أصبح لاسمه بريق الأسطورة، ولصوته رنين الأناشيد البيضاء للحالمين ...
أنا لست منحازاً لباراك أوباما، الرئيس القادم لأمريكا، لكونه من الحزب الديمقراطى، أو لكونه قدم برنامجاً انتخابياً يقترب فيه من اليساريين، أو حتى لاحتمال أن ينظر بشكل عادل لقضيتنا الأساسية "القضية الفلسطينية"، أنا منحاز لباراك أوباما، لأنه أول أسود فى التاريخ، يدخل بقدميه وبأحلام الأمريكيين فى التغيير إلى البيت الأبيض، قد لا يختلف الحزبان الرئيسيان فى أمريكا (الديمقراطى والجمهورى) فى كثير من التفاصيل الحزبية، وربما تغطى الأزمة الاقتصادية العالمية فى نوايا باراك فى الإصلاحات الاقتصادية، وربما لن يستطيع باراك أن يقدم أى شىء لقضيتنا الكئود "القضية الفلسطينية"، كل هذا لن ينفى عنه أنه أول أسود فى التاريخ يدخل البيت الأبيض، فالعبيد السود الذين شحنوا بطرق غير آدمية إلى أرض الحلم الجديد "أمريكا"، وظلوا طوال التاريخ الأمريكى، مواطنين فى أدنى الدرجات، صار لهم الآن أوباما.
إن دموع القس جيسى جاكسون، القس الأسود الذى حال لونه دون الوصول لباب بيت أمريكا الأبيض، دلت فيما دلت، إلى أنه أخيراً تقبل الأمريكيون أن يكون لهم رئيس أسود، دلت على أن الأسود الذى تعود جذوره إلى أرض أفريقية فقيرة "كينيا"، من الممكن أن تسطع صورته على أرض الحلم الأمريكى.
أوباما المحامى خريج جامعة هارفارد والخطيب المفوه البليغ، استطاع بقدراته الذاتية، أن يكون أول أسود يدخل مجلس الشيوخ الأمريكى، وأول أسود يحظى بترشيح الحزب الديمقراطى للانتخابات الرئاسية، وأول أسود سيلوح بيديه للعالم من نافذة بيتهم الأبيض العتيق.
إن صوت مارتن لوثر كينج، انتظر أربعين عاماً، كى نرى صداه فى وجه أوباما الواثق، وهو يخطب فى مؤيديه عقب فوزه، ليؤكد أن الرصاص الذى أنهى حياة ثائر الستينيات، لم ينه معه أفكاره وأحلامه.
أعلم أن كثيرين سيختلفون معى وكثيرين سيفضلون أن ننتظر كى نرى وجه أوباما الحقيقى، التى ستكشف عنه الأيام، لكننى لن أخفى غبطتى لفوزه لسبب آخر، أعتقد أنه الأهم.
إن فوز أوباما يكشف عن واقعنا السياسى الردىء، فمهما تحدثنا عن أمريكا ووجها القبيح، إلا أن ديمقراطيتها، تقبلت أن يحكمها أسود، لا يملك إلا حلماً بالتغيير، لم تنظر إلى ماضى عائلته، أو إلى لونه أو إلى عقيدته، نظرت فقط إلى رؤاه وأحلامه، ومدى قدرته على تغيير واقعهم الحالى، إلى واقع أفضل.
ونحن ما زلنا نبحث عن حرف الألف، فى رحلة الديمقراطية الطويلة، سواء فى حكوماتنا الملكية أو العسكرية. أو حتى شعوبنا التى تبحث الآن عن حكومات دينية، تعيدنا مرة أخرى إلى ما قبل بداية اكتشاف أمريكا.
لباراك أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة