تساؤلات معتادة يطرحها النقاد والمتابعون للحركة المسرحية فى مصر، مع انعقاد كل دورة من مهرجان المسرح التجريبى والذى يبدأ 10 أكتوبر، ويستمر لمدة عشرة أيام، حول جدوى عقده من عدمها.
وتتزايد تلك الأصوات فى ظل تكرار الفرق المشاركة فى المهرجان، وأيضا قائمة الضيوف، بل إن البعض يؤكد أنه لا ضرورة لإقامة المهرجان من الأساس، فى ظل عدم توفير الصيانة اللازمة لمسارح الدولة والتى بات شبح الحرائق يلاحقها يوما بعد الآخر.. اليوم السابع تفتح ملف المهرجان التجريبى والذى بات يعانى من الرتابة، حيث يأتى كل عام بالتفاصيل نفسها.. كما أن أغلب الفرق المشاركة تصنف فى بلادها فرق "درجة ثالثة".
وبالإضافة إلى ضعف مستوى المهرجان، لا يزال مفهوم "المسرح التجريبى" غامضاً لدى كثير من المسرحيين. وأغلبهم لا يفهمون معنى التجريب أو دلالته شكلا ومضمونا معالجة وطرحاً، ويظنون أن التجريب فى الشكل والصيغ فقط وينسون أن أهم ما فى التجريب هو التجريب فى الخطاب والمضمون، فما نراه كل عام منذ عشرين سنة داخل العروض لم يتغير والغريب أن العروض المصرية بدأت تقلد العروض الغربية دون وعى، فالممثلون يتلوون كالثعابين تحت ملاءة أو يتخلون عن ملابسهم ويصرخون أو تجد عرضا يقدم على حمام سباحة وعرضا داخل أتوبيس وآخر بدون ممثلين، والجديد هذا العام هو التخلى عن النص المسرحى واستبداله بالرقص الحديث والتعبير الحركى غير المفهوم، بالإضافة إلى التعرى، والسؤال هنا من المستفيد من هذا المهرجان الذى تتجاوز ميزانيته العشرين مليون جنيه؟
هل المواطن المصرى العادى أم المسرحيون أم العاملون بالمهرجان ؟ وهل فعلا مهرجان المسرح التجريبى أفضل وصف له "مهرجان المسرح التخريبى" كما وصفه محمد صبحى من قبل عندما قال: هذا المهرجان يخرب فى عناصر العمل المسرحى ولا يجرب ويلجأ للغموض والشذوذ واللامعقول، وأيضا وصفه الراحل سعد أردش بمهرجان الفوضى والعشوائية المسرحية..
بداية، أكد الكاتب والمنتج المسرحى فيصل ندا أن مهرجان المسرح التجريبى بلا فائدة وتوفير ميزانيته للنهوض بالمسرح المصرى أفضل لأنه تحول إلى عجوز مريض يعانى من الخرف. وطالب فيصل بتوجيه ميزانية المسرح التجريبى إلى بناء مسارح أو تقديم عروض للشباب أو إقامة مهرجان مسرحى عربى، مشيراً إلى أن كل ما يقدم فى المهرجان داخل العروض عبث وحركات جسدية غير مفهومة.
من جهته، قال المخرج المسرحى جلال الشرقاوى إن التجريب فى حد ذاته مهم، ولكن أغلب المتعاملين مع التجريب فى المهرجان لا يعرفون عن التجريب سوى الغموض والصراخ والعويل أو الصمت دون داعٍ، والاستعانة بالموسيقى الصاخبة. وأضاف أن "كل من هب ودب" فى مصر بيعمل أى شئ "شوية" رقص على " شوية" حركات غريبة مع "شوية" مزيكا ويقول عليها تجريب. واعتبر الشرقاوى هذا المهرجان بمثابة "نصب" على الدولة لأن أغلب هذه المسرحيات لا يراها غير أصحابها ولا يفهمها غير أصحابها.
أما المنتج المسرحى أحمد الإبيارى فتساءل عن المستفيد من المهرجان التجريبى، وهل هو المواطن أم العاملون فى المسرح من نقاد وممثلين ومخرجين.. وقال إذا كان المستفيد هو المواطن المصرى "فأهلا بالتجريبى"، ولكن إذا كان المهرجان يبدأ وينتهى ولا يشعر به أحد، فما الداعى من إقامته.
وأضاف الإبيارى: المستفيد من المهرجان هم المرتزقة من الموظفين والعاملين فى اللجان التى تنفذ وتدير المهرجان وليس المواطن ولا حتى المهتمين بالمسرح لأن مستوى المهرجان يضعف عام تلو الآخر ولا جديد يقدم.
الفنان عزت العلايلى أكد أنه بات لا يفهم معنى التجريب فى ظل تدنى مستوى الفرق المشاركة والعروض المقدمة، وتساءل لصالح من يتم إهدار المال العام، وأضاف "من باب أولى أن نقوم بترميم مسارحنا والاهتمام بمعهد الفنون المسرحية وعلى وزير الثقافة أن يراجع نفسه".
وختاماً، أسند الدكتور أحمد حلاوة المشكلة فى المهرجان التجريبى إلى عدم وعى المشاركين فيه أساسا بالمسرح الكلاسيكى، ولكنهم يعملون فى التجريب وهذه هى المشكلة لأن فاقد الشئ لا يعطيه وما بنى على باطل فهو باطل، لكن المهرجان فى حد ذاته كفكرة مهم، لكن ما يقدم داخله "لعب عيال وعشوائية".
لمعلوماتك..
◄ الأمريكية مارثا كوانييه والألمانية جينكاتشولا كوفاهينلا والفرنسى جون ميشيل مونييه، شاركوا فى المهرجان كأعضاء لجنة المشاهدة لمدة ثلاث دورات متتالية هى الدورة الـ17 والـ18 والـ19. وشارك مونييه بعد ذلك فى الدورة الخامسة عشر كعضو لجنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة