د.ياسر العدل

إنهم يستحقون المساءلة

الثلاثاء، 07 أكتوبر 2008 07:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعض المصريين من المسلمين السنة، خصوصاً فى مدينة رفح المصرية ومدينة المنيا بصعيد مصر، جهروا بإفطارهم يوم وقفة عيد الفطر، ولكى نراهم هكذا فنحن بحاجة لأن نرى بعض الأمور النظرية.

الانتماء الفردى لأى دين، وضعى أو سماوى، هو أمر شخصى يرتبط بإرادة الفرد وظروف نشأته، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وباجتماع عدد من الإرادات الفردية حول الانتماء لدين معين ينشأ فى المجتمع جماعة بشرية من أتباع هذا الدين. كل دين وضعى أو سماوى له طقوس وعبادات يؤمن بها جماعة أتباع هذا الدين، يضبطون بها سلوكهم الجمعى ويتواصلون بها مع الآخرين، ويقوم على تأديتها قدر المستطاع.. كل فرد ينتمى إلى هذه الجماعة.

السلام الاجتماعى فى جانبه الدينى، يسود فى المجتمع حين تبدو صفات كل الجماعات الدينية داخل المجتمع ظاهرة أمام الجميع، فلا يتم التمييز فى المواطنة بين تلك الجماعات بسبب انتماءاتها الدينية، ويسهل التحول والحراك الدينى الفردى والجماعى. السلام الاجتماعى فى جانبه الدينى يتحقق بين جماعات المجتمع حين توجد دولة قوية تلزم كل جماعة بإعلان طقوسها وعباداتها أمام بقية الجماعات.

الدولة كيان سياسى يمتلك احتكار السلطة للحكم واستعمال القوة والعنف بالنيابة عن مواطنيها ضمن مساحة جغرافية محددة السيادة، لذلك تملك الدولة كثيراً من المؤسسات المنظمة للأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، بقصد تحقيق السلام الاجتماعى بين المواطنين والحفاظ على مصالحهم.

بعد هذا التمهيد النظرى، يمكننا القول بتجريم فعل جماعة المسلمين من المصريين حين احتفلت بعيد الفطر يوم الثلاثاء، خروجاً على فتوى دار الإفتاء المصرية بأن يوم عيد الفطر هو الأربعاء، وباعتبار دار الإفتاء إحدى مؤسسات الدولة فى تعاملها مع الدين الإسلامى على المذهب السنى، تصبح فتواها ملزمة لجماعة المسلمين من المصريين على أرض مصر، خصوصاً أن الفتوى صدرت بشأن موضوع غير خلافى، وعليه يصبح الخروج العلنى على هذه الفتوى خروجاً وعصياناً مدنياً ضد الدولة، يستوجب استخدام القانون لتجريمه، ويستوجب القوة لمنعه.

التجريم هنا ليس منصباً على فعل حرية العبادة أو عدمها، التجريم ينصب على واقعة خروج عن النظام لا يرى أصحابها فى خروجهم جرماً ارتكبوه.. بل هم يزايدون على ثوابت الدين والسياسة. الأصل أن الناس أحرار فيما يدينون به، لكنهم ليسوا أحراراً فيما يدعون إليه، فعلى الطرف الآخر من الدعوة يوجد من يدين بغير دينهم، وعليه فمن شاء من الأفراد أن يفطر فى رمضان ويحتفل بالعيد على طريقته، وأراد فى نفس الوقت الحفاظ على سلامة المجتمع، عليه أن يتوارى بعيداً عن أنظار شارع عام تحكمه الدولة أو أن يتحمل مواجهة قوة تلك الدولة.

نحن نرى أن الحكم بالتجريم هنا يماثل فى حيثياته وقائع تجريم الإفطار جهراً للمسلم الفرد فى نهار رمضان، هكذا أن يعلن مصرى أنه مسلم ثم يخرج علانية على رأى دار الإفتاء المصرية السنية فى قضية غير خلافية، ليتبع رأيا أفتت به طائفة أخرى غير مصرية، وفى بلد غير مصر، يكون قد ارتكب خروجاً شرعياً يستوجب المساءلة الدينية وخروجاً سياسياً يستوجب المساءلة الاجتماعية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة