ربما لا يعرف الكثيرون أن عمليات التنقية والبحث والتمحيص للأحاديث النبوية الشريفة تتم كل يوم فى رحاب الأزهر الشريف، الذى حمل على عاتقه صون أمانة هذا الدين، كما سبق للإمام الأسبق عبدالحليم محمود رحمه الله أن أخرج «جمع الجوامع».. ضم سبعة كتب تم تحقيقها بأكملها، وكانت تجمع سبعة آلاف حديث، ولا يزال الأزهر يضخ فى شرايين العلم العديد من الكتب التى تم تنقيتها من الخرافات والمتناقضات والأكاذيب، واستبعد الرواة الجهّال والنكرات فى الحديث، وكذلك فعلت وزارة الأوقاف، وتمت جهود مماثلة فى مجال تنقية وتحقيق وغربلة أغلب كتب الحديث قام بها قسم الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة، إلا أنها حديثة الطباعة وبعضها لم يفارق مخدعه فى المطابع، ولم تخرج للناس، كما تم تنقية أغلب كتب التفسير من الأحاديث الموضوعة والقراءات المغلوطة والإسرائيليات الدسيسة.
كلامى هذا يعنى أننا لدينا مكتبة ضخمة من كتب الحديث التى تمت تنقيتها وتحقيقها على أسس علمية متفق عليها، وعلى الدولة القيام بدورها فى طباعتها لكى تصل إلى أيدى المسلمين، بحيث يعرفون دينهم على الأسس المنهجية الصحيحة، والكثير منها دراسات للماجستير والدكتوراه فى علم الحديث، ويجب أن تتضافر الجهود لطبعها ونسخها على اسطوانات مدمجة «سى دى».
لكننى مع ذلك أرى أنه بالنسبة لكتب الصحيحين البخارى ومسلم أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل وتمت مراجعتهما ونقحا مراتٍ عديدة على مدار عقودٍ بل قرون مضت من الزمن ومن خلال جهابذة علم الحديث والجرح والتعديل، ومن هنا فأنا أنكر على الذين يطالبون بإعادة النظر فى القول بصحة أحاديث البخارى ومسلم أو إعادة تخريجها بعد هذا الجهد الذى بذله أشاوس العلماء فى هذا المضمار، أو حتى محاولة التشكيك فى هذين الصحيحين، لكنى أشاركهم الرأى فى أن بعض كتب الحديث الأخرى والتى تسير تحت عباءة الصحيحين تحتاج إلى تنقيح ومراجعة علمية صحيحة.
وأحب أن أشير هنا إلى أن أمر التنقيح والتدقيق والتحقيق لا ينبغى أن يترك لأى شخص يدعى أنه أهل لذلك، وإنما هناك عدة شروط وضوابط يجب توافرها فيمن يتصدى لهذا العمل القيِّم، ومنها درايته ودراسته بعلم «الجرح والتعديل»، وأن يكون ملماً بكتب الحديث والنسخ المشابهة منها ويرتبها حسب الأهمية والأولوية ليختار منها ما يصلح للاعتماد عليه فى التحقيق كما هو مقرّر ومعروف فى هذا العلم، ويقارن بين هذه النّسخ، ويضبط النصّ أو ما يحتاج منه إلى ضبط، وقد يشرح الغامض فيه، ويعزو المنقول إلى صاحبه وقد يناقش أو يصحح حسب الحاجة إلى ذلك، ضمن قواعد مصطلح ومتفق عليها، وهذا يعنى بالبداهة أن المحقق مؤهل للقيام بهذا العمل المهم.
وقد يأخذ علىّ البعض انتقادى للشيخ الألبانى، فى أن بعض ما قام بتخريجه وتحقيقه يحتاج إلى مراجعة، على الرغم من القول بأنه تصدى لبعض الأحاديث فى البخارى فضعف بعضها وغير ذلك، إلا أنى أرى أنه لا يعتد به كعالم للحديث بقدر ما تم تضخيمه ، وألبسه البعض ثياباً ما كان ينبغى أن يسربل بها، فقد رد عليه علماء الأزهر، ولا أقول علماء، بل بعض طلاب الأزهر، وأثبتوا خطأه فى كثير من الأمور.
لمعلوماتك..
◄ 2007 جمال البنا يطلق مشروعا لتنقية الأحاديث النبوية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة