لن أذهب لأبيع الماء فى حارة السقايين ولن أطلب لحماً من تور جحا، والذى هو أولى به، ولكن سأبيع الماء فى حارتنا، حارة العطاشى اللاهثين، أى فى حارة التربية والتعليم، والتى هى سجنى وسجانى وقدرى وقدر الكثيرين، والذى هو أتعس من قدر عبد الحليم حافظ "قدر أحمق الخطى"، التربية والتعليم التى أكد وأكدح فى حقلها والخولى الشايب أبو عين زايغة مشغول عنى وعن غيرى بالبصبصة للبت التلفانة بت اسماعين عبشكور.
هل فكر الأشاوس الأفذاذ فى دراسة وتقييم مجموعة الشعارات التى أطلقوها على مدارسنا فى السنوات الأخيرة، بداية من "مدرستنا نظيفة" زى القطنة متكدبشى، انتهاء بمدرستنا متطورة مرورا بخضراء ومنتجة، لقد كان وجود زهرية ولو بلاستيك يعنى تطبيق شعار مدرستنا خضراء، وكأن تخليل كيلو ليمون يعنى أنها منتجة، إنها المصيبة الكبرى.
لقد أصبحت مدارسنا على كل لون يا بتسته، يرحمك يا توفيق يا دهن "أقصد يا دقن" معذرة الجعان يحلم بأى حاجة يطفحها، والدهن واللحم فى هذه الأيام أرخص وأسهل وأكثر أمانا بدليل أننا لم نسمع عن مواطن لقى مصرعه فى طابور لحمة، لدينا مدارس خاصة لفصل أبناء الفلوس عن ولاد الغلابة، ومدارس لفصل أبناء الجنسيات الشقراء عن أبناء ذوى البشرة السمراء، ومدارس التمويل الأجنبى وأخرى مدارس اللاتمويل، ومدارس يملك أصحابها أساطيل من الأتوبيسات ومدارس يذهب إليها طلابها على أسنانهم، يديرها وزير لا حول له ولا سيارة، لأنه فى وزارة لا ناقة له فيها ولا جمل، على الرغم من المفارقة أنه هو الجمل بعينه، ومدارس لأناس يحملون الأرصدة والشيكات، ومدارس لأناس لا يحملون غير الأقفاص أمام المخابز يحلمون بكام رغيف من أبو شلن.
هل يعلم أولو الأمر أن أهل مكة أعلم بشعابها أى أن التربية والتعليم لن تقوم لها قائمة إلا إذا أدارها معلمون قضوا غالبية أعمارهم فى الفصول واختلط الطبشور "على رأى عمنا نزار قبانى" اختلط بعرقهم ولعابهم ودموعهم وعطسوا بفعل الطباشير ومرضوا وتداووا بسببه، معلمون عانوا من استظراف طلاب وسخف آخرين ورخامة آباء آخر الآخرين، هل يأتينا من السادة المسئولين الكبار من عنده جرأة وشجاعة ليقول لنا عدد من حضر اجتماع مجلس الأمناء بمدرسة ثانوية ما؟ شريطة ألا يكون عدد طلاب المدرسة أقل من ألف وخمسمائة طالب!! هل يجرؤ أحدهم ويأتينا ليرى تفاعل المدرسة مع المجتمع المحيط بها؟ هل يأتى ليرحمنا وينقذنا من المجتمع المحيط؟ هل يجرؤ مسئول أو يتواضع ليخبر العبد الفقير وسائر الفقراء بسوهاج، عن حكمة إنفاق مليون جنيه لتحديث مدرسة حديثة فعلاً "حديثة اسماً ومعنى" بمليون جنيه والمعلمون فى هذه المدرسة والمعلمات بلا حجرة تضمهم .. مليون جنيه؟! مليون جنيه ومجلس الشورى ياحبة عينى محروق وداير يقول لله يا مستثمرين، لقد تم كساء سور هذه المدرسة بالرخام، رخام يا مفتريين؟!
أخشى أن يتم إبلاغنا بشعار جديد للعام الجديد بعد الشعارات البالية "أقصد السابقة" شعار يقول "مدرستنا سورها رخام" على طريقة "شباكنا ستايره حرير".
القارئ فتحى الصومعى يكتب: وزير بلا ناقة ولا جمل
الإثنين، 17 نوفمبر 2008 12:18 ص