عصام سلطان

مَنْ يَهدِمُ القرضاوى؟

السبت، 15 نوفمبر 2008 10:16 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من يهدم القرضاوى المشروع، القرضاوى الفقه والفكر والتجديد والاجتهاد واللغة والبيان والإبداع.. من يهدم القرضاوى الشخص؟

من المسئول تحديدا عن محاولة رسم صورة جديدة للشيخ بهذه الملامح، ملامح الفتنة بين أهل الدين الواحد، بإثارة الخلافات الفقهية والمذهبية وحديث الفروع، وملامح الفتنة بالذات والأنا، ثم ملامح الفتنة بالمرأة، ملامح المحب العاشق الواجد الولهان.. من المسئول عن ذلك؟
من الذى يريد استبدال ملامحه الأصلية التى تكونت فى القرية، والكتّاب، والأزهر، والمعتقل، والمنبر، والجامعة، إلى ملامح أخرى لا تليق بعلمه، ولا مكانته، ولا سنه..؟ من الذى أخفى كثيرا من مذكراته وأشعاره التى كتبها فى معرض الحكمة والجد والاجتهاد، وأظهر فقط لوسائل الإعلام أبيات الوجد والهوى التى كان يحكى فيها شوقى عن أيام الشباب وميعة الصبا، وسرعان ما تلاها شوقى نفسه بأبيات الندم:

والنفس من خيرها فى خير عافية
والنفس من شرها فى مرتعٍ وَخِمِ
تطغى إذا مُكِنَت من لذة وهوى
طغى الجياد إذا عضت على الشُكُمِ
فمن إذن الذى أظهر لوسائل الإعلام كلمة الهوى فى سياق الوجد والهيام والغرام والعتب على اللائمين، وحجب عن وسائل الإعلام سياقا آخر، هو سياق الحكمة والتوجيه والإرشاد.. والكلمة واحدة..؟ فى قصيدة واحدة..!

لم تعهد الأمة الإسلامية نشرا لمذكرات أحد علمائها، كالنشر عن فضيلته هذه الأيام، فلا الشيخ الغزالى، ولا الشيخ الشعراوى، ولا حسن البنا، ولا رشيد رضا، ولا محمد عبده، ولا غيرهم من الأفذاذ على طول العالم الإسلامى وعرضه، نُشر عنه أسراره الشخصية التى يحتفظ بها داخل منـزله، ومشاعره الخاصة التى يسر بها إلى القريبين منه، وتقلباته وأحواله العاطفية التى هى بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، وجميعهم بشر، حدث لهم قطعا ما حدث للشيخ، إلا أنهم لم يبوحوا بها للإعلام، ولم يحرصوا على إذاعتها للرأى العام، ولم يغافلهم أحدٌ من ذويهم بإذاعتها، فضلا عن أن تكون مدعومة بالصور الفوتوغرافية التى تريد للقارئ أو للمشاهد أن يستقر فى ذهنه أمر ما، وأن يتحول ذهنه المرسوم فيه صورة القرضاوى القديمة ذات الهيبة والجلال إلى صورة جديدة بملامح جديدة وقسمات جديدة.

ولو كان قرار نشر جزء من مذكرات الشيخ فى الإعلام، وعلى الملأ، هو قرارٌ نابعٌ من الشيخ نفسه لاختار بحق الجزء الخاص بأبنائه الناجحين المجدين، وبناته النابغات الفضليات، وأحفاده الصاعدين الواعدين، وجميعهم بلا استثناء قصص من النجاح والنبوغ والتفوق، بما ينبئ عن أن النجابة أصيلة فى العائلة، موروثة من القدم، ولكن النشر والإعلان فيما يبدو ليس بإراداة الشيخ، وليس بقرار من الشيخ، وإنما بإرادة أخرى وقرار آخر، لهدفٍ آخر.

إن صاحب قرار النشر يريد أن يصنع تاريخ ميلاد جديد للشيخ، هو الأمس، والأمس القريب، لا يعترف بثمانين عاما قضاها الشيخ بين العلم والعمل والجهاد والمثابرة وتربية وتنشئة أجيال وإقامة أسرة ممتدة، بل عائلة كبيـرة، هى بحق مفخرة لكل من ينتسب إليها، وشرف لكل من يتصل بها، كل ذلك يجب أن يهدر وأن يوضع فى خزائن النسيان، وألا يُعلن عنه، وألا يُنشر، وألا يُقذف به فى صحف الخليج ثم يمرر بطريقة جهنمية إلى الصحف والمجلات المصرية، لأن هذا كله تاريخ لا قيمة له! القيمة الوحيدة للأمس والأمس القريب فقط..!

إن القرضاوى يتعرض لهدم عظيم، لقد فشلت جهود الصهاينة فى مواجهة الرجل فى كل ميدان وأضحت فتاواه المُقاوِمة المُجاهِدة هى سندُ الشباب فى فلسطين وغيرها من أنحاء العالم الإسلامى المحتل، ولم يستطع الصهاينة أن يصلوا إلى الرجل، حتى فى لندن وحتى فى أمريكا، ولكن الصهاينة الآن سيفرحون كثيرا لأن صورة الشيخ آخذه فى التبدل والتغير، فهناك من يعمل جاهدا على رسم ملامح جديدة لفضيلته هى ملامح الفتنة، ولأن فضيلته فى المقابل وعلى ما اعتاد عليه طيلة حياته لا يجيد معارك الصغار ولا يواجه السفهاء، إنه قمة لا يحارب إلا قمما، إنه جبل لا يخاطب إلا كبارا.

إن آلة هدمٍ تتعقب الشيخ فى كل مكان، وتطارده فى كل موقع، وسوف تخرج له من كل جحر، إنها ليست آلة.. إنها أفعى..!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة