مليون و200 ألف قضية تنظرها المحاكم سنويا وتصدر الأحكام فى نسبة كبيرة منها، لكن عدد قليل من الأحكام تستطيع الشرطة والمحضرون تنفيذه، وهى أحكام تحجب عنها القوة الجبرية فى التنفيذ، وتصبح العدالة وقتها حبرا على ورق.. تلك الحالة التى تحولت إلى ظاهرة.. باتت تلزم أصحاب الحقوق بالبحث عن وسائل لتنفيذ الأحكام.. عدد كبير من المحامين تحولوا إلى مراكز قوى يتفاوضون مع أصحاب الحقوق، خاصة فى الأحكام المتعلقة برد أموال أو عقارات.. والصحف تطالعنا يوميا بحالات يلجأ فيها أصحاب الحقوق للبلطجة فى التنفيذ، أما بخطف المدعى عليه أو إجباره على توقيع شيكات أو التنازل عن أملاك مقابل إطلاق سراحه، كما أن بعض المحامين يتقاضون نسبة من هذا الحق، مقابل استعادته، خاصة المحامين الذين يملكون العلاقات الشخصية مع رجال الشرطة، أو المال اللازم لاستخدام وسائل البلطجة والعنف.
أحمد كامل لواء الشرطة السابق والمحامى حاليا يرجع المشكلة إلى ضعف جهات تنفيذ الأحكام، إما لقلة عدد الضباط، أو تراجع الأداء، وهو ما أعطى الفرصة لقلة من المحامين فى الظهور، فأصبحت الآن ظاهرة خطيرة للغاية، وهؤلاء ليسوا محامين فقط، ولكن بعض أصحاب الأحكام العاجزين عن تنفيذها يلجأون للبلطجية لضرب خصومهم وتسليمهم للشرطة، وبعضهم أبطال ملاكمة وكمال أجسام سابقون يأتون بمورد رزق كبير بسبب تلك الأعمال، وهذه الظاهرة تتركز فى المعاملات التجارية مثل الشيكات وإيصالات الأمانة فتجد من يفسد بضاعة خصمه أو يحرق محل رزقه، أو يخطفه ويجعله يوقع على شيكات «على بياض»، ونجد تلك الوقائع منشورة يوميا فى الصحف، ومن أسباب انتشار هذا فى التعاملات التجارية هى الثغرات القانونية مثل إتاحة توقيع الشيكات على بياض، أو الطعن فى التوقيع على الشيك بالتزوير، والتى لا يفصل فيها قبل سنتين أو ثلاث، يكون قد استطاع الطاعن فى تلك الفترة السداد أو ابتزاز صاحب الحق ليعطيه نصف المبلغ الذى يريده الآن، بدلا من الانتظار كل تلك المدة، اللواء فادى الحبشى المحامى حاليا يرجع عدم تنفيذ بعض الأحكام إلى تقاعس صاحب الحق نفسه عن اتخاذ الإجراءات الصحيحة، أو هروب بعض المتهمين خارج البلاد، أو تقاعس أجهزة الأمن لظروف خاصة بأمن الدولة، أو انشغالهم بإجراءات أخرى، وأضاف أن تنفيذ الأحكام القضائية ليس له أدنى صلة بالعلاقات الشخصية للمحامين. بينما أرجع اللواء سراج الدين الروبى مدير الإنتربول المصرى سابقا والمحامى حاليا، عدم تنفيذ الأحكام القضائية إلى عدم كفاية السلطات الخاصة بالتنفيذ، مطالبا بأن يكون تنفيذ الأحكام تابعا لوزارة العدل لا الشرطة، وأضاف أن هناك سببا تشريعيا آخر هو الإفراط فى أحكام الحبس مثل قضايا المرور والنشر.