لابد لى فى البداية أن أشير إلى أن تعبير تنظيم النسل يندرج فى إطاره تعبير تحديد النسل وأرى أنهما يصلان إلى هدفٍ واحد، وتنظيم النسل لا بأس به، ومعترف به فى الشريعة، والصحابة كانوا يلجأون إلى العزل، وهم عندما فعلوا ذلك لم ينههم النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا يعد إقرارا بسلامة الفعل، ومادام أقر النبى صلى الله عليه وسلم العزل يكون بذلك أقر تنظيم النسل، ولا أظن أن هذا كان خاصا بالعزل عن العبيد أو ملكة اليمين، بل كان عاما بهم وبالحرائر من النساء، وعموما فهناك وسائل جديدة ومستحدثة تستخدم الآن فى عملية تنظيم النسل أفضل كثيرا من العزل وفى رأيى لا أحبذ الإجبار على التنظيم أو التحديد بفرض شىء من القيود لأنه لن يؤدى إلا إلى زيادة الاحتقان فى الشارع المصرى، فالإجبار جريمة فى حق المجتمع ولو حدث فى شكل قانون أو بأى شكل من الأشكال لقام الناس بالالتفاف حوله وتحايلوا عليه، كما أننى أؤمن بالحرية، وقناعتى تنبع من أنه كلما ارتفع مستوى معيشة الأفراد؛ قل النسل، كما أن الأسلوب الحقيقى لرفع مستوى المعيشة يتطلب تنظيم النسل، أى أن كلا الأمرين لا يتحقق أحدهما إلا بالآخر.
الإنسان هو أثمن رأس مال، وهو كسب كامل للتنمية وتأسيس الحضارات، لكن تقصيره وتقاعسه عن أداء الواجب المنوط به يجعل المجتمع يضيق ذرعا به، من هنا فكر المسئولون فى تنظيم النسل الذى أصبح ضرورة ملحة فى ظل التراجع الاقتصادى الواضح إن مجال التشدق بالحجج الدينية فى حسم هذه المسائل ليس مناسبا، بل العقل هو القيِّم الأول فى حسمها، فالقضايا الدنيوية لا تحل إلا بالعقل لأنه هو السائد، والمنطق يقدم العقل على النصوص الدينية فى العلوم الدنيوية ومشاكل الحياة، والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، والعقل إذا قادنا إلى المصلحة، يصبح الإلزام بتقديمه أولى، بل ضرورة تقتضيها تلك المصلحة، خاصةً لو كانت عامة، وبالعقل أيضا نستطيع أن نوظف كل الإمكانيات والقدرات لإقناع الناس بتنظيم النسل، ولا نجبرهم عليه إجبارا، لأن الإنسان إذا اقتنع بعقله فسوف يؤمن بالفكرة، ومن ثم يعمل على تطبيقها وتحسينها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة