"الفقراء" .. لاعب جديد فرض نفسه بقوه على الملعب السياسى بعد اختفاء النخب والأحزاب السياسية .. لكن لا أحد يعلم لمصلحة من يلعب الفقراء، خاصة وأن جهات التمويل الأجنبية قد قررت تعديل أوجه المشروعات التى تمولها، ليتم توجيه الأكبر منها لمصلحة الفقراء، بل راح جمال مبارك نجل الرئيس وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى يقوم بعدة جولات مكوكية قصد بها الوصول إلى القرى الأكثر فقرا، سواء فى الريف أو فى الصعيد. رجال الأعمال المصريون بدورهم راحوا يبحثون عن القرى الأكثر فقرا، حيث أعلن نجيب ساويرس أنه "سيبدأ مكافحة الفقر من قريته بالصعيد".
سعيد عبد الحافظ، مدير مؤسسة حوار للتنمية وحقوق الإنسان، أوضح أن الفقراء أصبحوا يمثلون آخر الأوراق فى اللعبة السياسية، لكن الذين يراهنون على الفقراء لا يعلمون خطر ذلك، حيث إن هذه الجماهير غير منظمة أو مرتبة، فهؤلاء اللاعبون الجدد لا يؤمن غضبهم فى أى موقف قد يظهر فى الأفق مستقبلاً، محذراً من المشروعات الورقية، "فكيف يتم تمكين الفقراء خلال عام واحد وتحويلهم إلى قيادات محلية؟" معتبراً أن مثل ذلك الأمر هو من قبيل العبث، بل هو العبث بذاته.
فى حين أكد د.محمود منصور، المدير العام لمؤسسة الأمل الخيرية، أن ما تقوم به الجمعيات الأهلية فى مصر حالياً من برامج إقراض لن يجدى كثيرا، لأنها برامجها تخترقها الجهات الأجنبية الممولة، كالمعونة الأمريكية والإيطالية والكندية، وهذه البرامج تكون فى الغالب قصيرة لا يتعدى عمرها 3 أو 4 سنوات، وحتى تنجح أى تجربة لا بد أن تكون طويلة المدى، هذا فضلاً عن أن جهة المعونة تضع شروطا للإقراض، كأن يفرض على المقترض العمل بالحاسب الآلى، واستخدام برامج معينة من صنعها.
من ناحيتها رفضت سناء فرغلى، مدير مشروع بشاير الخير الممول من المعونة الأمريكية، هذه الأقاويل، وأكدت أن برنامجهم عمل سنوات عديدة ولم يتوقف، ونجح فى منح العديد من القروض فى عدة محافظات من خلال جمعيات رجال الأعمال بها، ووصلت نسبة السداد إلى 100 .%.
كما رفض محمد صالح، مدير عام جمعية تنمية المشروعات الصغيرة والنهوض بالمجتمع، الاتهام بأن أموال المنح تفرض شروطا على المستفيدين، مستشهدا ببرنامج الإقراض بجمعيته الممول من هيئة التعاون الدولى الإيطالى الذى بدأ عام 1999 بمبلغ 15 مليون جنيه، وحقق نسبة عالية فى السداد وصلت إلى 99.5%، ووصل حجم الإقراض هذا العام إلى 160 مليون جنيه، استفاد منها 140 ألف عميل، ولم تفرض عليه الجهة المانحة خلال هذه الفترة أى شروط.
وقال إننا لم نجد معاونة من البنوك، فكانت الجهات الأجنبية هى البديل، ولكن عندما حققت الجمعيات نجاحا فى الإقراض، وارتفعت نسبة السداد، زالت المخاوف عند البنوك، وبدأت تعمل فى مجال الإقراض متناهى الصغر، بعد أن ثبت لهم أنه يحقق أرباحا كبيرة للبنك، خاصة أنهم يضعون فائدة عالية على هذا النوع من الإقراض تصل إلى 53%، وهذا فى حد ذاته يعتبر أهم العوائق أمام استنساخ بديل مصرى لبنك "جرامين"، لأنه عندما قام لم يكن يهدف للربح، وطالما كان هذا الهدف متحكما فى كل التوجهات فلن يوجد بنك للفقراء، وستظل المحاولات فردية.
جدير بالذكر أن جمعية رجال الأعمال بمحافظة أسيوط، قد ذكرت عبر موقعها الإلكترونى معلومات حول مشروع "بشائر الخير"، ذكرت فيه عدة معلومات وبيانات كان من بينها أهـداف المشروع: الوصول ببرنامج التنمية إلى النساء الأكثر فقرا فى المجتمع، وتنفيذ وإقامة مشروعات تنمية متناهية الصغر، ,إدماج هذه الفئة المهشمة بالمجتمع، وخلق فرص عمل جديدة.
