عاطف حزين

.. وعاطف حزين يقرأ فى دفتر السنة والشيعة:

أنت من «السنيين» يا على

الخميس، 23 أكتوبر 2008 01:29 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أغضب كثيراً جدا وأنا صغير عندما يسألنى زملائى فى المدرسة: أنت مسلم ولا مسيحى؟ وكثيرا ماعدت إلى بيتى باكيا فتهدئ أمى من روعى وتقول لى: هتعمل إيه؟ قسمتك كده واسمك كده ممكن يدى على مسلم وممكن يدى على مسيحى.. وبعدين أنت زعلان ليه؟ كلنا بنعبد رب كريم.

قالت أمى هذه الجملة لى وأنا لسة يادوب فى تانية ابتدائى، ومن يومها لم أعد أتضايق أو أبكى من ذلك السؤال الذى يلاحقنى حتى بعد أن شارفت على الخمسين، بل إننى إذا أحصيت عدد الزملاء المسيحيين الذين اقتربت منهم طوال سنوات الدراسة والعمل لاكتشفت أن عددهم ربما يفوق عدد الزملاء المسلمين الذين اقتربت منهم، هكذا بالصدفة ودون أى ترتيب أو تفضيل لشخص على آخر حسب خانة ديانته.

وعندما تم تهجيرنا إلى مدينة دمياط شاء حظنا أن نسكن قبالة مسجد جماعة أنصار السنة المحمدية أو جامع السنيين كما يقول العامة، وعلى بعد خطوات من المسجد كان يوجد مسجد آخر لغير السنيين. لاحظت أن الأذان فى جامع السنيين مختلف عن الأذان فى المسجد الآخر، ليس من حيث الكلمات ولكنها الطريقة التى تقال بها، ففى مسجد السنيين يؤذنون بسرعة وبدون تنغيم للصوت، بينما يؤذنون فى المسجد الآخر كما يؤذنون فى الراديو. وعندما صليت فى المسجدين لاحظت أيضا ما هو أغرب، ففى حين تستغرق صلاة الجماعة فى مسجد غير السنيين خمس دقائق كانت تصل إلى عشرين دقيقة على الأقل فى جامع السنيين، لاحظت أيضا أن صلاة الجمعة فى مسجد السنيين بأذان واحد بينما تقام فى المسجد الآخر بأذانين.
ولأن أبى كان يفضل الصلاة فى مسجد السنيين أيقنت أن الصح هو ما يتم داخل هذا المسجد وما عداه فهو خطأ وحرام كمان. وعندما فاتحت أبى بهواجسى فوجئت به يقول لى جملة قريبة من الجملة التى قالتها لى أمى وأنا فى تانية ابتدائى، فقد سألته: من الأفضل عند ربنا المسلمون الذين يصلون فى جامع السنيين أم الذين يصلون فى الجامع التانى؟ فرد أبى قائلا: ربنا رب قلوب.. والصلاة فى أى مكان مقبولة.. المهم أنك تصلى. قلت له: ولكنهم يطيلون الصلاة هنا ويخطفونها هناك. فأجابنى: عندما تكبر قليلا وتقرأ فى المذاهب الأربعة ستعرف أن الاختلاف فيما بينها رحمة بالعباد.

حتى ذلك الوقت وبعدها بأعوام ليست قليلة لم أكن أعرف شيئا عن الشيعة إلا أنهم الذين خانوا سيدنا على وولديه الحسن والحسين ثم قضوا حياتهم يلطمون ويشجون الرؤوس تكفيرا عن خطيئتهم، ثم ذاع صيتهم مع ظهور الإمام الخومينى والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحاولاتهم تصدير الثورة إلى الدول الإسلامية المجاورة، ثم عرفتهم أكثر وأكثر أثناء زياراتى للعراق وعرفت أنهم فرق كثيرة منها المتشدد ومنها المتوسط فى الغلو ومنها المعتدلة التى لا تختلف عن السنيين إلا فى تفاصيل صغيرة يمكن التجاوز عنها سيما وأنها لا تتعلق بالعقيدة. لكننى اكتشفت فى العراق أثناء زياراتى المتعددة للعتبات المقدسة فى النجف وكربلاء أن المتطرفين من الشيعة وهم كثر - يكرهون سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر وستنا عائشة أم المؤمنين ويلعنونهم جميعا فى خطبة الجمعة، وأنهم يعتقدون بأن الرسالة كانت ستهبط على سيدنا على لكنها أخطأت طريقها إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يومها تجرأت وسألت أحدهم وكان سائق تاكسى: أنا لا أصم أحدا بالكفر لكنكم تقولون أن الله أخطأ أو أن الروح الأمين جبريل لم يستطع التفريق بين محمد وعلى فإذا لم يكن هذا هو عين الكفر فقل لى بربك ماهو الكفر؟ لكنه رد على بمتهى البجاحة: الكفر من وجهة نظركم ليس بالضرورة أن يكون هو الكفر من وجهة نظرنا.

كنت قد وصلت إلى الفندق فحمدت الله لأننى لم أضطر إلى استكمال المناقشة معه، فمثل هذه المناقشات التى لا ترسو على شط مضيعة للوقت ومهلكة للأعصاب, مع ذلك أصررت على معرفة الكثير عن الشيعة، تأملت صلاتهم وسمعت أذانهم وصليت معهم دون أن أسجد مثلهم على الطوبة، سمعت منهم عن فلسفة زواج المتعة فلم أقتنع بأن الله يمكن أن يحلل زواجا لمدة ساعتين أو يومين أو شهرين أو لأى مدة محددة فى عقد الزواج، أعترف أننى آنست إلى بعضهم ودخلت بيوت بعضهم ورأيت صورا مرسومة لسيدنا على وسيدنا الحسن وسيدنا الحسين يعلقونها على جدران منازلهم. لكننى اكتشفت أن المتشددين منهم لا يصلون ولا يلبون النداء إلا قليلا فنفرت منهم ولم أشعر بأنهم قريبون منا، وعندما رأيتهم ينتقمون من أهل السنة فى العراق رغم أنهم عراقيون ومسلمون مثلهم لمجرد أن صدام حسين كان سنيا أيقنت أن التعصب الشيعى ليس له علاقة بالدين، إن هو إلا تعصب عرقى وسياسى ومذهبى، أيقنت أن أهل السنة فى مصر يحبون آل البيت ومتعلقون بهم أكثر من هؤلاء المتشيعين المتعصبين، أيقنت أن انتسابهم لسيدنا على أكبر إساءة له كرم الله وجهه، والحمد لله أنه لا يوجد شيعة فى مصر بالشكل المتطرف الموجود فى إيران والعراق، وليس بالقدر الذى يمكن أن يأتى يوم ويسألنى فيه أحدهم: أنت سنى ولا شيعى؟ فيومها لن أغضب ولن أبكى ولن أشكو إلى أمى؛ لأنها لا تعرف شيئا اسمه الشيعة، ولو عرفت لن تقول لى هذه المرة مثلما قالت لى وأنا فى تانية ابتدائى عن المسيحيين: كلنا بنعبد رب كريم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة