صدر فى باريس كتاب عنوانه "إسرائيل، الصراع الآخر" حول تاريخ المواجهة بين المتدينين والعلمانيين، منذ اختبار القوة بين المتدينين والصهاينة فى القرن التاسع عشر، حتى إنشاء دولة إسرائيل ثم اغتيال إسحاق رابين، مما يدعو إلى البحث والتساؤل عن هوية الدولة العبرية.
ويلقى كتاب "إسرائيل، الصراع الآخر - العلمانيون ضد المتدينين" للصحفى ماريوس شاتنر، الضوء على اللحظات الفاصلة فى هذا الانقسام داخل العالم اليهودى، ولكنه ينطوى كذلك على تأملات فى إمكان التوصل إلى "صيغة للتعايش" وهو أمر يعد بمثابة "حلم" كما يرى المؤلف.
ويقول المؤلف فى المقدمة، إن فكرة هذا الكتاب تبعت من "تجربة شخصية جدا"، وهى عودة ابنته التى نشأت فى أسرة علمانية إلى الدين، بالإضافة إلى تجربته فى قطاع غزة عند إجلاء المستوطنين فى أغسطس 2005. ويستعرض ماريوس شاتنر وهو صحفى فى وكالة فرانس برس تاريخ الصراع بين العلمانيين والمتدينين، وهو صراع "تشتد قوته كلما انخفضت حدة الصراع الخارجى"، ويلقى الضوء على المخاطر التى يشكلها هذا الصراع على صيغة "التعايش" داخل إسرائيل.
وتوقف ماريوس شاتنر طويلا عند الصدمة الثقافية التى تسببت فيها الصهيونية السياسية، وهى حركة علمانية لعالم يهودى، كان حتى بداية القرن التاسع عشر مرتبطا بالدين ارتباطا لا فكاك منه. ويقول فى هذا الصدد إنه لم يكن هناك مفر من دخول الصهيونية "فى صراع مع المتمسكين بالدين، نظرا لأن فكرة إقدام اليهود بأنفسهم على وضع حد لفترة الشتات بوسائلهم دون انتظار مسيح مخلص كانت تتعارض مع التعاليم اليهودية".
وتحدث المؤلف بعد ذلك عن إقدام مؤسس إسرائيل ديفيد بن جوريون على رفض الفصل بين الكنيس والدولة، كما يحلل شاتنر المخاطر التى تنطوى عليها "النزعة القومية المتطرفة" للصهاينة المتدينين، والتى "تستند إلى التوراة"، حيث أدت هذه النزعة إلى قتل رابين فى 1995، لكنه أشار إلى تراجع هذا التيار الفكرى مع الإشارة إلى انزلاق المتدينين المتشددين المعادين للصهيونية إلى اتجاه اليمين فى كل ما يتعلق بمسائل التنازل عن الأراضى.
واختتم ماريو شاتنر كتابه بالتساؤل "بدلا من هذا التحالف بين الدين والقومية والمنطوى على مخاطر.. لماذا لا يكون هناك تقارب أو على الأقل صيغة للتعايش أو اتفاق طرفين متنازعين" بين فكر للتنوير وبين يهودية تستند إلى رفض الجانبين للهمجية؟"
صدر الكتاب الذى يقع فى 392 صفحة عن دار نشر أندريه فرساى.