وقد تم تنفيذ المشروع فى عدة فروع هى: أولا محافظة أسيوط (13 فرعاً) محافظة الوادى الجديد (2 فرع) محافظة المنيا (11 فرعاً) محافظة الفيوم (8 فروع) محافظة سوهاج (6 فروع) محافظة بنى سويف (5 فروع + 2 مكتب) محافظة قنا (4 فروع)، إجمالى عـدد الفروع (48 فرعاً).
ويؤكد القائمون على المشروع إنه لا يستهدف تنفيذ مشروعات متناهية الصغر للمرأة فقط، وإنما يرمى أيضاً إلى تنفيذ برنامج شامل للتوعية المتكاملة للمرأة المهشمة من خلال عقد اجتماعات صغيرة ومكثفة وميدانية للمستفيدات بلغت 62 ألف اجتماع، تم فيها تناول المحاور: الصحية، والتى تشمل (الرضاعة الطبيعية – تغذية الطفل – الختان – الممارسات الضارة – التطعيم – الإسعافات الأولية – طرق الوقاية من الأمراض ....الخ)، والمحاور القانونية والتى تشمل (التعريف بالحقوق كحق استخراج البطاقة الشخصية – حق الانتخاب – حق التعليم والتعلم – التعريف بحقوق الزواج – الميراث – العقود..الخ)، والمحاور التعليمية والتى تمتد إلى (فتح فصول محو الأمية – تجهيز الأندية النسائية – إقامة الندوات والمؤتمرات واللقاءات الثقافية)، وتقديم التدريب الفنى.
وعلى مستوى الدعم الفنى ساهمت الجمعية أيضاً فى عمل التسويق اللازم لمنتجات المستفيدات من خلال المشاركة فى إقامة المعارض. بالإضافة إلى منح التدريب اللازم للمستفيدات للمساعدة فى رفع مستوى أدائهم الفنى، إلى جانب استخراج عدد 34 ألف رقم قومى للمستفيدات مجاناً.
وذكرت بعض البيانات الأساسية عن المشروع أن إجمالى عدد القروض المصدرة 319,25، إجمالى المبالغ المصدرة 572,648,730.00 جنيه، عدد القروض النشطة 148,378، عدد المنسقات 1162، نسبـة السـداد 100% وأكثر من 62 ألف لقاء توعية.
من جانبه يؤكد هانى إبراهيم، الخبير فى مجال التنمية، أن تقارير التنمية البشرية، التى صدرت عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، ركزت على ضرورة تنمية المناطق الأشد فقرا، وأن عدة جهات دولية فى مجال التقييم، تعتمد على هذه التقارير، ويصبح لزاما على الحكومات الاستجابة لتلك التوصيات، خصوصا وأن تقييم الجهود للحكومات يتم من خلال مدى التزام الدولة بتنمية المجتمعات الفقيرة لديها، ويضيف أن الالتزام بمثل تلك التقارير هو تحسين لصورة النظام أمام المجتمع الدولى، كما أن هناك العديد من جهات التمويل تهتم بالتركيز على هموم الناس لاكتساب مصداقية، ويشدد أنه لا يوجد جهة تمويل تقوم باستخراج بطاقات انتخابية.
ماجد سرور، المدير التنفيذى لمؤسسة عالم واحد للتنمية وحقوق الإنسان،
قال إن الجهات الدولية التى تعمل فى مصر، والتى كانت تعمل فى مشروعات التنمية، قد تحولت إلى العمل فى برامج الديمقراطية والحكم الرشيد، مشيرا أن المؤسسات التى لا تقوم بعمل جاد بل تسدد بعض صور وتقارير لتسديد المشروع، أمام جهات التمويل دون أى مجهود ملموس أو مردود، تلك المؤسسات هى من ذوات العمر القصير، واختتم كلامه بأن الفقراء هم المستهدفون فى الفترة المقبلة، مرجعا ذلك إلى الحكومة المصرية نفسها والإعلام الرسمى الذى راح يؤكد أن مصر لديها 3 ملايين أسرة تحت خط الفقر.
معلومة
جمعية رجال الأعمال بأسيوط يبلغ عدد فروعها 157 فرعاً ومكتباً فى عدد 14 محافظة فى مصر، كما بلغ عدد الجهاز الوظيفى حوالى 7100 موظف بالإضافة إلى عدد 46 استشارياً وهيئات استشارية فى مجالات متعددة، فضلاً عن عدد 12 منسقاً بالمحافظات.
"الوطنى" ورجال الأعمال يهرولون لشراء ولائهم
فقراء مصر قادمون!
الثلاثاء، 18 نوفمبر 2008 09:47 م
السياسة عبر الفقراء - تصوير محمد مسعد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة