أصدرت دار الشروق بالقاهرة الطبعة الرابعة من كتاب المفكر الراحل عبد الوهاب المسيرى، " من هم اليهود وما هى اليهودية؟" فى 395 صفحة من القطع الكبير.
الكتاب إعادة للتذكير بأن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا قط شعبا واحدا ذا "وحدة يهودية عالمية"، ويتسق بهوية واحدة ويبحث عن "وطن قومى"، وأن القضايا الخاصة بالهوية اليهودية لم تحسم بعد.
ويضرب المسيرى مثلا بقانون العودة الذى صدر بعد إعلان قيام الدولة عام 1948، وينص على أنه يحق لكل يهودى أن يهاجر إلى إسرائيل. لكن واضعى هذا القانون لم يحددوا أى يهودى تحق له العودة كما لم يعرفوا بالضبط ما اليهودية التى يؤمن بها هذا اليهودى فى ظل تعدد الموروثات الدينية والعرقية للجماعات اليهودية التى لا تستمد هوياتها "من هوية يهودية عالمية" بل من مجتمعات عاشت فى ظلها.
ويسجل المسيرى فى كتابه، أن قضية تعريف اليهودى ليست مجرد قضية دينية أو سياسية لكنها مصيرية تتعلق برؤية الذات والعالم، كما تعد مصدراً لشرعية الدولة العبرية نفسها.
ويقول المسيرى إن المؤسسة الصهيونية الحاكمة لا تملك الحد الأدنى من الاتفاق حول تعريف اليهودى، ولهذا لجأت إلى تجاهله أو تأجيل النظر فيه وتوصلت إلى حلول تلفيقية مؤقتة، ويتساءل "هل يمكن تأسيس دولة يهودية دون تعريف الهوية اليهودية ودون التوصل إلى تعريف من هو اليهودى؟"، لائما الإعلام العربى الذى لا يعطى هذه الإشكالية ما تستحق من اهتمام.
ويضيف أن "الحل الداروينى السحرى" فى بداية القرن العشرين تمثل فى "تصدير المشكلة اليهودية إلى الشرق بإقناع الفائض البشرى اليهودى بأن تهجيره إلى فلسطين ليس محاولة للتخلص منه، وإنما هو عودة إلى أرض الميعاد إلى آخر هذه الترهات، وبالفعل قامت الإمبريالية الغربية بتأسيس الدولة الصهيونية لتستوعب هذا الفائض ولتكون قلعة أمامية تدافع عن مصالح العالم الغربى فى المنطقة العربية".
ويرى المسيرى أن معظم الجماعات اليهودية انصهرت فى المجتمعات التى عاشت فيها ضارباً المثل بيهود منطقة القوقاز ويهود جورجيا الذين فقدوا بمرور الزمن علاقتهم باليهودية الحاخامية، واندمج يهود الصين تماماً وكان كل ما يعرفونه عن اليهودية هو أنهم يهود، كما أصبح يهود العالم العربى عربا واكتسبوا الصفات العربية.
ويشدد المؤلف على أن وجود يهود الخزر الذين عاشوا فى جنوبى روسيا وتحولوا إلى اليهودية فى القرن الثامن الميلادى، "يقوض من الادعاء الصهيونى الخاص بالأصول السامية الواحدة ليهود العالم"، متفقاً مع مؤرخين إسرائيليين على أن يهود أوروبا الشرقية من نسل يهود الخزر الذين هاجروا إلى أوروبا.
ويخلص من هذا إلى أن الأصل الخزرى لمعظم يهود الغرب أى الأغلبية العظمى من يهود العالم يفند نظرية الحقوق اليهودية فى فلسطين المستندة على أساس عرقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة