وزارة التربية والتعليم انهت العام السابق بمهزلة تسريب امتحانات الثانوية العامة، وأبت إلا أن تبدأ العام الجديد بمهزلة أخرى، ومن يريد التأكد ليس عليه سوى سؤال الطلبة والمدرسين.
صورة وزارة التربية والتعليم تلطخت باضطراد على مدى السنوات الماضية. وفى ظل تدهور سلوكيات الطلاب أصبح البعض يعتبر أن وجود كلمة "تربية" فى اسم الوزارة لا محل له من الإعراب. لكن التدهور امتد أيضا إلى النصف الآخر من مهمة الوزارة بفعل عجزها المثير للشفقة عن إدارة عملية التعليم فى حد ذاتها.
وحين كنت أستمع لتأكيدات بعض المتفوقين من طلاب الثانوية العامة فى المدارس الحكومية عن أنهم أمضوا العام الدراسى بالكامل فى حالة غياب دائم عن المدارس مع الاكتفاء بالدروس الخصوصية، كنت أعتقد حين أسمع تلك التأكيدات، أن المسألة تتعلق بعيب هيكلى فى العملية التعليمية لا يسهل علاجه بين يوم وليلة أو بقرار واحد. لكن التفكير المعيب والمنطق المعوج امتدا حتى إلى القرارات المتعلقة بحدث مثل موعد بدء الدراسة. ووزير التعليم "ركب دماغه" وأصر على بدء الدراسة يوم 20 سبتمبر قبل عيد الفطر بعشرة أيام، رغم كل التحذيرات من عدم ملائمة الموعد لأجندة الأسرة المصرية المطحونة بمطالب رمضان والعيد، فماذا كانت النتيجة؟
لم أتخيل أن تكون النتيجة، أن تقرر بعض المدارس من تلقاء نفسها العمل ليوم واحد فقط فى بداية العام الدراسى، ثم استئناف الدراسة بعد العيد. وفى إحدى مدارس اللغات رأيت أولياء الأمور يشكرون مديرة المدرسة قبل أيام من "موعد الوزارة" لبدء الدراسة، لأن المديرة قررت العمل فى أول يوم فقط، ثم استئناف الدراسة ليس فقط بعد عطلة عيد الفطر، وإنما أيضا بعد عطلة السادس من أكتوبر، وماذا عن قرار الوزير؟، وأين هيبة الوزارة؟، وهل تعلم بذلك؟ أسئلة لا داعٍ لإبلاغ الوزير بالإجابات التى سمعتها عليها.
وفى مدرسة أخرى بمحافظة الشرقية لم يصل من كتب الصف الرابع الابتدائى سوى كتاب واحد لتمارين اللغة الإنجليزية. وقال المدرسون، إنهم لا يعرفون أى منهج يدرسونه للتلاميذ فى غياب الكتب المدرسية. فالوزارة أصرت على بدء العام، حتى بدون كتب لتترك التلاميذ والمدرسين مثل جندى يذهب للميدان بدون سلاح.
مثال آخر للمهزلة سمعته من بعض المدرسين الذين قرروا بعد أيام من بدء العام عدم الذهاب للمدارس، لأن الطلاب لا يحضرون. هكذا بكل بساطة. وفى ظل هذه الأمثلة وغيرها لا داعٍ للسؤال عن انطباع التلاميذ عن الوزارة المسئولة عنهم، حتى لو كانت الدراسة انتظمت فى بعض المدارس. ولتأكيد الانطباعات السلبية لدى التلاميذ حرصت مديرة مدرسة فى مدينة الشيخ زايد على إخراج التلاميذ من فصول الدرس وإعادة "تمثيل" طابور الصباح، لأن وزير التعليم وصل متأخرا إلى المدرسة فى جولة تفقدية فى بداية العام. طبعا منتهى التربية، لكن بالتأكيد أنها ليست تربية على مبادىء المصداقية والبعد عن النفاق.
وبعد هذه الأمثلة الفوضوية، ولابد أن غيرها كثير لا أدرى، ماذا تبقى لوزارة التربية والتعليم من اسمها؟!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة