نجاح مسلسل "تامر وشوقية" أغرى المنتجين بالاتجاه لهذه النوعية من الدراما
بقلم محمد بركة
بماذا نفسر هذا الهجوم الكاسح لمسلسلات "الست كوم" على فضائياتنا المجيدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر؟ أليس غريباً أن ننام فى أمان الله والواحد منا قرير العين, هادئ البال, فإذا بعشرين مسلسلاً من هذه النوعية تحاصرنا فجأة وبلا مقدمات جواً وبراً وبحراً؟ هل اكتشف صناع الدراما ـ إذ فجأة ـ حاجة المواطن العربى الغلبان إلى جرعة مكثفة من الضحك، بعيداً عن نشرات "الجزيرة" المليئة بالأخبار التى لا تسر عدواً ولا حبيباً أم أن شيئاً ما تم إعداده فى الخفاء وعلى عجل ليقدم لنا، باعتباره أشهى وأطيب ما قدمه الشيف أسامة, وحين تذوقنا نحن المشاهدين تلك الوجبة الدرامية الكوميدية عرفنا أن التى طبختها لنا سنية العمشة بمساعدة حسنية أم دراع!
المدهش أن السادة مسئولى المطبخ الدرامى من منتجين ومخرجين وممثلين مازالوا يتعاملون بعقلية جدودنا الفلاحين فى ريف الدلتا, فما إن يزرع فلاح "زرعة" معينة و"تصح" حتى يبادر الجميع بتقليده, فتجد كل أراضى "الزمام" و"الناحية" أصبحت فولاً أو برسيماً أو أرزاً أو حتى "لوبيا" وباذنجان! ليس هناك فلاح يملك القدرة على المبادرة أو التصور, والكل ينتظر الآخرين ليبدأوا هم، ثم يقلدهم! وحين سمع الجميع بدوى نجاح "تامر وشوقية" وعدم فشل "راجل وست ستات", انهمر السيل, وانفتح الأوكازيون.. وبدأ المزاد... قرب... جرب! وعندك واحد "ست كوم" خصوصى للبيه.. تعالى يا مدام.. اتفضل يا باشا.. قرب! جرب!
خالد النبوى ممثل موهوب، لكنه يحتاج إلى "وصفة" خاصة لكى يتألق، ويبدو أن الراحل يوسف شاهين كان معه سر الخلطة، فقدمه فى أروع أدواره فى "المهاجر" ،هذا الفيلم الاستثنائى الذى تخبط بعده "النبوى" كثيراً، والجميل أنه لم ييأس، ويصر على استعادة النجاح والنجومية من رماد فشل أفلام مثل "عمر 2000" و"تايه فى أمريكا".. وهذا العام أطل "خالد" على الجمهور فى مسلسل "كافيه تشينو"، الذى افتقر لأهم مقومات نجاح "الست كوم" وهو الحضور الخاص للممثلين والحوار المكتوب بذكاء والذى يفجر على نحو تلقائى العديد من المفارقات الضاحكة!
دنيا سمير غانم كانت تعانى هى الأخرى من مشكلة الحضور, وبدا إغراقها فى استخدام الألفاظ الأجنبية مستفزاً للقاصى والدانى, وأقام حاجزاً نفسياً بينها وبين المتفرج.
ولحسن الحظ كان الموقف مختلفاً فى مسلسل آخر هو "العيادة", فقد نجح خالد سرحان من خلاله فى تغيير جلده, والخروج إلى منطقة جديدة فى التمثيل بذقنه غير الحليقة, ومفارقاته التى لا تنتهى كطبيب نفسى فاشل, بينما ظل "إدوار" فى نفس المنطقة المعتادة ولم يقدم إضافة لأدواره التقليدية فى السينما, أما "محمد شرف" فهو "أسطى" هذا العمل عن حق, ومركز الكاريزما والتأثير فى بنائه الدرامى، وهو يبدع فى تجسيد شخصية "ممرض" يجمع بين السذاجة والطمع والتآمر والطيبة!
فى "تامر وشوقية":
من حق أحمد الفيشاوى ومى كساب, ومعهما رجاء الجداوى ولطفى لبيب, أن يفخروا بأنهم أصحاب المبادرة فى "هوجة" الست كوم, ومن حق الوجه الذى لم يعد جديداً "إنجى وجدان" أن تسعد بالإعلام وهو يدق بابها لتذوق طعم الشهرة، والحق أن "قماشة" المسلسل تحتمل أن يمتد لأجزاء طويلة مقبلة, لكن على صناع هذا العمل أن يتذكروا أن استمرار النجاح مشروط بالتجديد, وفتح آفاق جديدة, تذهب إليها الأحداث, وابتداع شخصيات مختلفة تكسر النمطية والألفة, ورغم أن فكرة الاستعانة بضيوف شرف مثل "أحمد السقا" و"كريم عبد العزيز" تضفى شيئاً من الحيوية والتشويق على الإيقاع العام للحلقات, لكن ليست بالضيوف "السوبر ستار" وحدهم ينجح الست كوم, وليس مسلسل الست كوم الأمريكى الأشهر "Friends" عنا ببعيد, فقد استعان صناعة بجوليا روبرتس وبراد بيت وبروس ويليس لكن ظل التجديد فى الفكرة والشخصية والحدث هو الأساس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بماذا نفسر هذا الهجوم الكاسح لمسلسلات "الست كوم" على فضائياتنا المجيدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر؟ أليس غريباً أن ننام فى أمان الله والواحد منا قرير العين, هادئ البال, فإذا بعشرين مسلسلاً من هذه النوعية تحاصرنا فجأة وبلا مقدمات جواً وبراً وبحراً؟ هل اكتشف صناع الدراما ـ إذ فجأة ـ حاجة المواطن العربى الغلبان إلى جرعة مكثفة من الضحك، بعيداً عن نشرات "الجزيرة" المليئة بالأخبار التى لا تسر عدواً ولا حبيباً أم أن شيئاً ما تم إعداده فى الخفاء وعلى عجل ليقدم لنا، باعتباره أشهى وأطيب ما قدمه الشيف أسامة, وحين تذوقنا نحن المشاهدين تلك الوجبة الدرامية الكوميدية عرفنا أن التى طبختها لنا سنية العمشة بمساعدة حسنية أم دراع!
