د. محمد مورو

مصر بلد الأغنياء

الإثنين، 10 نوفمبر 2008 11:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم أن الأثر الإسلامى يقول: (ليس منا من بات وجاره جائع)، ومن ثَمَّ يتحتم دينًا وشرعًا وقانونًا وأخلاقًا أن يقوم الأغنياء بكفالة الفقراء، على أساس أن مصر بلد إسلامى فى النهاية، لكن الواقع يقول: إن الحكومة والأغنياء تركوا الفقراء تماما, بل نكاد نقول: إن معظم القوانين والإجراءات تُتَّخَذُ أساسًا على حساب الفقراء، ولمصلحة الأغنياء, وإن حكومة مصر، ومصر بالتالى، هى بلد الأغنياء فقط.

وهذا بالطبع مخالِفٌ للدين والأخلاق، وهو خَطَرٌ على البلد كُلِّه، بما فيه الأغنياء والحكومة أيضا؛ لأن الأمر أشبه ببقرة لا نُطْعِمُهَا، ويتم حلبها فقط، وفى النهاية تموت البقرة جوعًا, كما أن غضب الفقراء لا حدود له.. (عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ قُوتَ يَوْمِهِ، ولا يخرج على الناس بِسَيْفِهِ).

وكذا، فإن الأموال المسروقة والمنهوبة من المصريين بلغت مئات المليارات، وذهبت إلى بنوك أوروبا وأمريكا، التى أفلست، أو فى طريقها إلى الإفلاس.. فالمسألة بِرُمَّتِهَا غَبَاءٌ، وقِلَّة عقل، وقِصَرُ نظر، فأين ستذهب الأموال المسروقة بعد الآن؟! أليس الأولى إعادتها إلى أصحابها، وتحسين أوضاع البلد بالكامل؟

أوليس من الغريب مثلًا أن الأسعار تراجعت فى العالم كله، عدا مصر؟
فقد تراجَعَتْ أسعار الحبوب والسِّلَعِ الغذائية والبترول، ومع ذلك ظَلَّتْ كما هى فى مصر، وهو استثناءٌ غَرِيبٌ، يكشف عن غيبوبةٍ فى الحكومة, أو تَعَمُّد إذلال الفقراء، وهم أغلبية شعب مصر.

وبَدَيهِىٌّ أن الأجور فى مصر شديدة التدنى، بالمقارنة بالأجور المتوسطة فى العالم، ومن ثَمَّ فإن من الظُّلمِ تركَ الأجور على حالها فى مصر دون النظر إلى العالم, ورَفْع الأسعار فى مصر بالنظر إلى السوق العالمية, هذا نَوْعٌ من الاستخفاف بالعقل والاستهتار بحاجات الناس! وهو أمرٌ خطير له ما بعده, ولو لا تواطُؤ القوى السياسية المعارضة مع الحكومة، أو عدم القيام بواجبها تجاه الشعب؛ لكان الأمر مختلفًا, والتقصير جاء من كل القوى السياسية المعارضة صاحبة الشرعية الرسمية، أو المحجوبة عن الشرعية، على حد سواء، فالجميع خان الناس، أو سكت عن الظلم، أو تردد فى القيام بواجبه.

وعلى سبيل الحقيقة لا المجاز: لقد جاع الناس، ولم تتحرك المعارضة، وعطش الناس بالمعنى الحقيقى لا المجازى، ولم تتحرك المعارضة، وغرق الناس فى عبارات الموت، أو ماتوا تحت صخور المقطم الضخمة!! أو تعرضوا للتنكيل فى أقسام الشرطة، أو ماتوا فى حوادث القطارات بسبب الإهمال الذريع، ولم تتحرك المعارضة.

وبَدَيهِىٌّ أن الحكومة لن تتحرك؛ لأنها ليست حكومة الفقراء، وعلينا أن نتخيل أنه لو حدث حادثُ إهمالٍ فى فندق فخم أو قطارات النوم المكيفة، أو غيرها من الأماكن والمواقع التى تَخُصُّ الأغنياء, هل كانت الحكومة ستسكت؟! أعتقد لا، بل إنى أزعم أن المعارضة ذاتها كانت ستتحرك؛ لأنها أيضا متواطئة مع الأغنياء.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة