اكتسبت زيارة الرئيس مبارك اليوم الاثنين, إلى السودان أهمية كبيرة لعدة اعتبارات منها, أهمية السودان، العمق الجنوبى لمصر، ونفى الاتهام الذى كان يوجه للإدارة المصرية بالتخلى عن دورها فى السودان فى الوقت الذى يعانى فيه من الصراعات والأزمات التى تهدد وجوده متماسكاً موحداً، بالإضافة إلى دفع مبادرات التسوية السلمية للأزمات التى يعانى منها السودان.
ولم تقتصر زيارة الرئيس مبارك للسودان على العاصمة الخرطوم، بل شملت زيارة خاطفة إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، فى إشارة عميقة الدلالة، التقى خلالها بالنائب الأول للرئيس البشير ورئيس حكومة الجنوب سيلفا كير مياردين.
مؤشرات عديدة
حملت الزيارة عدة مؤشرات, كما ترى د. أمانى الطويل خبير الشئون السودانية بمركز الدراسات السياسية بالأهرام, تؤكد أن مصر تتعامل مع الشمال والجنوب على قدم المساواة، بما يعنى أن القاهرة تسعى إلى تأمين مصالحها هناك تحسباً لظهور دولة جديدة فى القرن الأفريقى فى حالة انفصال جنوب السودان.
وتقول د. أمانى أن زيارة الرئيس تحديداً إلى جوبا تهدف إلى تقوية العلاقات بين القاهرة وحكومة الجنوب، من خلال دفع المشروعات التنموية التى يقوم بها الجانب المصرى فى مجالات المياه والصحة.
وفيما يتعلق بتركيز المباحثات على كيفية تفعيل المبادرات المختلفة لتسوية الصراعات هناك، لاسيما مبادرة أهل السودان والمبادرة العربية ـ القطرية التى تركز على إنهاء الصراع فى دارفور، ترى د. أمانى أن مصر يمكن أن تلعب دوراً مهماً فى هذا الأمر، خاصة وأنها فتحت قنوات اتصال مع العديد من الفصائل المسلحة فى الإقليم، وتحديداً حركة العدل والمساواة، باعتبار أن استقرار السودان يساعد على تجنب مصر العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية, والتى يمكن أن تواجهها فى حالة اللجوء السياسى، ونزوح السودانيين جراء الصراعات هناك إلى مصر. كما أن هذا التحرك من شأنه أن يساعد على تفعيل الدور الإقليمى المصرى فى القرن الأفريقى، ويبعث برسالة تفيد بضرورة أخذ أى مبادرة فى السودان لهذا الدور.
ظروف سياسية حساسة
من جانبه، اعتبر صلاح مليح المتحدث الرسمى باسم مكتب حكومة جنوب السودان بالقاهرة، الزيارة تاريخية جاءت فى ظروف سياسية حساسة يمر بها السودان، ويحتاج خلالها إلى دعم عربى ودولى لإحلال السلام ،فالسودان ـ كما يؤكد مليح ـ يشهد تزايد التوتر فى إقليم دارفور، وتباطؤ تنفيذ اتفاق السلام الشامل فى جنوب السودان (اتفاق نيفاشا)، وهو ما يؤثر سلباً على استقرار البلاد، ويهدد بنسف جهود السلام.
ويرى المتحدث الرسمى باسم حكومة الجنوب فى القاهرة، أهمية الدور المصرى فى هذه المرحلة لتحقيق السلام، مشيراً على أن هناك اتصالات مكثفة بين القاهرة وحركة العدل والمساواة (فصيل خليل إبراهيم)، وبقية الحركات السياسية والمسلحة الأخرى فى إقليم دارفور, وتوقع مليح مزيداً من الدور المصرى فى المرحلة المقبلة، خاصة على المستوى التنموى، حيث بدأت مصر مشروعات تنمية الجنوب فى مجالات التعليم والصحة والكهرباء والمياه.
أهمية الدور المصرى
على صعيد متصل، أكد عبده حماد عضو اللجنة المركزية لحزب الأمة السودانى (واسع النفوذ فى دارفور)، أن هذه الزيارة وما شهدته من لقاءات مع أركان الحكم الرئيسية فى السودان، تعبر عن أهمية الدور المصرى فى دفع مبادرات السلام لما يتمتع به من قبول لدى معظم القوى السياسية هناك، حيث يرى حماد أن تفعيل هذه المبادرات يتم من خلال بناء إرادة سياسية لهذه القوى، وهو ما شهده السودان خلال توقيع اتفاق القاهرة، وتسعى القاهرة إلى تكراره فى دارفور.
وأكد حماد على ضرورة أن لا يقتصر الدور المصرى على الجوانب السياسية فقط، بل طالب بأن يشمل هذا الدور الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، حتى يمكن إعادة بناء الدولة والمجتمع فى السودان، منوهاً إلى أن مصر لديها رصيد تاريخى ومقومات للعب مثل هذا الدور، لذلك يرى أن هذه الزيارة ربما تكون بداية لدفع عملية السلام, وتحقيق الاستقرار فى السودان.
وما بين هذه الرؤى، يظل التحرك المصرى جنوباً له من الأهمية ما يساوى التحرك شرقاً، حيث أن الحفاظ على الأمن القومى لمصر، يتطلب تحركاً استراتيجياً لإقرار السلام فى السودان، كما فى فلسطين.
دلالات زيارة الرئيس مبارك إلى السودان شمالاً وجنوباً
الإثنين، 10 نوفمبر 2008 11:20 م
التحرك المصرى جنوباً استهدف تأمين مصالح مصر الحيوية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة