طارق عجلان

"غرغرينا" قومية

الخميس، 02 أكتوبر 2008 01:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تخسر مصر أطرافها قطعة قطعة فى سبيل الاحتفاظ بالقلب؟
الخيار يبدو ضرباً من المستحيل والجنون, لكنه الأقرب إلى الصحة والمنطقية عند رصد تسلسل الأحداث التى مرت على البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة، تحديدا تلك التى تقع خارج النطاقين الجغرافى والسياسى للعاصمة.

الخيط الرفيع الذى يربط الأحداث(إرهابية وغير إرهابية)هو استمرار عملية تزييت مفاصل نظام الحكم فى القاهرة والدلتا وعواصم المحافظات القريبة, وتجاهل كل ما عداه أو خارجه, حتى لو كانت أماكن فى الجسد, لسوء حظها أنها نائية.

"الرخاوة"، هى العنوان الأبرز لما يجرى فى الأرض المترامية، بعيدا عن القاهرة ومدن النفوذ السياسى والأمنى، وهى رخاوة أمنية ظاهرة لا تخطئها العين.

ورغم التحذيرات الكثيرة من عواقب تفشى الفراغات والجيوب الأمنية والديموغرافية (السكانية) التى تنتشر كالبثور فى جسد مصر العارى، إلا أن أحدا لم ينصت, وكأن هناك سياسة متعمدة مفادها: تجاهل الأطراف مع إيلاء عناية مركزة للقلب، وبذل الغالى والنفيس فى عملية إنعاشه.

وماذا كانت العاقبة؟
الأطراف تيبست تماما, ويتهددها البتر فى أى وقت وبطرق جراحية بشعة، بعد أن أصيبت فى مقتل بـ"غرغرينا" التجاهل المقصود.

هذا ما أكدته عملية اختطاف السياح فى الجلف الكبير بمحافظة الوادى الجديد، أثناء قيامهم برحلة سفارى قرب نقطة الحدود مع السودان وليبيا.

والحقيقة أن مصر ليست بهذا الاتساع الهائل الذى لا يمكن السيطرة عليه وتغطيته أمنياً، ولدرجة أننا نعانى من جيوب متعددة على رقعة صحراتها القاحلة فى كل الاتجاهات، فالمليون كيلو متر مربع ليست كالـ 180 مليوناً، التى تتشكل منها البرازيل على سبيل المثال، فمساحة مصر لا تتجاوز عشر الهند أو الصين أو روسيا، مع ذلك تفشل وتعجز تماماً عن حماية الداخل فى عز انهماكها بالقلب.

عدوى الفشل المصرى انتقلت حتى إلى الجيران، فالدول المحيطة بمصر فاشلة أمنياً وسياسياً واقتصاديا وعسكرياً ودبلوماسياً, وهو ما ارتد الى مصر فى شكل جرأة على اقتحام الحدود، وتجاوزها تكرراً للقيام بعمليات ابتزاز مادية بحتة.

والحال هكذا, فإن الغرغرينا التى تشكو منها فى صمت قد تتحول إلى بتر, والبتر هنا يعنى انسلاخات قاسية، دويلات نوبية وقبطية... مثلاً.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة