الرفق بالحيوان وطرق العناية به والمحافظة عليه أصبحت تحظى باهتمام العديد من دول العالم، و فى الآونة الأخيرة ارتفعت النعرات الغربية بهذا الأمر، واستهدفت العديد من المنظمات الدولية المعنية بمجال الرفق بالحيوان منطقة الشرق الأوسط، حيث يقيم المكتب الدولى للأوبئة الحيوانية ( OIE ) بباريس، والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية مؤتمرهم الدولى الثانى تحت مسمى "الرفق بالحيوان"، والذى تم التمهيد له بما يسمى المؤتمر الإسلامى الأول حول مبادئ الإسلام فى نقل وذبح الحيوانات، والذى عقد فى القاهرة فى 18 و 19 من أكتوبر الجارى.
الهدف المعلن للمؤتمر الدولى الثانى هو مراجعة وتنفيذ ما يضعه المكتب الدولى بباريس من معايير فى مجال الرفق بالحيوان ورفاهيته ومتابعة مدى تطبيقها فى دول العالم وعلى رأسها الدول العربية، وذلك طبقاً لما أعلنه الدكتور "بيرنارد فاليت" المدير العالم للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية، خاصةً فيما يصدقه الغرب من طرق مبتدعة لإزهاق حياة الحيوان فى المجازر. شارك فى المؤتمر 168 دولة، مثل مصر فيها رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وانبثق عن المؤتمر عدة بروتوكولات، وكان من الطبيعى والمتوقع أن توافق مصر عليها، ومن ثم تصبح مصر ملزمة بتنفيذها من جهة، وتعاقب دولياً فى حالة مخالفتها من جهة أخرى.
والرفق بالحيوان لا يحكمه فى مصر مفهوم الرفاهية وإنما يحكمه مفهوم أعمق وهو الرحمة، التى تأمر بها كل الأديان السماوية، ومصر كان لها السبق فى وضع التشريعات الدستورية الداعية إلى الحفاظ على حقوق الحيوان، وصدر تشريع بهذا الخصوص فى عام 1902، علماً بأن الإعلان العالمى لحقوق الحيوان صدر عام 1978 والصادر عن العصبة الدولية بباريس، تلك الحقيقة التى أشار إليها الدكتور سامى طه المتحدث الرسمى لمنظمة "بيطريون بلا حدود" لم تكن الشئ الوحيد لتقدم مصر فى هذا المجال، بل إن هناك نصوصاً واضحة ومفصلة تمنع أى صورة من صور القسوة بالحيوان بقانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966.
الأمر لا يتوقف مع السبق التاريخى لمصر فى سن التشريعات التى تدعم مبدأ الرفق بالحيوان، فذبح الحيوان بالطريقة المعروفة أمر حضارى مستقر فى الحضارة المصرية، حيث يوجد نقوش واضحة لطريقة الذبح فى المقابر الفرعونية فى "بنى حسن" ومقابر "وادى الملوك" بالأقصر، كما أن التعبد كان ولا يزال له علاقة قوية بطريقة الذبح المعروفة لدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث "اليهودية، والمسيحية، والإسلام"، علاوةً على أنه أمر شرعى فيه كل رحمة، وقد أشار شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى إلى هذا المعنى فى كلمته التى ألقيت على هامش المؤتمر الإسلامى الأول يوم السبت الماضى، والتى أكد فيها على أن الإسلام وضع الضوابط اللازمة لاحترام حقوق الحيوان، واعتبر أن كل عمل ينافى الرفق بالحيوان أو التعامل معه بما لا يناسب مبدأ الرحمة أو تعذيب الحيوان عند ذبحه يعد عملاً آثماً مجرماً، مضيفاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالإحسان فى كل شئ، مشيراً إلى الحديث الشريف "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته".
وهو ما أثبته علماء الطب البيطرى حديثاً من أن الحيوان لا يشعر بأى ألم أثناء ذبحه من خلال طريقة الذبح المعروفة، وذلك بعد قطع الوريدين والودجين وهم عرقان فى صفحتى العنق "gyjlar zeins" وقطع القصبة الهوائية والمرىء، حيث يتم سحب الدماء من المخ فلا يشعر الحيوان بأى ألم، كما أنه يتم استنزاف الدماء من الذبيحة.
ويعود الدكتور سامى طه ليؤكد أن الطرق الغربية والتى استخدمت حديثاً.. تحاول المنظمات الغربية المنظمة للمؤتمر أن تضعها ضمن أجندة المؤتمرات التى تقوم بتنظيمها، وتفرضه على باقى الدول المشاركة والعربية منها بصفةً خاصة، على اعتبار أن الطرق المعروفة لقتل الحيوان لدى هذه الدول وهى "الذبح" تعد طريقة وحشية متنافية مع مبدأ الرفق بالحيوان، ورجح أن يكون الطعن فى أحد مبادئ وثوابت الشريعة الإسلامية فى ذبح الحيوانات هو من أهم الأهداف غير المعلنة، بالإضافة إلى إلزام تلك الدول حينما تستورد من الغرب لحوماً بطرق الذبح الغربية المصطنعة تحت مسمى "القتل الرحيم".
أشار طه أن الطرق الغربية ترتبط بصناعة اللحوم ولا تعتمد على أى نص دينى، وهى عبارة عن طريقتين، الأولى: الصعق بالتيار الكهربى، والخنق بثانى أكسيد الكربون، وهذه الطريقة قد تودى بحياة الحيوان قبل طعنه فى قلبه لإخراج بعض الدماء من جسم الحيوان.
والطريقة الثانية: تكون من خلال صرع الحيوان بإطلاق طلقة رصاص من مسدس خاص على منطقة جبهة رأس الحيوان بهدف إتلاف المخ، أو ضرب الحيوان على رأسه بمطرقة، وهذا يعد قتلا مع التعذيب، وهى ما عرفها القرآن الكريم فى سورة المائدة بـ "الموقوذة" وهى ميتة حرمها الإسلام.
ومن المدهش أن المؤتمر المذكور أطلق على هذه الطريقة "الذبح الرحيم"، وفى هذا السياق لفتت منظمة "بيطريون بلا حدود" فى بيانٍ لها نظر المسئولين فى الحكومة وبالتحديد وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية بأن التوقيع على ما يضعه المجلس الدولى بباريس أمام هذا المؤتمر يعتبر مخالفاً للشريعة الإسلامية.
وفى هذا الإطار أبدى عدد من أساتذة وعلماء الطب البيطرى فى مصر لليوم السابع استعدادهم لمناظرة أقرانهم الأوروبيين فى هذا الأمر، وبحضور علماء الأزهر الشريف. يذكر أن هذا المؤتمر الذى أقيم على أرض مصر هو المؤتمر الثانى دولياً، حيث أقيم المؤتمر الأول عام 2004 فى باريس.
"الذبح الرحيم".. تعذيب للحيوان حرَّمته الشريعة!!
الخميس، 23 أكتوبر 2008 10:59 ص
الرفق بالحيوان من تعاليم كافة الديانات السماوية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة