السيد رئيس الوزراء سأل أسرة جريدة الأهرام: «من يستطيع أن يتحمل فاتورة 40 ألف مدرسة ومليون مدرس و17 جامعة بالمجان؟» وطالب المجتمع بتوفير تمويل لرفع مستوى التعليم. حديث سيادته ذكرنى بكاريكاتير لحجازى، تطالب فيه سيدة «تغسل الهدوم» أن يساعدها لأن المرأة نصف المجتمع، أجابها وهو يخرج من الشقة «الكلام ده تقوليه هناك.. فى المجتمع»، وقال أيضًا إن الخصخصة فى مصر ليست مجرد بيع، وأن حكومته تعمل وفق قواعد التنافس فى السوق.. طبعا هذا الكلام أيضًا يقال «هناك.. فى المجتمع».
هشام طلعت مصطفى مثلا، يعيش فى المجتمع، حصل من الحكومة على مساحة 8 آلاف فدان لصالح مشروع مدينتى، دون مقابل نقدى فى إطار عملية مبادلة تحصل الحكومة فيها على ما يتراوح بين 7 و 10 % من المشروع، كأراض كاملة المرافق أو عقارات ضمن المشروع ذاته «المصرى اليوم»، أحمد عز يعمل وفق قواعد التنافس فى السوق! ونفى فى «الوطنى اليوم» عزمه إنشاء أمانة التنظيم بالحزب لمركز معلومات مدعم من مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء لا تعرف لماذا؟ غياب صفوت الشريف وزكريا عزمى عن الاجتماع، الذى عقده السيد الرئيس مع الحكومة لمعالجة الأزمة المالية اعتبرته «الأهالى» إشارة إلى استبعاد الحرس القديم، وإخلاء المجال العام لجمال مبارك، حتى يكون ترشيحه للرئاسة - إذا حدث - سلسا» ولكن محمود مسلم تذكر حوارا أجراه مع الشريف - قبل عام - قال فيه «أنا أحسن تقييم نفسى وأدائى، وأسوأ أمر أن يتصور الإنسان قدرات فى نفسه غير موجودة، فيصاب دائمًا بالإحباط.. وأنا لا أصاب بالإحباط».
ولكن الإحباط الذى أصابنى بسبب لقاء السيد الرئيس سمير جعجع تفوق على الإحباط الذى جعل وزير خارجيتنا أحمد أبوالغيط، يذهب إلى بغداد يوم احتفالنا بنصر أكتوبر العظيم، لدعم الاحتلال الأمريكى للعراق والإعداد لفتح السفارة هناك..
وتفوق على ما نشرته «البديل» عن وجود مليون و200 ألف عقار مخالف لاشتراطات البناء، و111 ألف قرار إزالة و89 ألف قرار ترميم وصيانة لم تنفذ، و50 ألف عقار غير آمن يصنف سكانها فى عداد القتلى المحتملين، «ومعظم هذه الأرقام رسمية»، ناهيك عن استقبال مكتبة الإسكندرية أكاديميين إسرائيليين للبحث عن حل سلمى للنزاع، السفير على ماهر «مدير مركز دراسات السلام فى المكتبة»، قال إن المائدة أوصت بتوجيه استثمار الأموال فى المنطقة إلى التعليم وليس للتسليح!
محمد منير اختتم أغنياته فى احتفال الكلية الجوية بأغنية «خلى السلاح صاحى» وكان موفقا للغاية، ولهذه الأغنية حكاية تدعو للتفاؤل، قبل سنوات قليلة خرج تامر حسنى «المتهرب من التجنيد» من السجن، وغنى فى احتفالات أكتوبر، وذهب لحضور حفل لمنير فى الأوبرا، وعندما صعد على المسرح غنى شباب منير وجمهوره الشاب النقى بصوت جماعى هذه الأغنية «خلى السلاح صاحى.. صاحى» إلى أن نزل من على المسرح متوجها بعد ذلك إلى حبيبه عمرو خالد.
محمد منير أعاد غناء الأغنية أمام السيد الرئيس، وهو تصرف ذكى، ولأن منير فنان عابر للأجيال، يحمل قلبا دافئًا وإحساسًا بالمسئولية تجاه محبيه، وأنا أحب منير وأعتبره من أصدقائى الرائعين، رغم اختلافنا فى بعض الأمور «السياسية طبعا» ونجاحاته المتجددة هى نجاح للموهبة فى توقيت ضد الموهبة.. ولا أدرى لماذا ظهر لى محمد فوزى فجأة هذه الأيام، أيام الأزمة المالية، أيام أزمة السلطة والمعارضة فى مصر، أيام عدم الثقة فى المستقبل، أيام الأكاذيب ورجال الأعمال والنخبة الجديدة، محمد فوزى «حاجة كبيرة» فى الموسيقى والغناء، لم يلتفت إلى ذكراه إلا طارق الشناوى فى «الدستور»، قال لى بليغ حمدى إن «بلدى أحببتك يا بلدى» هى الأغنية الوحيدة التى حملت هزيمة 1967 على كتفها، رغم رحيل صاحبها فى 20 أكتوبر 1966، كان صوته فيها «يواسى» الناس، ينزل عليك صوت فوزى لكى تسترخى ملامحك ويرقص قلبك، ينقلك إلى مناطق فى طفولتك، أنت لا تذكر هل كانت سعيدة أم لا؟ ولكنها مقرونة بطفولة خالدة، ملامحه تذكرك بأقارب رأيتهم فى أعياد بعيدة، ملامح «شبعانه رضا»، تشعر أن خلفها حدائق ومآذن وطرقا آمنة وملامح فلاحين استيقظوا لتوهم، وأفراحا وموالد وأوبرا وصيادين ومداحين ومنشدين، وقبل أى شىء شخصا على باب الله، ينتهز أى فرصة لكى يواسى نفسه بالغناء، هو ابن الموسيقى التى أخذته من يده إلى قلوب المصريين المتعطشة للموسيقى، عندما وصل القاهرة أواخر الثلاثينيات، كانت القاهرة عاصمة وكان أبناء المدن قد شيدوا صروحًا هائلة للغناء منذ منتصف القرن التاسع عشر، وأبناء المدن «القاهرة والإسكندرية تحديدًا» يكتبون تاريخ الموسيقى المصرية الحديثة، إلى أن جاء هذا الطنطاوى، الموالدى، الصييت، المداح المثقف، ليقدم فتحا جديدا فى هذه الموسيقى، لأنه حمل بداخله بساطة الريفى الذى يتحول فى حضرة الغناء إلى شخص آخر، اكتشف أقصر طريق إلى البهجة، لم يكن مشغولاً بإرضاء ذائقة الطبقة التى كانت تشكل القوة الشرائية الرئيسية آنذاك، كان مشغولاً بالغناء لأصدقائه وأهله لكى يؤكد لهم أنه صديق طيب وابن بار، لم تكن جمله الموسيقية بلاغية، كانت نافذة مثل شعر صلاح جاهين، تصيب الهدف من طريق سهل جدًا، تستغرب كيف اكتشفه؟
مات محمد فوزى قبل اثنين وأربعين عامًا، وأصيب الغناء فى مقتل بسبب النكسة، وبعد هذه السنوات أصبح الوليد بن طلال، هو الذى يحدد لأبناء المدن والقرى فى مصر ماذا يغنون، وترك هشام مصطفى ملياراته الـ35 وذهب إلى السجن من أجل امرأة، ورئيس الوزراء قال لأسرة «الأهرام» إن الكوارث المتلاحقة سببها الإهمال والمصادفة، وأن إيراداتنا زادت وهى التى أنقذتنا من موجة الغلاء العالمى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة