لاشك أن تقنين تعدد الزوجات، وطرح مثل هذه الدعوات ومن ثم تنفيذها، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجة التطور فى المجتمع، وبالنسبة للزواج بأكثر من واحدة، فهوليس بالأمر الجديد، فقد واجهته أوروبا وحاربته فى عصر النهضة الحديثة، حينما اتفق رجال الدين هناك مع رجال القانون المدنى الوضعى على إلغاء حق الرجل فى الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت الأسباب.
أما عندنا فالملاحظ أن أصحاب هذه الدعوات والمقترحات، التى تنادى بفرض قيود، ويثيرون الشبهات حول عملية التعدد، يستندون إلى وجود التجربة وتطبيقها فى دولة إسلامية شقيقة هى تونس؛ لكنهم يتناسون أن المناخ الاجتماعى والثقافى يختلف فى مصر عنه فى تونس، فقد مرت مصر بفترات ظهر فيها التعصب والتشدد، وانعكس هذا على العديد من القضايا الحياتية، وكان المناخ العام متأثراً بتلك الأجواء المضطربة.
وإذا كانت هناك ضرورة لمثل هذه المقترحات؛ فالوقت الحالى غير مناسب لها، كما أنه لو خرج علينا مشروع قانون لهذا الغرض، فلن يمر بسهولة ولن يقبل به أحد، حتى لو كان الأمر مجرد وضع شروط أو ضوابط، خاصة أن المؤسسة الدينية سوف تقف بالمرصاد لمثل هذه المقترحات التى تخالف النص القرآنى، فقد قال تعالى فى كتابه الكريم «فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع»، وفى هذه الآية نص صريح يبيح التعدد، ولا اجتهاد مع النص، ومع وجود النص
الواضح «فالحارة سد».
إن القوانين التى تم إقرارها مؤخراًً ضمن قوانين الأحوال الشخصية مثل قانون الخلع، انبثقت من داخل نصوص جاءت بها وأقرَّتها، أما منع التعدد أو تقنينه فلم يأت به نص بأى صورة من الصور، ومع هذا فإنى أوافق على التدخل فى عملية الجمع بين أكثر من زوجة؛ لعل هذا يقلل من بعض المشاكل التى قد يكون لها ضحايا من الأطفال فى الأغلب، ومع اننى لستُ متفائلاً بإمكانية صدور مثل هذه القوانين فى المدى القريب، فإننى لا أنكر أن هذا التقييد لو حدث، ربما ينتج عنه زيادة فى العلاقات غير المشروعة خارج نطاق الزواج، وفى النهاية رأى الدين ممثلاً فى المؤسسة الدينية، هو الذى سيحسم اللغط حول مثل هذه القضايا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة