بعد 461 عاما من تدمير لوحة "مادونا وطائر الحسون" للمبدع الفنان رافاييل، وهى حبيسة الجدران تخضع لعمليات ترميم من كافة الأنواع، إلى أن باتت جاهزة للعرض فى بلازو ميدكى فى فلورنسا قبل أن تعود اللوحة إلى أوفيزى جاليرى.
اقتناها ناسى هذا الرجل الثرى، فرغم كونه كان تاجرا إلا أنه الذى يعشق الجمال ويقدسه، فهى تحمل لمسات ألوان رافاييل حينما كان صبيا، أهداها للورنز بمناسبة زواجها من ناسى عام 1506.
بعد 41 عاما انهار منزل ناسى عام 1547، وتحطمت اللوحة إلى 17 قطعة تم تجميعها بعد ذلك، ومنذ ذلك الحين وحتى قبل عشر سنوات واللوحة حبيسة الجدران، وأصيبت بأعطاب أضاعت بعض من ملامحها الأصلية، وبدأ كثير من الفنيين والفنانين يتعاملون معها باعتبارها أثرا فنيا يعود لعصر النهضة، بذلوا فيها أقصى مجهوداتهم لتجميعها بشكل لا تظهر فيه الشقوق واستخدمت المسامير لجمع هذه القطع، كما استخدموا أحدث معمل إيطالى يتعامل فى المختبر مع أشعة إكس، وأدوات المسح التصويرى الدقيقة، إلى جانب الأشعة الحمراء عرضها بشكلها الجديد الذى لم يطمس معالمها، أو يغير فى جوهرها أو وأشعة الليزر.
ليتم تقنية الألوان بها، لتبدو لوحة متكاملة فى معرض بلازو ميدكى فى فلورنسا قبل أن تعود إلى أوفيزى جاليرى.
تعكس اللوحة المعروفة باسم "مادونا وطائر الحسون" صورة العذراء مع طفلين يرمزان إلى المسيح صغيرا والى يوحنا المعمدان. ويرمز طائر الحسون إلى مستقبل الآلام الذى ينتظر السيد المسيح، لأن الطائر يتغذى من بين الأشواك، وتبدى اللوحة مادونا مع الطفلين وهم يتلطفون مع طائر الحسون.
يذكر أن الفنان رافاييل ولد فى أوربينو، وكانت مدينة فى الأقاليم مقدرا لها أن تعيش بعيدا عن التيارات الفنية لو لم ينشئ بها فردريك دى مونتفيلتر مركزا ثقافيا كبيرا. وقد قدم هذا البلد اثنين من أكبر فنانى العالم هما برامانتى ورافاييل وكان والد رافاييل مصورا, وشاعرا متواضعا، ولكنه كان يدرك عظمة ليوناردو وبيروجينو ومات حين كان رافاييل فى سن الحادية عشرة. التحق رافاييل بمدرسة بيروجينو سنة 1500 حين كان فى السابعة عشر، وساهم فى زخرفة قاعة بيروجيا ..!!
وقد أتيح لرافاييل، أن يستمتع بآثار بلاط أوربينو وأن يصقل فى رؤاها نظرته الفنية كما تعلم على يدى بيروجينو التعبير عن الجمال الحسى والرقة الحافلة بالعطايا والهبات, وقد تمثل رافاييل فى أعماله الأولى روح أستاذه، ولكنه لم يلبث أت تطور بهذه الروح وتحول بنظرته الجمالية من التعبير الحسى إلى الرقة والسمو مبتعدا عن تقاليد القرن السابق..!!
ومن هذه الخصائص ولد فنان عظيم على أوروبا نظرته الجمالية زهاء ثلاثة قرون. وقد مر رافاييل عبر أعماله بتطورات، وأضاف خلال عمره القصير خبرات إلى تجاربه الفنية وفى أعماله الأولى نلمح خروجه على تأثير أستاذه بيروجينو كما نرى فى تتويج العذراء والمادونلة على العرش بين القديسين رقة ومحبة صافية وألوانا صريحة تصاحب الشكل وهو ما تخلو منه أعمال بيروجينو التى تتميز بالصلابة وتناسق توزيع النور والظلال ..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة