عادت الفرق الموسيقية الشعبية العراقية، لممارسة نشاطها، بعدما اختبأت نحو أربعة أعوام بسبب تهديدات المتمردين الشيعة والسنة الذين اعتبروا عملهم منافيا للتعاليم الدينية. يقول محمد رشيد (37 عاما) صاحب محل لتأجير الآلات الموسيقية فى حى الفضل (وسط بغداد)، إن "جيش المهدى وتنظيم القاعدة اتفقا على نقطة واحدة فقط، هى أننا (الموسيقيين) عبيد الشيطان". وعلق رشيد على جدار محله صورة لعازفين يعملان فى فرقته قتلا من قبل ميليشيا شيعية مطلع عام 2006، عندما بلغ العنف الطائفى أوجه.
يؤكد رشيد أن "المسلحين قتلوا عازف الساكسوفون إياد خيرى، الذى كان يعمل لدى، بعدما خطفوه من منزله فى مدينة الصدر، فيما قتل على محمد، عازف الدف فى اليوم نفسه، وعثرنا على جثته بعد عامين". ويقول رشيد الذى أعاد فتح محله مطلع العام الحالى، "قالوا لعائلاتهم إن هذا سيكون مصير كل متجاوز على الشرائع الدينية المقدسة". وواجه التهديدات نفسها من عناصر تنظيم القاعدة الذين نفذوا هجمات متواصلة فى العراق ضد المدنيين الشيعة والقوات الأميركية على حد سواء.
يتذكر رشيد كيف سيطر تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة على حى الفضل فى مارس 2006، ودمروا محله آنذاك. ويضيف أن المسلحين قالوا له قبل أن يفر إلى سوريا، "ما تفعله هو حرام، لأن الموسيقى من عمل الشيطان، وإذا أعدت فتح محلك ستلقى حتفك". كان حى الفضل مشهورا بانتشار محال الموسيقى الشعبية التى تستخدم آلات الطبل والبوق والدف، والتى تتولى مرافقة حفلات الزفاف الشعبى. واعتبر تنظيم القاعدة أن الموسيقيين يمثلون تهديدا للأخلاق، كما هو حال باعة الكحول والحلاقين والنساء اللواتى لا يرتدين الحجاب، فاستهدفهم بالقتل.
يضيف رشيد الذى فتح محلا لبيع الخضروات خلال الفترة الماضية لكسب عيشه بعد ترك الموسيقى، أن الرجل أجاب "أن منعها أمر من الله، وهو الذى يرزقكم". ولم يحمل رشيد آلاته الموسيقية منذ ذلك الحين وحتى منتصف أكتوبر العام الماضى، عندما تمكنت قوات الصحوة التى دعمتها القوات الأميركية من القضاء على تنظيم القاعدة فى الحى.
يقول حسين البصرى نقيب الفنانين، إن "هناك أكثر من 300 فرقة شعبية كانت تعمل فى بغداد قبيل الغزو الأميركى عام 2003، لكن معظمها ترك العمل فى 2004". ويضيف "منذ ذلك الحين قتل نحو خمسين عازفا، وانخفض عدد الفرق إلى مئة". ولا تزال مهنة الموسيقى خطرة فى بعض أنحاء البلاد. وكان مسلحون ينتمون إلى جيش المهدى الشيعى، هاجموا قبل فترة فرقة موسيقية شعبية فى بلدة العزيزية (70 كلم جنوب شرق بغداد)، وحطموا آلاتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة