حياتهم فى لون طين القماين.. "الموضب" يضربهم بالجلدة والفرن لا يتركهم فى حالهم

أطفال تحت رحمة "قالب طوب"

الجمعة، 14 نوفمبر 2008 02:41 ص
أطفال تحت رحمة "قالب طوب" ينتظرهم مستقبل بلا ملامح وموت تحت قوالب الطوب
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أطفال مصانع الطوب قصة مؤلمه والفقر هو أصل الحكاية، فالأسر الفقيرة التى لا تملك الإنفاق على تعليم أبنائها، تلجأ إلى تشغيلهم وهنا يأتى دور "الموضب" أو مقاول الأنفار الذى يعرف تلك الأسر جيدا ويعرف ظروفها فيدور يجمع هؤلاء الأطفال من الصعيد يذهب بهم إلى أحد المصانع ليعملوا 5 أيام أسبوعيا ويعودوا إلى أسرهم فى الإجازة الأسبوعية.

تحت حرارة الشمس الملتهبة يعمل أسامة إبراهيم الذى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، بشرته صبغت بلون متفحم وغطت قطرات العرق جبينه، لا تندهش إذا علمت أنه يعمل فى صناعة الطوب منذ أكثر من 6 سنوات، فرغم حبه الشديد للتعليم فإنه لم يستطع أن يكمل مشواره بعد وفاة والده واستيلاء أعمامه على ممتلكات أبيه، اصطحبه الموضب إلى ذلك المصنع لتبدأ رحلته مع الشقاء «أول ما اشتغلت كنت بعربد فى الخط» أى يسوق الحمار.

يصرخ الموضب فى الأطفال الذين يسرعون من عملية نقل كمية الطوب إلى العربة، يصعد أسامة إلى العربة حيث يقف على العصا التى تربط ما بين الحمار والعربة لينقل الطوب إلى الفرن، فجأة تزل قدمه فيسقط على الأرض وتمر عجلات العربة التى تحمل حمولة ثقيلة من الطوب على جسده، جروح كثيرة تملأ جسده، لا تتخيل إمكانية أن يسمح له الموضب أن يستريح وقتها أو يداوى جراحه، فإذا لم يكمل عمله يمكن أن يحرم من أجرة الأيام الخمسة التى عمل خلالها «لو اشتغلت الأسبوع كله وجيت فى آخر ساعة سبتنى ومشيت، ملكش حاجة عندى» يتذكر كلمات الموضب الذى يعطيه 300 جنيه شهريا.

«نفسى أكمل لحد الإعدادية لكن الكلية دى حلم بعيد لأنى لو كملت تعليمى مش حيبقى فيه دخل لأمى وأخواتى» يقول أسامة وقد وضع لحلمه سقفا لا يستطيع تجاوزه وإن كان أمله باقيا فى العثور على عمل أقل مشقة «نفسى أتوظف فى شركة الكهرباء أو الحديد والصلب، شغلانة مرتاحة وتجيب دخل بس محتاجة واسطة».

قالب طوب، جلدة الموتور أو أى شىء آخر يمكن أن يستخدمه الموضب لضرب هؤلاء الأطفال المعرضين للخطر فى كل وقت وخاصة أولئك الذين يعملون داخل الفرن، فكثيرا ما يقعون داخل الفرن ويصابون بحروق خطيرة، ففى إحدى المرات أصيب طفل أثناء مناولته الشاى لعامل الفرن حيث سقط فى الفرن الذى تبلغ سخونته أكثر من 360 درجة مئوية وأصيب بتشوهات فى وجهه وجسمه. وبعد عناء يوم طويل وساعات عمل تقترب من 12 ساعة، يأوى الأطفال إلى حجراتهم الخالية إلا من أربعة جدران وباب، يفرشون حصيرة ويغطون أجسادهم النحيلة بمشمع رقيق أما الوسادة فلا تعدو أن تكون قالبا من الطوب.

أغلبهم يتمنى لو استطاع يوما الحصول على فرصة عمل أفضل وخاصة أبوسريع الذى لقى أخوه حتفه بعد سقوطه فى الخلاط الذى يدمج مكونات الطوب معا.

جمعية روح الشباب التى توجه نشاطها لعمالة الأطفال وخاصة المتسربين من التعليم والذين لم تتح لهم ظروفهم إكمال تعليمهم لتنشئ لهم فصولا ذات مواصفات خاصة فأسلوب التدريس يختلف عن غيرها من المدارس، فلا يتعلم الأطفال الحروف الأبجدية إنما صوت الحرف بأنواع المد الثلاثة من خلال الكلمات التى يستخدمها الطفل فى بيئته ويتم تشبيه الحروف بالأشياء الأكثر قربا من الطفل فحرف التاء عبارة عن طبق عليه قطعتان من اللحم.

برنامج محو الأمية ليس البرنامج الوحيد الذى تقدمه الجمعية حيث يتعلم الأطفال الكمبيوتر وبعض المعلومات الصحية التى تساعدهم على الاهتمام بنظافتهم الشخصية كما صممت الجمعية برنامجا خاصا يعمل على كسر الحاجز بين الطفل والتعليم من خلال تحويل العملية التعليمية إلى لعبة تعتمد فى مرحلتها الأولى على تركيب بعض الأشكال ليبدأ فى المرحلة الثانية فى استخدام القلم بتحريكه حول المجسمات الخشبية والثالثة يتعلم خلالها أصوات الحروف.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة