أشرف الليثى

البورصة المصرية والنيران الصديقة

الإثنين، 27 أكتوبر 2008 11:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتبطت البورصة المصرية ارتباطاً وثيقاً على مر الزمان بالبورصات العالمية، خاصةً بورصة نيويورك والبورصات الأوروبية الشهيرة كبورصة لندن وباريس وفرانكفورت، بالإضافة إلى بورصة طوكيو، وكانت دائماً ما تغرد ضمن السرب العالمى وتؤثر فيه وتتأثر به.
وكانت البورصة المصرية قبل يوليو 1961 ذلك التاريخ الذى كتب فيه شهادة وفاتها تعتبر رابع بورصة فى العالم، وكانت تؤثر فى الاقتصاديات العالمية، نظراً لتداول القطن المصرى والذى كان يكتسب سمعة كبيرة فى الأسواق العالمية دون منافس، بالإضافة إلى أسهم الشركات الخاصة الكبرى، حيث طالب أصحابها بضرورة إنشاء بورصة فى القاهرة، مثل بورصة الإسكندرية وكان ذلك عام 1902 وبالفعل تم تدشين بورصة القاهره فى 21 مايو 1903، وكان مقرها مبنى جروبى الموجود فى شارع عدلى الآن.

ومن عجائب الأقدار أن الأزمة المالية التى ضربت العالم عام 1907 كان مصدرها مصر حين أعلن بنك " كاسادى سكونتو" انهياره فى يوليو من عام 1907 وكان مقره مدينة الإسكندرية وما لبث أن ضرب هذا الانهيار اليابان، ثم ألمانيا ثم شيلى ومع حلول شهر أكتوبر امتد ليشمل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وفى مصر أخذت المصارف فى الانهيار الواحد تلو الآخر وانخفضت أسعار الأسهم بسرعة شديدة وتم تصفية البورصة المصرية والتى كانت تعمل كشركة ذات مسئولية محدودة وتولى "آفرد نعمان" الذى كان يعمل سمساراً دور المصفى الرئيس للشركة، إلا أنها بعد 18 شهراً فقط تم إقامتها مرة أخرى.
وكأن القدر لا يزال يلعب دوره مع البورصة المصرية أيضاً، فبمجرد انتقال البورصة إلى مقرها الحالى فى شارع الشريفين بعد الانتهاء من إنشائه بواسطة المعمارى الفرنسى جورج بارك والذى قام ببناء معظم مبانى القاهرة الأنيقة بما فى ذلك مبنى متجر صيدناوى بميدان خازيندار عام 1928 ضربت الأزمة العالمية التى هبت رياحها تلك المرة من نيويورك من وول ستريت والذى انهار تماماً فى أعقابها البورصات العالمية، ولم تسلم البورصة المصرية من تلك الانهيارات أيضاً، وذلك لكونها من البورصات الكبرى على مستوى العالم فى ذلك الوقت.

وقد ارتبط مزارعو ومنتجو القطن فى مصر بالبورصة ارتباطاً وثيقاً-، وبذلك كانت البورصة بوابتهم للاطلاع على الغرب وأخبار الغرب وكانوا ينتظرون بشغف الأنباء التى ترد من أوروبا لترشدهم فى عملياتهم المستقبلية لبيع القطن، خاصةً أنهم كانوا بالفعل قد اكتسبوا سمعة عالمية طيبة، حيث حاز مزارع القطن المصرى ثقة المتعاملين الأجانب، نظراً لالتزامه بتسليم طلبات العقود فى الموعد المحدد واحترام المواعيد والمصداقية، وتلك كانت السمات الأساسية التى ترتبط بالمصريين فى ذلك الوقت.

وكان القطن المصرى يلعب دوراً سياسياً مثل الدور الذى يلعبه البترول الآن وخلال فترات الحروب وكان يبرز كشرط أساسى فى أغلب اتفاقيات مصر الدولية، وكانت تلك التجارة أداة رئيسية للمساومة وتعزيز العملة المصرية واعتمدت تجارة مانشيستر القوية بشكل مكثف عليه وكان سبباً فى تكوين ثروات طائلة لكبار رجال الأعمال آنذاك فى المملكة المتحدة.

وكأن التاريخ يعاد كتابته مرة أخرى وبنفس الأساليب، ولكن بأدوات مختلفة لقد أصبحت البورصة المصرية الحالية مرتبطة بشكل كبير بالبورصات الأوروبية وبورصة نيويورك بصفة خاصة، وذلك بواسطة المستثمرين فقط الذين يتابعون ما يحدث فى تلك البورصات ويطبقونه هنا فى القاهرة، على الرغم من اختلاف المعايير بشكل كبير، وكذلك اختلاف الأسباب التى تؤدى إلى انخفاضات وارتفاعات الأسهم وكأن عمليات التقليد والتأثر بكل ما هو غربى انتقلت عدواه إلى سوق المال أيضاً.

لقد فوجئ مسئولو البورصة بانتقال عدوى الانخفاضات فى بورصة وول ستريت والبورصات الأوربية إلى أسهم الشركات المصرية، ولم تنفع تطميناتهم للأفراد والمستثمرين بأن الشركات المصرية وضعها المالى قوى ولا يوجد ما يستدعى للقلق الذى ينتاب البعض، والانهيارات التى تحدث الآن فى الأسعار لا يوجد ما يبرره إلا أن قدر مصر وعلى مر التاريخ سواءً كانت بورصتها قوية أو ضعيفة أن تدخل ضمن المنظومة العالمية برغبتها أو على غير رغبتها أبت أو شاءت ولابد للنيران الصديقة أن تصيب معاقل البورصة المصرية، على الرغم من تلك التحصينات القوية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة