدور فيه وهكذا...، وهذا ما رأيته فى (اليوم السابع) ولكن على نحو غير أيديولوجى، أو مرتبط بشئ محدد (كالسينما مثلاً).

وهذه الدوائر والمستطيلات هى أول ما يداهم العين بعد قراءة العناوين الرئيسية والفرعية، التى صار عدد من القراء يكتفون بها لعدم وجود فائض لديهم من الوقت، والغالبية تكتفى ببضع مقالات تتفق مع اهتمامات كل شريحة منهم، أو أن رابطاً وجدانياً أو فكرياً أو موقفياً جمعهم بأسماء معينة يحبون تتبع مقالاتهم فى أية جريدة، لا يهمهم الجريدة ذاتها، والتى قد يرتبط بها بعض من هذه الغالبية، فيشترونها من الحين للحين حسب ما يهمهم من الموضوعات المثارة.

ولذلك كان التميز هو الشئ الوحيد الفارق بين أى مطبوعة وأخرى، وتميز جريدة اليوم السابع فى دوائرها ومستطيلاتها التى تتنوع طريقة إخراجها واستعمالها الثقافى: إما أن تكون لتتبع قرار بعينه تاريخياً مثل (بناء دور العبادة) ص15 أو لرصد مجموعة أراء حول شخصية ما، مثل الفنان محمد منير ص25 أو لرصد المشروعات القومية الفاشلة فى مصرص2.

وقد اعجبتنى بصفة خاصة الطريقة الإخراجية لمربعات (مصر تحت ضرس مين؟) ص11 00 وتتبع التاريخ المهنى للرئيس أنور السادات ص13. فى اليوم السابع اختصرت الرياضة فى كرة القدم، وللأسف هذا حال معظم الجرائد خاصة التى تعانى من أزمة توزيع، أو تخشى أن تقع فيها، ولذلك هى تلعب على عواطف الأغلبية العاشقة لما صارت تسمى (الساحرة المستديرة).

وهذا الأمر يكرس فى اللاوعى فكرة الواحد، وبالتالى فكرة المطلق، وبالتالى ضرب فكرة المنظومة الرياضية من أساسها، فالمنظومة الاجتماعية، فالسياسة، وتصبح لفظة "أنت مالكش فيه" والتى ابتكرها الشارع المصرى مؤخراً، هى المبدأ الحقيقى للحياة المصرية التى لم تتلمس حتى الآن حقيقة أن المنظومة -أياً كانت- أشبه بسيمفونية متعددة الآلات التى ترجع كل مجموعة منها إلى أصل واحد: وتريات / نفخيات / إيقاعات... الخ.

وهذه الجرائد الحزبية والمستقلة مثل "البديل"، و"اليوم السابع" وغيرهما، أراها تقف ضد فكرة الحزب الواحد، وأنها مع التعددية الحقيقية، لا الديكورية الكرنفالية، وبالتالى مع تبادل السلطة، فقد يكون هناك نوع معين من الرياضة المتزاملة مع نوع آخر، هما القائد فى بلد ما (كرة السلة والرجبى فى أمريكا)، (الجمباز والبنج بونج فى الصين)، (رفع الأثقال والمصارعة فى بعض بلدان المعسكر الاشتراكى الأوربى قديماً).. وهكذا.

وأنا أخشى أن يكون البديل لهذا التناقض الحادث ما بين وعينا الظاهرى بأهمية التعددية، ووعينا الباطنى المخادع والراغب لفكرة الواحد المهيمن المسيطر، أخشى أن يكون البديل هو أن تتحول مصر إلى حزبين كبيرين فحسب.. هما: حزب (كرة القدم)، وحزب (الفيس بوك).

طبعاً كرة القدم هى فول وفلافل الشعب المصرى الذى ينتابه (الزهق) أحياناً منهما، ويرى نفسه تميل إلى تناول قطعتين من جبن وحلاوة، أو طبق من عسل أسود مخلوط بطحينة، وأحايناً تستبعد الحلاوة من جوار الجبن الذى يوضع إلى جواره بيضة مسلوقة من أى نوع من أى حجم ولو كان مثل كرة البنج بونج التى كان من الممكن أن تصير لعبة شعبية فى مصر بعد أن إندست الفضاءات الأرضية بخراسانات مسلحة بالحديد والزلط والأسمنت، وبالتالى انقرضت تقريباً (كرة الشراب) المستودع الشعبى لفرق كرة القدم بعد أن صار البيض والبنج بونج فى متناول مرتادى الأندية من أبناء الأثرياء ومتوسطى الدخول، أصبح الشعب الذى يعمل بيديه وقدميه وأعصابه يحلم بأن يرى شوارعه فارغة من زحام السيارات، ولو لساعة واحدة، يشب فيها لفوق كى يلتقط من الهواء المتحرر من ضجيج القنوات التليفزيونية، كرة سلة يرميها محاطة بالورود داخل الشبكة التى ما انتهت حبيبته من نسجها لاصطياد قلبه الطائر نحوها دون الحاجة لجهدها المبذول.

ومن هذا الشعب من هو فى نفسه لو خطف رغيف خبز مثل (جان فالجان) بتاع بؤساء "فيكتوهيجو".. يخطف الرغيف ويجرى بسرعة أبطال المارثون، والـ (800 متر) عدواً، فلا يحكم عليه بالسجن عشرين عاماً.

ومن هذا الشعب من هو يتمنى أن يطلع من غلبه، حتى ولو اشترط هذا الغلب أن يطلع أيضاً من جلده، وليس من ملابسه فحسب مثل لعيبة السباحة الذين أثبتوا أن الإنسان من أصول مائية، وما التراب إلا جذر فرعى.

ومن هذا الشعب من كان يتمنى لو استطاع رفع صخور الدويقة عن أهالى المقطم، ولكن السلطة لا تشجع رياضة رفع الأثقال بطريقة علمية بين الناس، وأحياناً ما تتمنى الأصابع المشغولة طيلة الوقت بأزرار الكمبيوتر لو تحررت لبضع ثوانى أو ساعات كل أسبوع، عاقدة صداقة شقية مع لعبة الكرة الطائرة التى تخرج الجسم من تيبسه الجرانيتى الجاعل إياه تمثالاً، إلى تحرر هذا الجسم وجعله أقرب إلى راقصى الباليه.
والموضوع يطول.

ولذلك أرجو أن تضاف صفحة ثالثة للرياضة كى نصدق أنكم مع التعددية، وضد هيمنة أى واحد على الآحاد الأخرى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة