جاء صوت ابنة صديقتى الصغيرة فى التليفون متحمسا، لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، رقيقة، خجولة لدرجة الاستفزاز الذى يحرضنى أن أنصحها دائما بأنها لازم «تتجرأ»، لدرجة أغضبت والدتها منى ذات مرة عندما «حرضت الفتاة أن تناقش والدتها بأدب عندما ترفض لها طلبا ما، وأنها لابد أن تتخلى عن جملة «حاضر «دون مناقشة.
المهم أننى كنت بنفس درجة الحماس عندما قالت لى إنها تجرأت وانتظرت سماع قصتها المثيرة عن الجرأة والتمرد، فإذا بها تقول لى «المستر شتمنى لأنى غلطت وقال لى انت حمارة، فقلت له، أنا مش حمارة وما باحبش حد يشتمنى، ممكن حضرتك توجهنى لكن من غير إهانة».
كدت أن أطير فرحا بهذا الرد، كنت فخورة بها لكنها صدمتنى قائلة:
«المستر اشتكى لمامى.. وقال لها: «ندا» بترد على، هى بترد على باباها بالطريقة دى؟ «فإذا بالأم تقول له «الحقيقة إن باباها ما بيشتمهاش لأن البنت حساسة جدا».
سعدت بالموقف حتى نهايته «موقف ندا وأمها»، وحاولت التجويد و«تكريس مفهوم المناقشة والحوار عند ندا، خاصة أنها قالت لى» عارفة لو كان قال لى أنا زعلان منك لأنك غلطت فى السؤال كان ممكن أتأثر وألوم نفسى على عدم التركيز، لكن يشتمنى لأ، فقلت لها: «مفيش مانع إنك تشرحى للمستر وجهة نظرك بهدوء، وتقولى له إحساسك ده».
جاء صوتها محبطا فى المكالمة التالية «حاولت أشرح له، قال لى أنا عارف إنك ندمانة ومش حتسمحى لنفسك إنك تردى على مرة تانية». لم أعرف ماذا أقول لندا وهى تشعر بالقهر «كان نفسى أوى أقول له وجهة نظرى واللى أنا حاسة به، رده على خلانى أكرهه، ومش عاوزة أحضر الحصة، ولما حاولت مرة تانية أفهمه، قال لى «أنا مش ح أضيع وقتى فى الدردشة معاك... خلصنا بقى».
كان القهر وخيبة الأمل هو شعورى أنا أيضا وليست ندا وحدها، خاصة عندما قالت لى بدعابة تحمل نبرة المرارة «شفت آخرة الجرأة إيه؟».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة