فيما يشبه «الموضة» التى يسارع الجميع فى اتباعها انتشرت أفلام «المثلية الجنسية» فى السينما المصرية، وبين الحين والآخر، يقدم أحد المخرجين فيلما يجسد هذه الظاهرة إما بشكل مباشر، أو مستتر تجنبا للاصطدام بقيود المجتمع، ويتم حاليا الإعداد لتنفيذ بعض الأفلام التى تتعرض شخصياتها لعلاقات شائكة من هذا النوع، أجدد هذه الأفلام هى «علاقات ساخنة» و«بدون رقابة»، ومن المقرر أن تأتى المشاهد المجسدة لهذه العلاقات بالإيحاء فقط دون الدخول فى التفاصيل، وبعيدا عن جرأة «عمارة يعقوبيان»، أو مباشرة «حين ميسرة»، وذلك لتفادى الصدام مع «الرقابة». فهل المسألة هوجة سينمائية؟ أم أنها ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى مناقشتها كما يردد صناع هذه الأفلام؟
مؤنس الشوربجى مخرج فيلم «علاقات ساخنة» نفى لـ «اليوم السابع» وجود اعتراضات رقابية عطلت مشروعه الجديد، وقال: أعقد حاليا جلسات عمل مع المنتج للاستقرار على أبطال الفيلم، الشوربجى أوضح أن قصة الفيلم تدور حول صديقيتين تسكنان فى شقة واحدة، ولكل واحدة منهما مشكلة خاصة بها، وبمرور الوقت تتطور العلاقة بينهما وتشعر كل واحدة بالانجذاب نحو الأخرى، ومن هنا تبدآن الدخول فى علاقة حميمة تجمعهما، وأكد الشوربجى أن الفيلم «لا يتضمن مشاهد خارجة كما أشيع، لكنه سيركز أثناء التصوير على إيحاءات الأعين ولمسات الأيدى المرتعشة، واختلاس البطلتين النظر أثناء الاستحمام، معتمدا على فراسة المشاهد».
أما فيلم «بدون رقابة» بطولة علا غانم ودوللى شاهين وأحمد فهمى وإخراج هانى جرجس فوزى، فيركز على نظرة المجتمع للسحاقيات، ومشاكلهن، لكن بدون أن يشعر المشاهد بالاشمئزاز، وهو ما أكده «فوزى» الذى قال إنه يضع فى اعتباره تسليط الضوء على مشاكل «المثليين جنسيا» ولا توجد أى مشاهد جنسية فى الفيلم بل إيحاءات تخدم الحبكة الدرامية للعمل».
واتفق هانى مع الشوربجى فى أنهما لم يتناولا هذه القضايا طمعا فى نجاح ضمنه فيلم «حين ميسرة»، بل الهدف هو تناول مشاكل الحياة والواقع، فلا يستطيع أحد أن ينكر وجود مثل هذه النماذج، وأن هناك الكثير من البرامج التليفزيونية والأفلام التسجيلية التى تؤكد ارتفاع أعدادهم.
علا غانم التى تقوم بدور فتاة سحاقية فى فيلم «بدون رقابة»، كما رشحت للمشاركة فى بطولة «علاقات ساخنة» فى دور إحدى الفتاتين السحاقيتين، أكدت أنها لا تجد حرجا من تقديم مثل هذه الشخصيات «طالما أن العمل ككل جيد» و«يعبر عن نموذج معين من الناس لابد من تناول مشاكلهم وأحاسيسهم والصعاب التى يواجهونها فى حياتهم»، وأوضحت أنها ليس لديها مانع من تقديم مثل هذه الأدوار فى المستقبل بشرط اختلاف طبيعة الأدوار عن التى أدتها سابقا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تم فيه عرض فيلم روائى مصرى بعنوان «طول عمرى» للمخرج ماهر صبري، فى مهرجان سان فرانسيسكو السينمائى للفيلم العربى، إضافة إلى مهرجان آخر فى نفس المدينة مخصص «للشواذ»، وتدور أحداثه حول الشاب رامى، الذى يعانى نفسياً بعد أن يفارقه «حبيبه» وليد، ليتزوج من صديقته داليا، وتقوم أحداث الفيلم على قصة حقيقية مستوحاة من حادثة المركب «كوين بوت» الشهيرة والتى تم القبض فيها على مجموعة كبيرة من الشباب بتهمة ممارسة الجنس والشذوذ.
ماهر صبرى مخرج الفيلم أكد أنه صور الفيلم «خلسة»، كما أنه يحضر حاليا لفيلم جديد يناقش قضية نظرة المجتمع لمثلى الجنسية.
الناقد طارق الشناوى يرى أنه رغم أن المثليين جنسيا موجودون فى مجتمعنا، فإننا مازلنا نصر على عدم الاعتراف بوجودهم، وعلينا ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال ونظهر مشاكلنا النفسية والاجتماعية ونطرحها للمناقشة بكل وضوح، ويضيف: رغم كل الضجة التى تثار بمجرد الإعلان عن فيلم يحتوى على مشهد شذوذ إلا إننى حتى الآن لم أجد فيلما واحدا طرح هذه القضية بجانبها النفسى، والذى هو أهم كثيرا من الجانب الاجتماعى، وأشار الشناوى إلى أن السينما المصرية تناولت شخصية المثلى بطريقة غير مباشرة «لنفور المجتمع منها، ولو استعرضنا هذه الأفلام سنجد أن معظمها استبدل ثوب الشخصية المثلية بثوب الرجل المائع الذى يتصف فى كثير من تصرفاته بالأنثوية، وهذا بالطبع جعلنا نرى سطح الشخصية وليس عمقها.
لمعلوماتك..
◄ 1998 صدر بحث إيطالى عن الشذوذ فى السينما المصرية.
◄ 5 ملايين جنيه ميزانية فيلم "بدون رقابة".