القارئ أحمد خيرى يكتب: قطه" كارن" الهولاندية و"أم اشرف" البورسعيدية

الخميس، 20 نوفمبر 2008 04:41 م
القارئ أحمد خيرى يكتب: قطه" كارن" الهولاندية و"أم اشرف" البورسعيدية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أم أشرف جارتنا، تسكن الدور الأرضى من مدن القناة، فتحت عينى على طيبة قلبها وحبها لجميع الجيران كبارا وصغارا.. كانت ممتلئة طولا بعرض، وجهها كالقمر مشرب بحمرة وصفاء، تبارك الخالق، لها ثلاث بنات، جاءت مثل كثير من أبناء مدن القناة المهجرين فى ذلك الوقت.

وزيادة وزنها غير العادى ومرضها، كنا لا نلاحظه من حبنا لها وطيبة قلبها وخفة دمها.. وقعت فى الحمام وظلت مدة كبيرة فى غيبوبة، ولم تستطع البنات الثلاث إخراجها من الحمام، وكانت ورطة كبيرة وصدمة أكبر للجميع، ماتت أم أشرف، واتصلوا بالإسعاف على أمل أنها مازالت على قيد الحياة، حضرت بعد ساعات، ولم تنقل أم أشرف لأن الإسعاف فى بلدنا للمصاب وليس للموتي.. ذهبت أم أشرف وتركت فى رأسى حفرة حتى الآن لا استطيع ردمها، كلما غطاها الزمن كشفتها الذكريات والأحداث المتشابهة. مع اعتذارى لحفر الشوارع كلما ردمها مقاول حفرها مقاول آخر بإذن ومن جيب الحكومة.

رجعت بعد العمل فى الثانية بعد منتصف الليل، وعلى غير العادة من بعيد، شاهدت أنوارا كثيرة وعربة مطافى وعربة شرطة، ظننت أنه حريق، ولكنى لم أر دخانا، اقتربت أكثر على غير العادة، فى هذا الوقت لا تر أنوارا ولا تسمع صريخ لابن يومين، من التاسعة كله بيتك بيتك، إيه الحكاية؟ اقتربت أكثر كانت "كارن" جارة تسكن فى نفس الشارع الذى أسكن فيه فى هولندا، تبكى بحرقة والجيران يواسونها فى أحضانهم وكثير من الرجال والنساء حولها وعيونهم متعلقة بأعلى أغصان الشجرة وكان منهم من يحمل كاميرا ويصور هذا الحدث للقناة المحلية بالبلدة الصغيرة، وصيحات الرجال والنساء، واندماجهم مع الحدث إنقاذ قطة يعنى هرة وتصغيرها هريرة، إنقاذ قطة كارن، عربة مطافئ وعربة شرطة ورجال ونساء بملابس النوم فى هذا الجو البارد، وهذا الوقت المتأخر وكاميرا وتلفزيون كل هذا لإنقاذ قطة وممكن كانت تنزل لوحدها، وحدث هذا بالفعل فى بلدنا تسلقت قطة صغيرة الشجرة فى بيت العمدة، وظلت تموء وقت القيلولة وأزعجت العمدة الذى أمر شيخ الغفر بإنزالها وإبعادها، ولكن الفرق كبير، ففى هولاندا كانت كاميرا وعربة مطافئ، وفى بلدنا كانت بندقية شيخ الغفر، وعيارين أسقطوا القطة قتيلة لينام العمده..

وتم إنقاذ قطة كارن الهولاندية، وسط إعجاب وتصفيق وسعادة بالغة من الحضور، وحزن وأسى وحسرة وألم، أصابنى جعلنى أكلم نفسى، حتى دخلت إلى البيت، وظللت أبكى على أم أشرف البورسعيدية، أبكى على أطفال فلسطين والعراق، أبكى على من تهدمت البيوت فوق رؤوسهم، أبكى على من مات فى طابور العيش، أبكى على أطفال الشوارع فى بلدى، أبكى على كل سجين مظلوم، أبكى على المطحونين فوق الأرض وليس على أغصان الشجر...

أبكى على ناس الدويقة وعمارات واقعة وعبارات غرقى وشباب وشابات فى طابور البطالة والجواز إتخنقت من الوقفة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة