(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آية تأتى على لسان سليم "آلون أبتبول" زعيم المنظمة الإرهابية ليبرر لروجرفيرس "ديكابرو" أنه لا يلقى من يفجرون أنفسهم إلى التهلكة, ليأتى رد فيرس عليه إنه يسيئ تفسير الآية ولا يفهم القرآن, وأن الآية لا تعانى ما يفعله من إرهاب مع الأبرياء, ذلك الحوار يجعلك تتأكد من أن صناع فيلم body of lies الأمريكى جاءوا ليقدموا عملاً مختلفاً.
بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر الشهيرة وغزو العراق انطلقت أمريكا فى تقديم العديد من الأفلام حول الشرق الأوسط, ولكن اتسمت فى البداية بتلك النظرة السطحية للشرق وللإسلام, وتطورت الأفكار ليأتى هذا الفيلم فى مستوى نضوج إدراك عقلية العرب والمسلمين, ليس فقط فى المعتقدات والأفكار, ولكن حتى على المستوى البصرى للأشكال والملابس والأماكن.
ذلك النضوج الذى تراه فى أن صناع الفيلم, وحتى إن كان البطل الأمريكى نراه هو الشجاع والقوى والإنسان كعادة تلك الأفلام, التى حتى وإن هاجمت ماتفعله الولايات المتحدة, إلا أنها تحافظ على صورة البطل الأمريكى, إلا أنهم جعلوا العربى الأردنى هانى "على سليمان" هو من ينتصر فى النهاية, وتحقق خطته النجاح فى اعتراف واضح أن الإدارة الأمريكية لا تفهم العرب كما يفهمون بعضهم البعض, حتى وإن امتلاكهم كل التكنولوجيا التى تراها داخل الفيلم بشكل مبهر تجعل هوفمان "راسل كرو" يقود العمليات من أمريكا, وهو يرى على الشاشة كل مايحصل عن طريق طائرات التجسس التى تجعل أى مكان فى العالم, وأى شخص مجرد فديو يراه على الشاشة أمامه, ذلك التقدم والقوة العسكرية تراها تنهار فى مشهد القبض على روجرفيرس بواسطة سالم مستخدماً خدعة بسيطة بواسطة السيارات الجيب ليقف هوفمان وكل مايملك عاجزاً أمام العربى, الذى يفهم صناع الفيلم قدراته, بل وأخلاقه فعائشة "جوليشفتاه" قد تدعو روجر فيرس إلى الغذاء فى منزل أختها, ولكنها لا يمكن أن تصافح يده الممدودة لها أمام منزلها وسط نظرات الناس.
بالطبع لا تعد حرفية الإبهار داخل الفيلم أمر غريب على المخرج "ريدلى سكوت", ولكنه تفوق فى أن يحافظ على إيقاع الفيلم, خاصة مع أن الفيلم به قصتين يربطهما فقط شخص واحد هو سليم, وكذلك فى أن يدير مجموعة كبيرة من الممثلين خاصة نجمين فى حجم ديكابرو وراسل كرو, حيث أن كلاً منهما قد أخذ طريقة فى الأداء وطبيعة مختلفة جعلت كلاً منهما ينافس نفسه فى الإجادة ولا ينافس الآخر.
وسط ذلك ستجد من سيخطفك أداؤه, وهو "مارك سترونج" الذى يقوم بدورهانى رئيس المخابرات الأردنى, حيث استطاع أن يخلق شكلاً للشخصية وأسلوبها يجعلك تشعر بحضورها القوى فى كل مشهد, بل وبشكل شخصى تشعر بسعادة من أنه يقوم بدور شخص عربى.
تخرج من الفيلم وأنت تشعر بأنك مراقب, وأنك فى وسط صراع لا تعرف عنه أى شئ, فهناك من يحملون سلاحاً, ومن يجلسون فى مكاتب مريحة يديرون معركة لا رابح فيها منهم, وأنك أنت الخاسر الوحيد
بدأ عرض الفيلم فى مصر 29 أكتوبر الماضى، وتدور أحداثه فى 7 دول (إنجلترا- الولايات المتحدة – العراق – الأردن – سوريا –هولندا – تركيا)