بشكل مفاجىء .. صدر تصريح إيرانى لسفيرها فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أصغر سلطانية، بإمكانية قيام إيران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم، مما يعد مبادرة منها نحو القبول بسياسة التلويح الأمريكية بإمكانية نهج سياسية الاحتواء تجاه إيران حال توقفها عن تخصيب اليورانيوم، وفى نفس الوقت يمثل رسالة مباشرة إلى تل أبيب مفادها أن أيران قد لا تشكل مخاوف على إسرائيل، بالحجم الذى يمكن أن يشكل دافعا لمواجهة عسكرية فيما بينهما.
لكن السؤال الآن: ما هو الدافع وراء ذلك؟ وما هو الثمن الذى ستقبضه إيران جراء ذلك؟
المشروع النووى الإيرانى بعيدا عن كونه سياسة استراتيجية عسكرية دفاعية لإيران، يشكل بالتوازى مع ذلك جوهر مشروع الدولة الإقليمية، وهو البعد الأهم لدى إيران التى تروج لنفسها كقبلة القيادة الإقليمية للمنطقة التى تعانى فراغاً بعد خروج العراق من بؤرة هذه الدائرة، وهناك حرص لدى القيادات الإيرانية جمعاء سواء على المستوى القيادات الدينية أو السياسية أو العسكرية، على مدى أهمية هذا المشروع بالنسبة لإيران .. وبالتالى يعد من غير المنطقى القول إن ايران لا تنتظر ثمناً باهظاً كمقابل لذلك، ربما تعكس فى الواقع عدم القبول الإيرانى بوقف عمليات التخصيب إلا إذا كان المقابل هو ضمانات بشرعية المشروع النووى الإيرانى من قبل الدول المعترضة عليه، وخاصة الولايات المتحدة، ومن ثم إسرائيل اللتين سيتوجب عليهما القبول بأن المشروع النووى هو مشروع لخدمة الأغراض السلمية الإيرانية لاستخدامه فى المجالات الحيوية مثل توليد الطاقة الكهربائية والمجالات الصحية والعلمية والتقنية، أو استخدامه فى إجراء بحوث نووية بغرض التنمية على حد قول سلطانية.
لم يجد الطرح الإيرانى صدى أو ردود فعل حتى الآن، لكن من المقرر أن يرد عليه من قبل الجانب الأمريكى، الذى فشل لأكثر من مرة فى توقيف المشروع باستخدام سياسة الضغط الاقتصادى والعزلة الدولية على طهران، لكن هناك معطيات أخرى ظهرت على جانب الطريق نحو تسوية الملف والقبول بأنصاف حلول قد تتوافق عليها جميع الأطراف، على النحو الذى طرح به سلطانية هذا التصريح، ملوحاً أيضاً بعدم وجود اتفاقيات دولية تقرر كيفية الحصول على الوقود النووى.
الدافع لهذه التصريحات يحتمل وجهتى نظر، فإما أن إيران تريد مزيدا من الوقت الضائع لحين وصول إدارة أمريكية قادمة، خاصة بعد تعثر المفاوضات بينها وبين مجموعة 5+ 1 بسبب رفضها وقف التخصيب، أو أنها تريد ضمانات مؤكدة للحصول على الوقود الكافى للتخصيب بطريق لا يحتمل المجازفة مع المجتمع الدولى. لكن سياسة المراوغة التى عرضت بها التصريحات تشير إلى مدى الصعوبة التى يمكن أن تطرحها، أملاً فى احتواء الملف الإيرانى، خاصة إذا وضعنا إلى جوارها تصريحات منوشهر متكى وزير الخارجية الإيرانى، بأن إيران لن تستدرج إلى طريق بلا نهاية فى التعامل مع الوكالة الدولية، وهو ما يعنى أن لدى طهران خطة جديدة وحاسمة يمكن أن تتقدم بها لدى الوكالة، ومن ثم أطراف أخرى مثل واشنطن .. لكن عليها أن تبتعد عن تسييس الملف داخل مجلس الأمن، ووقف التصريحات الأمريكية بأن إيران تعطل عمل الوكالة فى التفتيش على منشآتها النووية.
طهران إذن عين على الوكالة الدولية وأخرى على واشنطن، التى تتعامل معها بمنطق العصا والجزرة، ولم يعد فى الإمكان أكثر مما كان، ففى خضم الأزمة الاقتصادية الأمريكية، تقدم واشنطن دعما عسكريا لإسرائيل فى شكل درع صاروخية للتعامل مع الصواريخ طويلة المدى، ما يؤكد على أن الهواجس الإسرائيلية الأمريكية من المشروع النووى الإيرانى محل تأكيد مشترك، ومن ثم يجب التعامل معها على هذا النحو، وهو ما تلقفته طهران بالحديث عن إمكانية وقف أعمال تخصيب اليورانيوم المشروطة.
بعد أن أعلنت موافقتها على تعليق تخصيب اليورانيوم
إيران تراوغ للحصول على شرعية نووية
الجمعة، 03 أكتوبر 2008 07:31 م
هل يمكن أن تنجح إيران فى إقناع النظام الدولى بأن مشروعها النووى سلمى؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة