خالد الشريف

الخوف من عبث المغرضين بالسنة!

الخميس، 13 نوفمبر 2008 11:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مِنَ الْمَعْلُومِ أن السُّنَّة النَّبَوِيَّة هى المصدر الثانى للتشريع وبدون سنة النبى صلى الله عليه وسلم لا يفهم القرآن، ولا تستبين معالم الدين وحدوده وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدى: كتاب الله وسنتى»، ولأهمية السُّنَّةِ فقد بدأ تدوينها منذ عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - وليس كما يعتقد البعض أنّ أَوَّل مَنْ دَوَّنَ السنة هو البخارى ومسلم، بل كانت هناك فى العهد النبوى صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، وكانت تحتوى على حوالى مائتى حديث، وتلا ذلك صحيفة همام بن منبه، التى تحتوى على مائة وتسعة وثلاثين حديثا تقريبًا سمعها من أبى هريرة، بالإضافة إلى العديد من الصحف، كصحيفة أنس بن مالك، وصحيفتى أبى بكر وعلى بن أبى طالب.

ثم جاءت مرحلة تدوين العلوم وتأصيلها، وحَصْر النصوص فى كتب مخصوصة، على قواعد علمية متينة، لا تعرفها أمةٌ من الأمم، فكان «الموطأ» للإمام مالك، وكذا الثورى و«جامعه» وطبقته، ثم مَنْ تلاه من الأئمة طوال قرن كامل، إلى أن ظهرت كتب البخارى ومسلم؛ حيث انتقى البخارى أعلى الأحاديث مرتبة فى الصحة، ولم يتعهد بجمع كل الصحيح، ثم جاء من بعده الأئمة فجمعوا ما تركه من الصحيح، وقد اتفقت الأُمَّةُ على أنّ أحاديث الإمام البخارى والإمام مسلم من أصح كتب السنة؛ لجلالة هذين الإمامين، ورسوخ أقدامهما فى معرفة الحديث ورجاله، وليس لأنهما معصومان، أو نبيان كما يتشدق العابثون عندما نعرف للناس أقدارهم، كأننا نؤله البشر، ونقدس الناس!!.

ومع ذلك، فنحن أمة الدليل والبرهان، والحجة والعقل، والبحث الفكرى الحر، لكن المنضبط على القواعد، القائم على الدلائل، الذى يقوم به ذوو الأهلية، حتى فيما يخص الصحيحين، قام البعض بنقده كالإمام الدارقطنى فى كتاب الإلزامات والتتبع، ومن قبله الإمام أبو حاتم فى بعض مواضع، والإمام أبو زُرْعَة الرازى..

وهذا أحدث نهضة علمية فى هذا الميدان، فتصدى للرد على الدارقطنى رحمه الله ومن سارَ سَيْرَهُ: الحافظ ابن حجر والإمام النووى، وغيرهما من أهل العلم الكبار، وبينوا أن الحق فى أغلب ما انتُقِدَ مع الإمام البخارى.

وبالتالى، فنحن مع عرض البخارى ومسلم على قواعد البحث الصحيحة لتنقية بعض الأحاديث، ولكن على يد متخصصين فى علم الحديث والجرح والتعديل، وليس كُلُّ من أمسك قلما، وظن ظَنًّا، ولم يعجبه متن، أو لم يَرُقْ له حديث، كحال كثيرٍ من أصحابنا اليوم!
فالنقد لا يعنى الهدم، ولا التشكيك، ولا الإقصاء - كحال المتشَدِّقين بحرية البحث العلمى اليوم! - بل النقد علم، وبناء، وتنبيهٌ وإفادة.

وللأسف فقد كثرت السهام التى توجه للإسلام وللقضايا المسلَّمة فى هذا الزمان، وهذه الهجمات ليست جديدة ولا يستبعد أن تكون هنالك أيدٍ خفيةٌ تحرك مثل هذه الدعوات المغرضة لتشكيك المسلمين عامة، خاصة فى قضايا صارت من القطعيات فى دين الإسلام، كقول البعض: إن السنة ليست مصدرًا للتشريع ويجب الاكتفاء بالقرآن الكريم!
وكقول بعضهم: إنَّ البخارى يحتوى على كثير من الأحاديث الموضوعة، فهذا تخريف وضلال!! فقد اتفق (علماء الأمة) - وبالطبع لا يدخل فيهم أصحاب الألسنة الطويلة والأقلام المكسورة!! - قديمًا وحديثًا على أن صحيح الإمام البخارى وصحيح الإمام مسلم هما أصَحُّ كتابين بعد كتاب الله عز وجل، ورحم الله العلامة المحدث أحمد محمد شاكر، حينما قال: «الحق الذى لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر، أن أحاديث الصحيحين صحيحةٌ كُلُّها، ليس فى واحِدٍ منها مطعن أو ضعف، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين، أنّ فى الصحيحين أحاديث غير صحيحة»..

ومن الحق هنا أن نذكر سماحة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألبانى، الذى قام بجهود كبيرة فى تحقيق وتنقية الأحاديث، وأصدر سلسلة الأحاديث الصحيحة وسلسلة الأحاديث الضعيفة، لكنه استنكر طعن المغرضين فى البخارى ومسلم؛ حيث قال فى مقدمة شَرْحِ العقيدة الطحاوية: «كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم، فقد امتازَا على غيرهما من كتب السنة بتفردهما بِجَمْعِ أَصَحِّ الأحاديث الصحيحة وطَرْحِ الأحاديث الضعيفة والمتون المنكرة على قواعد متينة وشروط دقيقة».

والْإِمَامُ البخارى رحمه الله لم يَجْلِسْ فى مَكْتَبٍ مُكَيَّفٍ يستقبل فيه حُفَّاظَ الأحاديث، أو لم يجمع الأحاديث بطريقة عشوائية، وإنما بذل سنوات عمره- كله - يجوب البلاد والأمصار، يجمع ويُنَقِّى ويقابل، ويَنْظُرُ إلى عدالة الرجال الذين يأخذ منهم فى جَنَبَات الأرض، ورحل يطلب الحديث من الرواة بخراسان والعراق والحجاز والشام ومصر وغيرها، وسمع من العلماء والمحدثين، وعرف بالعلم والإمامة منذ كان شابا صغيرا. وقد كان غزيرَ العِلْمِ، واسع الاطلاع، خرج جامعه الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث كان يحفظها، ولشدّة تحريه لم يكن يضع فيه حديثـًا إلا بعد أن يُصَلِّى ركعتين، ويستخير الله. هذا هو البخارى..الذى يريد البعض من غير الباحثين، ولا المتخصصين - بخبث وتدليس - التشكيك فيه؛ لأنه عنوانٌ كبير على السُّنَّة، فليس المقصود شَخْصَ البخارى، بل المعنى الذى يُمَثِّلُه، والنهج الذى يحمل لواءه.. أى السنة عامةً، بضربها فى أقوى أركانها، بطريقة غير علمية، فيها من الإثارة والاستهجان على صفحات الجرائد والمجلات ما يَدُلُّ على الإِفْلَاس والرَغْبَة فى الشهرة على حِسَابِ الكِبَار!
وأَنْفُسَهم أسقطوا، لا السُّنَّة وعلماءَها!

صحيح مسلم
ألفه أبوالحسين مسلم بن الحجاج القشيرى النيسابورى. أخذ فى تصنيفه (تأليفه) خمس عشرة سنة. جمع فى مؤلفه 3033 حديثًا بغير المكرر، واشترط فيها الصحة من ثلاث مائة ألف حديث مسموعة، واختار منها 3033 حديثًا فقط صحيحة مخافة التطويل.

وكتاب صحيح مسلم قسمه الشراح إلى كتب، وكل كتاب قسم إلى أبواب، مرتبةً على الأبواب الفقهية، وعدد كتبه 54 كتابا، أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير، وقد أجمع علماء الإسلام على صحته وهو ثانى الصحيحين وهو كتاب جامع للأحكام، والآداب، والأخلاق، والعقائد، وغير ذلك.

لمعلوماتك..
◄ 1961 صدور القانون 103 وتنص المادة رقم 17 منه على اختصاص مجمع البحوث الإسلامية بتنقية وتحقيق كتب التراث الإسلامى ومنها كتب الحديث.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة