الخيط رفيع جداً ما بين الحقيقة والخيال، والفن بإبداع القائمين عليه وجه آخر للمجتمع يجسد قضاياه ومشاكله، ويطرح أيضاً خيوطاً رفيعة للعلاج، أحياناً تكون البداية لمواجهة الخلل، بعيداً عن تجميل السلبيات ودفن الرؤوس فى الرمال.
رصدت الأعمال الدرامية لهذا العام، العديد من السلبيات والمشاكل والقضايا، بدءاً من الفساد فى مشاريع الشباب، واللعب على أحلامهم وطموحاتهم، بشكل قد يوصلهم لليأس، ومروراً بقضايا الهجرة غير الشرعية ومشاكل المرشدين السياحيين، وأخيراً الخصخصة والمعاش المبكر وعمال مصر ما بين الفقر والجنون.
صندوق التنمية الاجتماعى ومشاكل الشباب الخرجين
تناولت أحداث مسلسل "هيمة.. أيام الضحك والدموع" معاناة الشباب فى إقامة مشاريع عن طريق تمويل صندوق التنمية الاجتماعى، وبعد عرض الحلقات الأولى من المسلسل، فوجئنا بالعديد من إعلانات صندوق التنمية التى تعبرعن إنجازاته من خلال ظهور بعض الشباب فى الإعلانات، مرددين مقولة "كل اللى احتجته فى مشوارى العزيمة والإصرار".
كأن ما يعرقل مستقبل الشباب فقط هو العزيمة والإصرار، وزادت الإعلانات بشكل ملحوظ أثناء عرض المسلسل فى النصف الأخير من الشهر وكأنها تواجه ما يعرضه المسلسل من حالة اليأس التى تسيطر على الشباب، رغم الموافقة على مشروعاتهم، التى فى الغالب تأتى عن طريق توصية من بعض المسئولين أو أصحاب المراكز المرموقة.
تناولته أحداث المسلسل عندما توسطت مذيعة فى إحدى المحطات الفضائية، تربطها صداقة بـ "هيمة"، بينه وبين رئيس الصندوق للموافقة على مشروعه، مقابل ظهوره فى القناة للحديث عن إنجازاته فى الصندوق.
مشاكل المرشدين السياحيين
الغريب أن المسلسل ناقش أيضاً فى إحدى حلقاته، المشاكل التى يواجهها المرشدون السياحيون، للحصول على كارنيه النقابة ودفع رشاوى فى بعض الأحيان لاستلامه، كما دفع "هيمة" بطل المسلسل مبلغ 15 ألف جنيه للحصول على الكارنيه.
توجه وليد البطوطى وكيل مجلس نقابة المرشدين السياحيين بشكوى جماعية إلى الوزير أنس الفقى، لإبداء استيائه من إساءة المسلسل للنقابة، نافيين ما ذكره المؤلف فى الأحداث، وألقى اللوم على بلال فضل بأنه لديه دائماً نظرة سوداوية تجاه الحكومة وجميع الوقائع المذكورة فى الأحداث لا علاقة لها بالواقع وإنما هى من نسج خياله فقط، كمحاولة لتجميل صورة الحكومة التى أراد المؤلف إظهار سلبياتها كما هى.
الهجرة الغير شرعية بين "بعد الفراق" و"قلب ميت"
وتأتى قضية "الهجرة الغير شرعية" على قائمة أولويات الأعمال الدرامية، كان من بينها مسلسل "بعد الفراق"، عندما قام الفنان عبد الرحمن أبو زهرة فى تجسد دور زوج الأم لهند صبرى بالموافقة على سفر ابنه عن طريق "مراكب الموت" مما أدى إلى وفاته، وأيضاً "قلب ميت" عندما ألقت عصابة "رمزى شهاب" صاحب القرية، والذى كان محوراً للإحداث بـ "سلامة" أو محمد الشقنقيرى صديق "رضا أبو شامة" فى إحدى هذه المراكب، مما أدى إلى دخوله فى غيبوبة لفترة طويلة بعد إنقاذه.
الخصخصة والخروج المبكر على المعاش وشرف فتح الباب
أهات العمال واختلال الموازين بعد خروجهم على المعاش واختلاط المعايير وازدواجها فى ظل تدنى الظروف الاقتصادية للعامل، بعد تطبيق الخصخصة والخروج على المعاش المبكر، واعتبار الحلال حراماً كما فعل يحيى الفخرانى فى مسلسل "شرف فتح الباب"، والذى أدى فى النهاية إلى إصابته بالجنون.
القضايا التى طرحتها مسلسلات هذا العام كثيرة، حول سلبيات العديد من الأجهزة الحكومية، فهل يمكن أن تكون الدراما مدخلاً جديداً للمسئولين لمعرفة مشاكل الناس وهمومهم، واتخاذ خطوات فى طريق الحل والعلاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة