انعقدت فى شرم الشيخ مؤخراً دورة جديدة من اللجنة الرباعية، والتى يفترض أنها تشكلت خصيصاً للمساعدة على تسوية الصراع العربى الإسرائيلى، أو إن شئنا الدقة تسوية "النزاع" الفلسطينى الإسرائيلى "البسيط" الذى لا يزال يفصل بين الأشقاء فى السلطة وإسرائيل. وتضم الرباعية الأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة، ولكنها رفضت انضمام الصين، ثم عينت لها ممثلاً خاصاً بعد تفرغه، وهو تونى بلير، الذى أقاله الشعب البريطانى مثلما فعل الشعب الأمريكى مع الرئيس بوش فى استفتاء لم يسبق له مثيل تبرأ فيه الشعب فى بريطانيا وأمريكا من اثنين من زعمائه اللذين تحالفا على الإساءة إليه.. فلماذا بلير يعين فى هذه الوظيفة الدولية المبتكرة التى تدر عليه أكثر مما أدرت عليه رئاسة الوزراء.
المهم أن هذا المقال يطرح ثلاث نقاط جوهرية، النقطة الأولى: ماذا فعلت الرباعية حتى الآن؟ والنقطة الثانية: هل من المعقول أن يتحالف العالم ضد شعب غزة، وأن يتفق على مساندة إسرائيل بمباركة عربية مع أبو مازن؟ وهل هذا الطريق هو السلام الذى يسعون إليه؟ والنقطة الثالثة: لماذا لا تحل الرباعية ويعود أطرافها إلى رشدهم قبل أن تعلن شعوب المنطقة أن اجتماعاتهم آثمة وأنهم لم يجدوا غير شرم الشيخ التى أصبحت عاصمة سيئة السمعة لمصر فى هذا العهد؟
نحن بحاجة إلى توثيق عمل اللجنة الرباعية، وأن ندقق فى عملها ومصطلحاتها التى تؤكد أن السلام فى فلسطين هو هدفها، وهو يعنى طبعاً السلام الإسرائيلى، وهى التى طالبت بفرض هذا السلام على الفلسطينيين، فقبلت أبو مازن ورفضت حماس، وكان عقابها هذا الحظر الذى بلغ درجة الإبادة. فلماذا أجمعت هذه الأطراف على إبادة سكان غزة مالم يقبلوا بسلام إسرائيل، أى استكمال المشروع الصهيونى، وكيف يحدث ذلك مع الأمم المتحدة رغم أن بعض أصحاب الضمائر من كبار المسئولين فيها أدانوا إسرائيل وأبرزهم دى سوتو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فى الشرق الأوسط، والذى اختلف عن تونى بلير البريطانى اختلاف دور البرازيل عن بريطانيا فى إنشاء إسرائيل والتمكين لها؟ ثم استقال الرجل حتى لا يشارك فى الجريمة.
لقد أدان الجدار والممارسات الأخرى مفوض مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هذا الفقيه الهولندى الشريف، ولا يزال يصر على أن إسرائيل تناهض القانون الدولى وأعراف الأمم المتحضرة. لماذا توافق الدول العربية على استمرار حصار غزة وهى تستطيع أن ترفعه؟ ولماذا تخشى ذلك وتكتفى بالتوصية برفعه فى مؤتمر وزراء خارجيتها؟ وهل صحيح أن مصر تفضل المشاركة مع إسرائيل فى إبادة أهل غزة على الاستجابة للمعطيات الإنسانية والقانونية ودورها الذى كان دوراً تاريخياً ثم أصبح تاريخياً إلى الوراء؟ إننى أطالب بأن يتم تفكيك هذه الرباعية أو أن يصحو ضميرها، وتقوم هى برفع الحصار وتمكين الشعب الفلسطينى من تقرير مصيره. لقد تغيرت إدارة بوش وآن للجنة أن يتغير منطقها، وتكف عن هذه المساندة العمياء لإسرائيل.