أزمة الوليد بن طلال الأخيرة مع وزارة الزراعة، كشفت عن وجود نوعين من المستثمرين العرب فى مصر، الأول لا يلتزم بالكثير مما تم الاتفاق عليه وإذا انتقده أحد أو تم اتخاذ أى إجراء ضده يهدد ويلوح بعلاقاته بالسلطة ونفوذه وحجم استثماراته ويستخدم كلمة «بفلوسى» فى كل أحاديثه وحواراته، فى مقابل نوع آخر يساهم باستثماراته فى زيادة المشروعات التنموية والخدمية فى صمت ودون أن يذكرنا دائما بنفوذه الضخم وحجم استثماراته.
النوع الأول يمثله الوليد بن طلال الذى يتعامل دائما بسياسة «لى الذراع» مع الحكومة حتى جاءت أزمته الأخيرة مع وزارة الزراعة، والتهديد بسحب أراضى توشكى منه والتى كان من المفترض أن يقوم باستصلاح 20 ألف فدان منها كل 3 سنوات، لتؤكد أن الكيل قد فاض ولتكسر جزءا من تلك الشوكة.
أما النوع الثانى من المستثمرين العرب فتمثله «مجموعة الخرافى الكويتية» لصاحبها ناصر الخرافى، التى بدأت استثماراتها فى مصر منذ 50 عاماً، ولم نسمع عنها أى تصريحات بسحب أى من مشروعاتها من مصر رغم الأزمة التى حدثت مؤخراً فى العين السخنة بعد قرار الحكومة برفع أسعار الطاقة وإلغاء الإعفاءات الضريبية على الشركات العاملة بنظام المناطق الحرة، فالثابت أن ناصر الخرافى دائما يتجه إلى أسلوب الحوار مع المسئولين لإنهاء أزماته دون التلويح بسحب استثماراته لإجبار الحكومة على التراجع عن قراراتها، بل على العكس يركز «الخرافى» دائما على زيادة استثماراته فى مصر حتى تجاوزت 33 مليار جنيه، ويتوtقع زيادتها فى المرحلة المقبلة إلى 50 مليارا.
وجود النموذجين السابقين فتحا الباب أمام العديد من التساؤلات، منها: لماذا هذا الصبر الحكومى مع النوع الأول من المستثمرين الذى يمثله الوليد؟ وهل هناك امتيازات معينة تقدم لمستثمر ملتزم مثل الخرافى أم لا؟ ومن الذى نستفيد منه أكثر، صاحب التصريحات والتهديدات التى لا تنتهى.. أم من تزداد استثماراته يوما بعد يوم ويلتزم بكل تعهداته فى صمت؟
الدكتور أحمد غنيم أستاذ التجارة الخارجية جامعة القاهرة يؤكد أن بعض المستثمرين العرب والأجانب فى مصر يتعاملون بتعال مع مصر وكأنها بدون استثماراتهم لن يقوم للاقتصاد المصرى قائمة، ولذلك يجب التركيز على المستثمرين الجادين الذين يضعون مصر فى مقدمة اهتماماتهم ،وأن يتوفر لهم مناخ استثماري جيد يؤدى إلى جذب المزيد من الاستثمارات دون اتباع أسلوب الإلحاح على مستثمر ما، مثلما يحدث مع البعض وعلى رأسهم الوليد بن طلال، الذى دائما ما يسىء لمصر والمصريين فى تصريحاته، كما أنه دائما ما يلوح بمكانته كأمير سعودى، كوسيلة لإرهاب الآخرين. وهذا النوع من المستثمرين غير منتج على الإطلاق، وساعد على تضخم الذات عنده السياسات الحكومية المتبعة فى قطاع الاستثمار التى تساند هذا النوع من المستثمرين، فى المقابل نجد مجموعة الخرافى الكويتية تزيد من استثماراتها فى مصر دون ضجيج، ولها العديد من المشروعات أهمها فى قطاع البترول، والمستثمر الذى يفكر فى استثمار أمواله فى قطاع البترول فى مصر هو من يفكر فى مصلحة البلد.
الدكتور أحمد ثابت، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أكد هو الآخر أن الاستثمارات فى مصر، خاصة الخليجية تحكمها فى المقام الأول قوة النفوذ التى يتعامل بها المستثمر ومدى علاقته بالمسئولين وأصحاب القرار، وظهرت المجاملات لبعض المستثمرين مثلما يحدث مع الوليد بن طلال وغيره من رجال الأعمال، وغالبا لا يتم تدارك الأمر إلا بعد فوات الأوان مثل التفكير فى سحب أراضى توشكى من الأمير السعودى، بعدما ثبت عدم جديته فى استصلاح الأراضى التى حصل عليها، وهذا النموذج من المستثمرين لا يفيد مصر فى شىء.
ويضيف ثابت لابد من التركيز على الاستثمار فى القطاعات الحيوية التى يشعر بها المواطن البسيط وليس الاستثمار السياحى الذى لا يشعر به سوى النخبة، واستثمارات مجموعة الخرافى كمثال تصب فى المصلحة العامة، حيث تسهم فى إقامة مشروعات البنية التحتية مثل إنشاء كبارى وطرق، مرورا بشرائه شركة الورق الأهلية دون أن يتخلص من العمالة المصرية لتبقى الشركة بعمالها دون تغيير، وهذا لا يعنى أننى ضد الاستثمار السياحى أو الفندقى ،ولكن ضد أن تكون جميع الاستثمارات فى القطاعات النخبوية والترفيهية فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة