د. خميس الهلباوى

حقوق الإنسان وحقوق المجتمع

الإثنين، 27 أكتوبر 2008 11:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وفقاً للمعاهدات الدولية التى أقرتها منظمة الأمم المتحدة، والتى تساوى بين جميع البشر بصرف النظر عن اللون والجنس والديانة أو العقيدة، فإن مفهوم "الإنسان" يتضمن (بهذا المعنى)، جميع أبناء آدم وحواء، الذين يعيشون على وجه الأرض، من ذكور وإناث، ومن أفراد وجماعات.. وعندما تأملت معنى كلمة حقوق الإنسان، هدانى تأملى وتفكيرى أن المقصود بحقوق الإنسان، هى حقوق البشر أبناء وبنات آدم وحواء فى حياة حرة تتحدد حريات الأفراد فيها بحدود حرية المجتمع التى لا يشوبها إرهاب ولا ظلم اجتماعى ولا سياسى ولا ثقافى، للمجتمع الذى يعيشون فيه.

ومنطلقات الليبرالية وحقوق الإنسان وأهداف منظمات المجتمع المدنى المنتشرة فى مصر والعالم، فى العصر الحديث هى الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن تكون المجتمعات مفتوحة لا تحجب فيها قضية، وحق المواطن أن يكون له رأى فى قضايا مصيرية تخص وجوده، وتتلخص فى حقه فى الإيمان والاعتقاد والحرية الدينية دون اتهام فى العقيدة أو المقصد أو سلامة الأصول أو المذاهب فى أى مكان، وعلى أية صورة، أفراداً وجماعات، ويشمل الدفاع عن حقوق الإنسان مراقبة تعامل الحكومات التى تمثل المجتمعات مع الأفراد وتعاملها معهم، والعكس صحيح، وليس فقط الضغط على الحكومات التى تمثل المجتمعات المكونة من الأفراد، للإفراج عن المعتقلين عن طريق تلك الحكومات، والمطالبة بإطلاق حرية إنشاء الأحزاب فى جميع الدول، وحرية الترشيح فى الانتخابات والشفافية فى التعامل أثناء تلك الانتخابات، وغيرها من المهام التى تنص عليها نظم إنشاء منظمات حقوق الإنسان.

وأنا هنا أتحدث بخصوص الوطائف السابقة لمنظمات حقوق الإنسان، وقد راعنى ثغرة وقصور لم نلتفت إليها من قبل ولم أقرأها فى أى مقال أو تعليق، موضوع مهم جداً، وهو موضوع توعية هذا الإنسان بحقوقه أولاً، قبل الدفاع عنها وهو لا يعلم عنها شيئاً، وإذا كان هذا هو الوضع الحالى، ومن الملاحظ أننا لا نسمع عن نشاط منظمات حقوق الإنسان الآن إلا فى الدفاع عن الخارجين على القانون أو المقبوض عليهم على ذمة التحقيقات القضائية، وخاصة فى الدول النامية، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها المشجعة والمؤيدة لحقوق الإنسان، هى أول من ينتهك حقوق الإنسان خاصة فى معسكر جوانتانامو، ومعسكر أبو غريب فى العراق، وغيرها من المعتقلات الأمريكية، ومن ضمن الحالات الصارخة لاختراق حقوق الإنسان بالمفهوم المطبق فى الدول النامية، نراها فى الأفلام التسجيلية للأمن الأمريكى عندما يقبض على مشتبه فيه ويكيله من الإهانات ما يتعدى حقوق الإنسان بكثير.

ونسأل الدكتور كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر، لماذا لا تهتم منظمات حقوق الإنسان "على الأقل فى مصر" أولاً بتوعية الشعوب المقهورة فى نظرها؟، فالأفراد أو الإنسان الفرد فى تلك المجتمعات غالباً ما لا يعرف عن تلك الحقوق شيئاً، فلماذا لا تخصص تلك المنظمات وقياداتها مبالغ وبرامج لتدريب وتوعية الأفراد فى تلك المجتمعات أولاً، ثم تبحث عن الدفاع عن حقوقها، وبطبيعة الحال عندما يعرف الفرد حقوقه الانتخابية والوطنية والطبيعية، سيقوم هو نفسه بالدفاع عنها، ويستطيع أن يدافع عنها أفراداً وجماعات.

هل لنا أن نطالب تلك المنظمات، وعلى رأسها المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر قبل أن تملأ الدنيا صراخاً بحقوق الإنسان أن تقوم بعمل برامج فعالة ونافعة لتوعية الشعوب بحقوقها مثل الشعب المصرى مثلاً، ما نراه فعلاً هو قيام منظمات حقوق الإنسان المدعمة من أمريكا، بمتابعة اعتقالات الحكومة للجماعة المحظورة ومن تحرضهم على إثارة الفوضى فى المجتمع، بما يضر المجتمع الإنسانى فى مصر، وتبحث فى الممارسات الحكومية التى قد تكون تعمل على حماية المجتمع من بعض الخارجين على القانون الذين قد تستعين بهم الجماعة المحظورة فى بعض المواقف، ولا تنسى الوظيفة الأهم وهى: توعية الأفراد فى المجتمعات بحقوقهم لدى المجتمع وواجباتهم قبل المجتمع، وأعتقد أنها منظومة تتضمن حقوق الإنسان الفرد قبل المجتمع، وحقوق الإنسان كمجتمع فى مواجهة الفرد، ولا يمكن أن تكون عملية أو منظومة من جانب واحد، وإلا تصبح أغراض هذه المنظمات هى زعزعة الأمن فى المجتمعات وإثارة الفوضى فيها.

وتوعية الأفراد تتضمن تعريفه بحقوقه وواجباته الديمقراطية بما فيها حدود ممارساته الديمقراطية، من ترشيح وإدلاء بأصوات وأهمية هذه الأمور فى نشر الديمقراطية وتطبيق النظم المتقدمة للديمقراطية، وتوعيته وتعريفه بأهمية صوته فى الانتخابات المختلفة، وتأثيره على المسيرة السياسية فى مجتمعه.

إنها دعوة لتصحيح أساليب وممارسات المجتمع المدنى المسئول عن ملفات حقوق الإنسان، وأعتقد أن ما نطالب به سيكون أكثر موضوعية وجدوى مما يدور الآن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة