«من الوطنى وإليه» وليس «من الجماهير وإليها»

الخميس، 30 أكتوبر 2008 03:25 ص
«من الوطنى وإليه» وليس «من الجماهير وإليها» توجيهات
كتب سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يسعى الحزب الوطنى كل عام إلى ضبط بوصلة الأحداث فى مصر على مجريات مؤتمره السنوى، بدءاً من التغطية الإعلامية الواسعة، مرورا بحشد كل مؤسسات الدولة لصالح التفاعل مع المؤتمر، وبواسطة هذا الإلحاح يظن أى مواطن أننا أمام عيد قومى وعلى كل عبادالله فى مصر أن يشاركوا فيه، وربما يكون هذا فى حد ذاته جديداً على الحزب منذ إحداث تغييرات متتالية فى هياكله القيادية، وربما يعطى انطباعاً بأن الحزب يسير وفق خطة مرسومة لتحقيق الإنجازات تحت شعار من «الجماهير وإليها»، ويضغط «الإعلام الرسمى» إلى إقناعنا بذلك.

لكن القراءة المتأنية لتلك المؤتمرات تعطينا توصيفا آخر لتلك الإنجازات يمكن أن نحدد شعارها فى «من الحزب وإليه»، أما الجماهير فهى خارج الحسابات تماماً، وأدلتى على ذلك كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قضية التعديلات الدستورية التى تمت فى الدورة البرلمانية الماضية، واحتشد من أجلها الحزب، وجاء فى قلب هذه التغييرات إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات البرلمانية، والتى أسعدنا تطبيقها فى دورتين متتاليتين وأسفرت عن انتخابات احتوت على قرار لا بأس به من النزاهة، وقضت على ما عرفناه بنظام «الكوتة» أى التصميم المسبق لشكل مجلس الشعب، بالاتفاق مع كل حزب على تمثيله برلمانياً بنائب أو اثنين أو ثلاثة، لزوم الديكور الديمقراطى، واحتفاظ «الوطنى» بباقى المجلس، وعز على «الوطنى» أن نبقى فى هذه النشوة المؤقتة، وأعادنا إلى عصر «تقفيل اللجان» التى جعلتنا فى الماضى، وستجعلنا فى المستقبل أضحوكة العالم، البروفة الحقيقية لما سبق حدثت فى انتخابات الشورى الماضية ومجالس المحليات، والدوائر التى كانت مجمدة لعضوية مجلس الشعب. فعل الحزب الوطنى ذلك خوفاً من احتشاد برلمانى أكثر من الإخوان فى دورات قادمة، لكنه أكد أن سياسته العرجاء وغيابه فى الشارع هو الذى يتيح الفرصة للإخوان، ومن هذه العباءة يأتى الحديث أيضاً عما فعلته المؤتمرات السابقة من الحديث عن حتمية التوسع فى الديمقراطية بإنعاش الحياة الحزبية، لكن ما فعله «الوطنى» هو العكس من ذلك تماماً، فأحزاب المعارضة ظلت «مقرات بلا جماهير»، وحين تصدى الحزب الحاكم لإجراء إصلاحات أحدث تغيرات شكلية فى لجنة الأحزاب بضم شخصية من هنا أو هناك، وأبقى على دورها الأساسى وهو رفض الأحزاب الجديدة رغم برامجها الجادة كحزب الوسط وحزب الكرامة.

التغييران السابقان لا يمكن المرور أمامهما مرور الكرام، لأنهما يصبان فى عمق الحياة الديمقراطية التى يراها الحزب من منظور ضيق وهو الإبقاء على الأوضاع القائمة كما هى أى بقاء الحزب مهيمنا على مقدرات الحياة فى مصر دون شريك، وإذا أضفنا على ما سبق الإبقاء على القيود الشديدة للترشح لرئاسة الجمهورية فيعنى أننا أمام حزب يسعى إلى تأمين الحياة السياسية لصالحه، ومادام هذا هو الهدف الأصلى أظنه - وبعض الظن إثم - أنه يتم فى سياق أجندة سيأتى مؤتمر حزبى ما ويفصح عنها وهى ترشيح جمال مبارك رئيساً للجمهورية، وبذلك تكتمل المنظومة الرئيسية لأهداف الحزب ومؤتمراته، ولتؤكد حقيقة أن الحزب يعقد تلك المؤتمرات بشعار «من الوطنى وإليه» وليس «من الجماهير وإليها».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة