إن الارتفاع الملحوظ فى عدد السكان يؤثر فيه ثلاثة محاور رئيسية، المحور الأول: هو ارتفاع نسبة الأمية فى المجتمع، ومعروف أن الأمية والجهل يجعلان بعض الأسر تكثر من الإنجاب بحجة أن هذه المواليد ستكون أيادى عاملة تساعدهم فى زيادة الدخل مستقبلا. والمحور الثانى: هو الفقر، والفقراء يعمدون إلى إنجاب العديد من الأولاد ليساعدونهم على كسب الرزق وتحقيق العزوة لهم، فالفقر والأمية وجهان لعملة واحدة.
أما المحور الثالث فيتمثل فى إطلاق عقال رجال الدين الذين يطلق عليهم «الدعاة الجدد «فهؤلاء يعمدون إلى تسميم العقول والأفكار ليعم ذلك على أمور الحياة بأثرها، ومن هنا أعتقد أنه من الضرورى أن تقوم الدولة بمواجهة المحاور الثلاثة «الأمية، والفقر، والأفكار السامة التى يطلقها الدعاة الجدد «أنصاف المتعلمين» مواجهة حقيقية لأن هذا من شأنه تحسين الأوضاع فى كل الأمور ومنها الحد من الزيادة السكانية.
والمعروف أن برامج تحديد النسل فى الريف المصرى تتم من خلال منح أوروبية، والناس يتساءلون عن هذا الاهتمام الأوروبى، ومدى مصلحة تلك الدول التى يعتبرونها دولا صليبية فى تحديد أو تنظيم النسل فى مصر، فهم يرونها مؤامرة لتقليص عدد المسلمين، بالإضافة لذلك هناك معتقد خاطئ ومتوارث لدى العامة من الناس أن الولد يأتى ومعه رزقه دون النظر إلى ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة، وأعتقد أن نجاح أى خطة لتنظيم وتحديد النسل لابد أن يشترك فيها اثنان أولهما «الداية» فى الريف لأن لها مصداقية عالية هناك، وثانيهما «إمام المسجد »لكونه يتحدث باسم الخالق، كما أعتقد أن اتخاذ أى إجراء قانونى لتحديد النسل لن يحل مشكلة الزيادة السكانية، ومن الضرورى أن يعى كل إنسان أن هذه قضية مجتمع بأكمله، ونحن نريد تنظيم النسل من أجل الحفاظ على نوعية الأجيال القادمة، فأنا مع تعبير تنظيم النسل ولست مع التحديد، فالصين لم تقم بإجراءاتها الخاصة بتنظيم وتحديد النسل إلا عندما بلغ تعداد السكان بها نحو مليار نسمة، على عكس التجربة الهندية، وذلك لأن الصين منذ البداية استطاعت أن تستثمر إمكانياتها ومواردها بطريقة جيدة، وفى النهاية أحب أن أشير إلى أننى لست موافقا على ما جاء فى خطاب الرئيس مبارك الذى ألقاه مؤخراً أمام مؤتمر السكان فى شرم الشيخ، والذى أوضح فيه «أن الزيادة السكانية تحتاج إلى استثمارات هائلة وموارد ضخمة ليست فى مقدورنا وتتجاوز قدرتنا»، وأنا أقول إن إمكانيات مصر غير مستخدمة استخداماً حقيقياً، ومواردنا مهدرة وغير مستغلة.