المدهش أن السادة مسئولى المطبخ الدرامى من منتجين ومخرجين وممثلين مازالوا يتعاملون بعقلية جدودنا الفلاحين فى ريف الدلتا, فما إن يزرع فلاح "زرعة" معينة و"تصح" حتى يبادر الجميع بتقليده, فتجد كل أراضى "الزمام" و"الناحية" أصبحت فولاً أو برسيماً أو أرزاً أو حتى "لوبيا" وباذنجان! ليس هناك فلاح يملك القدرة على المبادرة أو التصور, والكل ينتظر الآخرين ليبدأوا هم، ثم يقلدهم! وحين سمع الجميع بدوى نجاح "تامر وشوقية" وعدم فشل "راجل وست ستات", انهمر السيل, وانفتح الأوكازيون.. وبدأ المزاد... قرب... جرب! وعندك واحد "ست كوم" خصوصى للبيه.. تعالى يا مدام.. اتفضل يا باشا.. قرب! جرب!
خالد النبوى ممثل موهوب، لكنه يحتاج إلى "وصفة" خاصة لكى يتألق، ويبدو أن الراحل يوسف شاهين كان معه سر الخلطة، فقدمه فى أروع أدواره فى "المهاجر" ،هذا الفيلم الاستثنائى الذى تخبط بعده "النبوى" كثيراً، والجميل أنه لم ييأس، ويصر على استعادة النجاح والنجومية من رماد فشل أفلام مثل "عمر 2000" و"تايه فى أمريكا".. وهذا العام أطل "خالد" على الجمهور فى مسلسل "كافيه تشينو"، الذى افتقر لأهم مقومات نجاح "الست كوم" وهو الحضور الخاص للممثلين والحوار المكتوب بذكاء والذى يفجر على نحو تلقائى العديد من المفارقات الضاحكة!
دنيا سمير غانم كانت تعانى هى الأخرى من مشكلة الحضور, وبدا إغراقها فى استخدام الألفاظ الأجنبية مستفزاً للقاصى والدانى, وأقام حاجزاً نفسياً بينها وبين المتفرج.
ولحسن الحظ كان الموقف مختلفاً فى مسلسل آخر هو "العيادة", فقد نجح خالد سرحان من خلاله فى تغيير جلده, والخروج إلى منطقة جديدة فى التمثيل بذقنه غير الحليقة, ومفارقاته التى لا تنتهى كطبيب نفسى فاشل, بينما ظل "إدوار" فى نفس المنطقة المعتادة ولم يقدم إضافة لأدواره التقليدية فى السينما, أما "محمد شرف" فهو "أسطى" هذا العمل عن حق, ومركز الكاريزما والتأثير فى بنائه الدرامى، وهو يبدع فى تجسيد شخصية "ممرض" يجمع بين السذاجة والطمع والتآمر والطيبة!
فى "تامر وشوقية":
من حق أحمد الفيشاوى ومى كساب, ومعهما رجاء الجداوى ولطفى لبيب, أن يفخروا بأنهم أصحاب المبادرة فى "هوجة" الست كوم, ومن حق الوجه الذى لم يعد جديداً "إنجى وجدان" أن تسعد بالإعلام وهو يدق بابها لتذوق طعم الشهرة، والحق أن "قماشة" المسلسل تحتمل أن يمتد لأجزاء طويلة مقبلة, لكن على صناع هذا العمل أن يتذكروا أن استمرار النجاح مشروط بالتجديد, وفتح آفاق جديدة, تذهب إليها الأحداث, وابتداع شخصيات مختلفة تكسر النمطية والألفة, ورغم أن فكرة الاستعانة بضيوف شرف مثل "أحمد السقا" و"كريم عبد العزيز" تضفى شيئاً من الحيوية والتشويق على الإيقاع العام للحلقات, لكن ليست بالضيوف "السوبر ستار" وحدهم ينجح الست كوم, وليس مسلسل الست كوم الأمريكى الأشهر "Friends" عنا ببعيد, فقد استعان صناعة بجوليا روبرتس وبراد بيت وبروس ويليس لكن ظل التجديد فى الفكرة والشخصية والحدث هو الأساس.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة