تسرق دور الجامعة العربية.. وتأكل جهد عمرو موسى.
على مدار العقود الستة الماضية منذ نشأة الجامعة العربية لم تحرك المنظمة العربية ساكناً تجاه قضية عربية واحدة، ولم تلق بحجرٍ فى المياة الراكدة من الخليج إلى المحيط، ولم تكشر عن أنيابها باستثناء موقفين، الأول كان تجاه مصر عندما بادرت إلى عقد اتفاقية كامب ديفيد، والثانى والأخير كان ضد العراق عقب احتلاله الكويت.
مع التناقض فى السياسات والمصالح العربية، وكثرة المشكلات التى تعصف بكل دول الجامعة، ومع وجود عمرو موسى على رأس الأمانة العامة، كانت هناك آمال فى أن تظهر للجامعة أنياب، بما سمى «إحياء مشروع الجامعة العربية»، وقال الأمين العام حينها أنه سيترك الجامعة إن لم يحدث تغيير، ولم يحدث التغيير ولم يرحل موسى، وظلت القضايا العربية تتعقد يوما بعد يوم إلى الدرجة التى أصبحت معها الجامعة تائهة, ليس بين دولها, ولكن ربما بين الحركات والفصائل والمنظمات العربية.
الأمين العام العائد لتوه من الخرطوم بعد مشاركته فى مبادرة أهل السودان للبحث عن حل داخلى لمشكلة دارفور، دوره بروتوكولى فى كثير من الأحيان.
وقبل دارفور، كانت هناك الأزمة اللبنانية، التى بذل موسى جهودا مضنية على طريق حلها قبل أن تسرق الدوحة ثمرة هذه الجهود, لكنها فشلت فشلا ذريعا فى العراق.
والحقيقة أن ما يدور وراء الكواليس عن دور الوساطة القطرى الذى يتنامى ويتداخل فى معظم الملفات والأزمات العربية، يشير معه البعض من طرف خفى إلى الأموال القطرية المدفوعة لقادة الفصائل والجماعات العربية المتناحرة داخل البلد الواحد؛ للمصالحة بينها!.
الشيخ حمد بن جاسم آل خليفة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى يهتم شخصيا بملف المصالحات العربية، ويبدو مصرا على أن يكون للدوحة دور فى حل أى خلاف عربى، وغير عربى إن أمكن.
وحسب مصادر لـ «اليوم السابع» رفضت الكشف عن هويتها، فعلت الدوحة ذلك مع الفرقاء اللبنانيين، وتحاوله حاليا مع الفلسطينيين، بينما تم رفض طلبها من جانب الدارفوريين.
مصادر داخل الجامعة أشارت فى الأسبوع الماضى إلى الجهود المحمومة التى بذلها مندوب الجامعة فى القاهرة السفير محمد بن خليفة لاستضافة فصائل دارفور فى الدوحة، ورغم أن وزير الدولة القطرى للشئون الخارجية جاب أرجاء السودان فى الأسبوع الماضى، الا أن إرادات الدول العربية تواءمت على كبح دور الوساطة القطرية فى دارفور، نظراً للأبعاد الأفريقية والدولية للمشكلة، وهو ما تم إبلاغه للمندوب القطرى بلا مواربة.
هل احتلت قطر هكذا دور الجامعة العربية، أو على الأقل أصبحت هى الذراع المالى الأعلى عربياً، والذى يتفوق على الجامعة العربية نفسها؟
قطر تبحث عن دور سياسى يتجاوز حدودها كدولة صغيرة، وهى تفعل ذلك لا تقيم وزنا للجامعة كمؤسسة إقليمية من المفترض أنها تعلو على الجميع.
الجامعة العربية شأنها شأن أى منظمة إقليمية أو دولية: انعكاس واضح للإرادات السياسية لمجموعة الدول التى تتشكل منها، وهى الدول العربية التى تتضارب مصالحها وتتباين رؤاها تجاه القضايا المختلفة، هذا ما يشير إليه عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق، وإذا تخلت عن دورها أو تم إضعافها يسارع آخرون إلى ملء الفراغ الذى تتركه وراءها.
الأمين العام والأمير سعود الفصيل وزير الخارجية السعودى أثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب فى الشهر الماضى، حاولا إظهار أنياب الجامعه بتهديد الفصائل الفسطينية, وهى من المرات النادرة فى التاريخ العربى.
الأشعل يرى أن تهديدات عمرو موسى ضد الفصائل الفلسطينية بمثابة «كلام بطيخ»على حد قوله، وأن هذا يعد هروبا من المسئولية، فالجامعة يجب أن توجه التهديدات إلى جميع الفصائل الفلسطينية، بما فى ذلك فتح، وهى التى لم تطلها التهديدات لأنها تمثل السلطة الفلسطينية.
الأشعل يشير إلى أن تهديدات موسى هى مجرد موقف ليس له أى مضمون، ولن يستطيع معاقبة أو فرض إرادته على الفصائل الفلسطينية.أما الدول التى تقدم مساعدات ومعونات للشعب الفلسطينى، فتقدمها لاعتبارات وطنية, والأمين العام لا يملك منع هذه المساعدات مثلاً كوسيلة للضغط على الفصائل، إذ أن دولة كالسعودية تمنح المعونات لاعتبارات سياسية بحتة، ما البال وهناك حالة انفصال بين موقف الجامعة وبين بعض دولها، والكثير من الدول العربية لا تلتزم بقرارات الجامعة من الأساس.
السفير أحمد الغمراوى مساعد وزير الخارجية السابق، طرح رؤية لا تختلف كثيراً عما طرحه الأشعل قائلاً: عمرو موسى هو ممثل للحكومات العربية ولايستطيع أن يفعل شيئاً، إلا ما تقرره هذه الحكومات، مشيراً إلى أن هذا التهديد لابد وأن يكون بناء على شبه إجماع عربى بعد أن أصبح هناك قناعة بأن الفصائل الفلسطينية، غرقت فى هذا العمل ضد مصالحها، لذلك آن الأوان لمحاسبتها ووقف استنزاف الجهود التى تقوم بها الدول العربية..
العقوبات فى حال إقرارها يجب ألا تمس الشعب الفلسطينى بل قادة الفصائل فقط، ويمكن للدول العربية أن تستخدم ورقة الدعم العربى للفلسطينيين فى هذا الاتجاه، ويرى الغمراوى أنه يكفى منع تقديم أى دعم للجهة التى تمتنع عن تنفيذ التعليمات، أو ما يتم الاتفاق عليه خلال الحوار الفلسطينى، وذلك لتعرية هؤلاء المسئولين أمام شعبهم، على أن يتم تقديم الدعم للشعب الفلسطينى مباشرة، من خلال الجامعة العربية أو عن طريق الأردن ومصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة