رغم تأكيد الدكتور ماجد عثمان، رئيس مركز معلومات مجلس الوزراء لدعم واتخاذ القرار، على أن أخلاق المصريين "بخير"، بعد نتائج "مسح القيم" الذى أجراه المركز مؤخراً، إلا أن كثيرين علقوا على تلك النتائج بشكل يدعو إلى كثير من القلق.
عثمان قال أمام نخبة من خبراء السياسة والاقتصاد والاجتماع والطب النفسى، إن الدافع وراء إجراء هذا المسح هو الكتابات التى ظهرت مؤخراً حول تغيير القيم والأخلاقيات فى مصر، مشيراً إلى أنه تم بأسلوب المقابلة الشخصية على عينة من 3000 أسرة تمثل المجتمع المصرى بشكل كامل، وأن هذا المسح مقارن بنتائج المسح المماثل بـ55 دولة فى العالم.
كشف المسح تراجعا للعديد من القيم، خاصة العمل، حيث أوضح أن 44% من المصريين يعملون من أجل الشعور بالأمان وليس لقيمة العمل، كما يبين المسح تراجع الاهتمام بالسياسة، حيث إن 60% من المصريين غير مهتمين بالمشاركة السياسية.
وأوضح المسح أن المجتمع المصرى مازال ذكورياً، حيث يفضل 84% من أفراد العينة (رجال ونساء) الرجل فى أداء العمل، بغض النظر عن الكفاءة، وهذا المؤشر وضع مصر فى المؤخرة.
ومن المؤشرات الخطيرة التى كشفها المسح تراجع الثقة عند التعامل بين الأفراد، حيث بلغت نسبة الثقة فى التعامل 18%. من جانب آخر تراجعت قيمة الادخار بين المصريين وبلغت نسبتها 6% فقط ، وهى منخفضة جداً مقارنة بالدول الأخرى.
الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسى، عارض منهجية البحث التى أظهرت تناقضاً فى النتائج، فلا أحد يمكنه تعريف السعادة التى تحدث عنها المسح، كما أنه تم بطريقة المقابلة الشخصية والشعب المصرى خائف بطبيعته، لأن من يجرى البحث هو مجلس الوزراء فسيقول إنه سعيد، مضيفاً "أن القول بأن المصريين سعداء هو مأساة".
واستنكر عكاشة نتيجة سؤال الانتماء، خاصة مع ظهور الهجرة غير الشرعية والهجرة للخليج، فلابد أن يكون السؤال مناسباً للمجتمع المصرى وليس مجرد ترجمة للاستبيان الأجنبى، مشيراً إلى أن عدم الاهتمام بالسياسة مؤشر خطير وناتج عن اليأس من النظام الحاكم.
وأكد الطبيب النفسى أن تحسين منظومة القيم يتطلب تغيير الدستور وإحساس الحاكم بالمسئولية، مضيفاً أن الفقر لا يفسد القيم، وإنما عدم الإحساس وضياع الحقوق هو ما يفسدها.
من جهته، أكد الدكتور مصطفى علوى، أستاذ العلوم السياسية، أن رغبة المصريين فى ملكية الدولة لقطاع الأعمال والصناعة ليست رجوعاً لعصر الاشتراكية كما فسر البعض، وإنما السبب هو فشل القطاع الخاص فى القيام بدوره فى المجتمع بدليل ما تشهده مصر من ارتفاع غير مبرر للأسعار، خاصة مواد البناء.
ولم يختلف رأى الدكتور ماجد عثمان، حيث أكد أن نتيجة الشعور بالسعادة 84% سببها أن الباحثين عندما سألوا أفراد العينة "هل أنت سعيد؟" أجابوا "الحمد لله" وهذه تعبيرات إيجابية.
من النتائج التى أثارت دهشة الحضور هو أن 74% من المصريين يشعرون بالسعادة و10% سعداء جداً، كما أظهرت ارتفاع درجة الانتماء للهوية المصرية بنسبة 73% مقابل انخفاضها بشدة فى دول متقدمة مثل اليابان، وأعرب 80% من أفراد العينة عن استعدادهم للحرب من أجل بلادهم، كما أظهر المسح أن 95% من المصريين مهتم جداً بالدين. وحول ملكية قطاع الأعمال والصناعة كشف المسح أن 72% من المصريين يفضلون ملكية الحكومة للقطاع العام وتحمل المسئولية كاملة.
النتائج السابقة أثارت دهشة البعض وتوافقت مع رؤى آخرين، ولكن فى مجملها دقت ناقوس الخطر حول القيم التى سيطرت على المصريين مؤخراً.
نهاد أبو القمصان، مديرة مركز حقوق المرأة، استنكرت نتيجة نسبة اهتمام المصريين بالدين والتى بلغت 95% فى الوقت الذى انتشر فيه الفساد والرشوة والتحرش الجنسى، مشيرة إلى أن الدراسة تعكس خللاً فى منظومة القيم وعودة للمجتمع الذكورى.
عضو مجلس الشعب مصطفى بكرى، رئيس تحرير جريدة الأسبوع، قال إن الانفصال بين رغبة الشارع وتوجيهات الدولة خاصة فى موضوع الملكية مؤشر خطير، كما أن السؤال الخاص بالسعادة به خلل، لأن النسبة التى أظهرها فى الإجابة تتناقض مع النسب الأخرى التى أظهرها المسح، محذراً أن هذه النتيجة تنذر بحالة من الفوضى وانتشار العنف فى المجتمع المصرى.
بلغت نسبتها 18% فقط:
تقرير حكومى يؤكد انعدام الثقة بين المصريين
الخميس، 20 نوفمبر 2008 05:48 م